ثائر غندور
حدّد قائد القوات اللبنانية سمير يشرح أحد القادمين من طرابلس فرحة أهالي المدينة بـ«فخامة دولة الرئيس فؤاد السنيورة». يسألون أنفسهم عن السبب الذي قد يدفع البعض إلى رفضه أو كرهه. لكن الأساس هو أنّهم يرون أن السنّة في لبنان سيطروا على البلد. قد لا يُعبّر هذا الحديث عن الموقف الحقيقي لممثّل الطائفة السنيّة الأساسي، تيّار المستقبل، لكنّه يُعبّر عن واقع في الشارع.
في المقابل، فإن الحديث الدائر بين المواطنين المسيحيين يشير إلى حالةٍ من التململ والإحباط. ولا يختلف واقع السياسيين المسيحيين كثيراً. إذ تلفت بعض الأوساط السياسيّة إلى أن هناك إحباطاً مستجداً عند مسيحيي فريق السلطة، سببه الأساسي عدم حصول الانتخاب بالنصف زائداً واحداً. وتقول المعلومات إن خيار النصف زائداً واحداً أصبح في حكم الماضي، رغم نفي نوّاب فريق السلطة هذا الأمر.
يقول الأمين العام للاتحاد من أجل لبنان، مسعود الأشقر، إن تهميش المسيحيين بدأ بعد اتفاق الطائف، إذ طُبّقت سلبيات هذا الاتفاق، ولم تُطبّق إيجابيّاته، محمّلاً هذه المسؤوليّة للسوريين والحكومات المتعاقبة. ويرى الأشقر أن هذا التهميش استمر بعد الانسحاب السوري، عبر قانون غازي كنعان للانتخابات، وحكومة السنيورة. إذ إن «المسيحيين الموجودين فيها لا يمثّلون القسم الأكبر من المسيحيين». وتخوّف الأشقر من «تطبيع الفراغ». ويرى الأشقر أن الطريق للخروج من حالة الإحباط وغياب الشراكة هو بانتخاب رئيس قوي، «لأن الرئيس الضعيف سيفاقم الأزمة». هكذا، يرى الأشقر ضرورة استعادة التوازن والشراكة في النظام، محدّداً دور الرئيس الجديد بمصالحة اللبنانيين وتأليف حكومة وحدة وطنية ووضع قانون انتخاب عادل.
بدوره، نائب زغرتا جواد بولس، يرى أن الموارنة اضطروا إلى قبول تسوية الطائف التي اقترنت بضمانات دولية لحسن تنفيدها. وتبخّرت الضمانات مع اغتيال الرئيس رينيه معوض. ويعتقد بولس بأن سلاح حزب الله هو أحد أهم العوائق التي تفترض استعادة المسيحيين دورهم، ويرى إمكان هذه الاستعادة عبر: استرداد موقع رئاسة الجمهورية، عودة المسيحيين إلى ثوابتهم الأساسية والتفافهم حول بكركي، والإصرار على ممارسة الدولة دورها السيادي ممارسة تامّة.
يجيب نائب تيّار المستقبل الدكتور مصطفى علّوش على الهواجس المسيحيّة بالتأكيد أن تيّاره السياسي مقتنع بضرورة الشراكة بين المسيحيين والمسلمين «وليس المثالثة». ويشير علّوش إلى أن الثقافة التي حصّلها المسلمون نتيجة عيشهم في وسط تعدّدي أكبر بكثير من الثقافة التي كان يُمكن أن تُحصّل لو عاش المسلمون في نظام أحادي ودكتاتوري. ويؤكّد أن وجود «المسيحيين الأقوياء سياسياً مكسب لنا». ويلفت علّوش إلى أن عدم اعتماد خيار النصف زائداً واحداً تمّ بالتنسيق مع «حلفائنا المسيحيين حتى لا تنطلق الرئاسة من موقع ضعيف». لكن علّوش يرى أن وجود الرئيس لحّود على رأس السلطة هو أحد أهم أسباب إضعاف المسيحيين، لأنه ربط قراره بالنظام السوري.
يقول زميل النائب علّوش في كتلة المستقبل النائب عمّار حوري إن الفراغ في الرئاسة لا يعني طائفة وحدها، بل كلّ الطوائف. ووفق الدستور، تنتقل السلطة إلى مجلس الوزراء. وبالتالي يجب أن تنطلق ممارسات الحكومة من قاعدة تصريف الأعمال «حرصاً على عدم استفزاز أحد». ولكن هل فعلاً تعمل الحكومة من هذا المنطلق؟