149; رعد: إذا كان السنيورة جاهزاً لقطع يده فلنبحث في تعديل الدستور
هل بدأ فعلاً الكلام عن الليسترين، بعدما تساقطت أسنان الجمهورية، أم أن للأنياب بقايا قادرة على تقطيع الوقت وتأمين هضم المرحلة بأقل الخسائر؟ وهل يصل الأمر في بلد العجائب الى درجة ربط تعديل الدستور بشرط قطع اليد؟

عشية انتهاء أسبوع الفراغ الأول، ظهرت سلسلة تطورات طرحت أكثر من علامة استفهام عن حقيقة المواقف وخلفياتها، في ظل تزايد الحديث عن الاستعدادات للموافقة على تعديل الدستور لمصلحة ترئيس قائد الجيش العماد ميشال سليمان، بالتزامن مع صدور أكثر من موقف نيابي يرجّح تأجيل جلسة مجلس النواب غداً لعدم حصول تطورات تسهّل عقدها.

«هلق عم يحكونا بالليسترين»

فما بدأ تلميحاً، تحوّل أمس الى الحدث الأبرز، مع إعلان النائب عمار حوري القبول بتعديل الدستور «في سبيل الوصول الى توافق على اسم قائد الجيش، وهو رمز لوحدة المؤسسة العسكرية التي قدمت الشهداء والدم دفاعاً عن الوطن تجاه العدو وتجاه من هدد السلم الأهلي».
واستبشر الرئيس سليم الحص خيراً بهذا التصريح «إذا كان يعبّر عن موقف جديد لتكتل 14 آذار»، ورأى في سليمان «مرشحاً توافقياً صالحاً، فأداؤه في قيادة الجيش يشهد له بالوطنية الصادقة وبأهليته لقيادة السفينة في هذه المرحلة الخطيرة»، متمنياً «أن يلقى ترشيحه إجماعاً وطنياً، وهو أساساً كان من المرشحين المفضلين لدى المعارضة قبل أن يستبعد في حمأة الخلافات السياسية المحتدمة».
وإذ نفى النائب أنطوان زهرا وجود «كلمة سر» في الموضوع، قال: «هناك إعادة طرح لكل المواضيع بما فيها تعديل الدستور لإتاحة وصوله كأحد الذين يتمتعون بالكفاءة اللازمة، وذلك بهدف ملء مركز الرئاسة».
وقد لفت النائب السابق مخايل الضاهر الى استحالة التعديل لأن المجلس النيابي «أصبح هيئة ناخبة لا مشرعة»، فيما رأى النائب ناصر نصر الله المخرج «بإلغاء المادة 49 بالكامل»، وأعلن تأييد كتلة التنمية والتحرير لـ«أي مرشح يؤمن التوافق». أما النائب الياس عطا الله فرأى أنه «عندما يكون هناك توافق، في جلسة واحدة يمكن التعديل والانتخاب».
كذلك أيّد الرئيس نجيب ميقاتي، بعد زيارته الرئيس نبيه بري أمس، إلغاء هذه المادة «إذا كان هناك من تفكير لتعديل الدستور»، مشيداً بقائد الجيش الذي «جُرِّب في أصعب المراحل وكان ذا حنكة وحكمة وصاحب مسار يثبت ذلك». وحضّ على «وقف المهاترات والتعبئة والشحن الطائفي، لأنه، عاجلاً أو آجلاً، سنعود الى ما بات اقتناعاً دائماً لدى الجميع، وهو أن لا بديل من صيغة العيش المشترك».
وتعليقاً على الموضوع، قال النائب محمد رعد: «هلق عم يحكونا بالليسترين. هذا الأمر برسم فؤاد السنيورة الذي قال إنه يقطع يده ولا يوقع مرسوم تعديل الدستور. الآن إذا كان جاهزاً لقطع يده فلنبحث في هذا الطرح». وإذ رأى في الفكرة «مناورة من البعض ليقذف الكرة في ملعب الطرف الآخر»، أردف «لن نعطل أي إمكانية توافقية إذا كان مدخلها تعديلاً دستورياً شرط أن تكون كل أطراف المعارضة متفقة ومتفاهمة عليه».
وكان سليمان قد زار أمس بري ومفتي الجمهورية محمد رشيد قباني ومطران بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس الياس عودة، مؤكداً «أن الأمن حق الوطن والمواطن، وأن المحافظة على استقرار وسلامة لبنان أمانة في يد الجيش اللبناني الذي يقوم بدوره كاملاً في هذا المجال، وأنه لا مجال للعبث بأمن اللبنانيين، والجيش على وعي كامل بالأخطار المحدقة بلبنان». واستقبل في اليرزة الوزيرة نائلة معوض ووفداً من الرابطة المارونية.

لا لرئيس كسيح أو عار

وفي الرابية واصل النائب ميشال عون مشاوراته لليوم الثالثعلى التوالي، وقال في لقاء جمعه ليلاً مع إعلاميين لجوجلة النتائج إن المعركة «ليست على انتخابات الرئاسة وإنما لاستعادة الدور المسيحي»، معتبراً أن المشكلة لا تكمن في الاعتصام في وسط بيروت، بل في السرايا، وأن الوضع الحالي في طريق مسدود، مشيراً الى أن التدخلات الخارجية عطلت الانتخابات كما حصل عام 1988، وأضاف: «يقولون إن إيران وسوريا تتدخلان في الاستحقاق الرئاسي وهذا القول يرمي الى الضغط علينا».
وأوجز المشكلة القائمة قائلاً «لا إقرار بالقيادة السياسية للمسيحيين، وإن ثمة شخصاً واحداً عطل الاجتماع الرباعي في بكركي»، متسائلاً «كيف يمكن لشخص أن يقف عقبة في طريق الاجتماع ويمنعه، وكيف يمكن لأقلية تعطيل دور الاكثرية الممثلة الحقيقية للطائفة». وكرر «أن من يمثل طائفته بقوة وبالتمثيل الاوسع هو من يمثلها في السلطة على غرار التمثيل السني والشيعي».
وقال إنه يحترم مرجعية بكركي «ولكن لا لتكون اعتراضية أو قوة سياسية في مواجهة الاكثرية على نحو الدور الذي يدفعونها إليه»، مشيراً الى أن تكتله «يمثل ثلث أصوات الناخبين اللبنانيين و70% من اصوات الناخبين المسيحيين، وأن لا نائب مسيحياً يمثل المسيحيين خارج نطاق هذا التكتل».
ورفض المجيء بـ«رئيس كسيح ولا رئيس عار» كما «يريدون»، مطالباً برئيس «له حيثية الوجود السياسي وله نواب وكتلة برلمانية ووزراء في الحكومة، ويشارك في مجلس الوزراء ولا يفرض عليه أي أمر». وقال إن الأكثرية والحكومة مسروقتان «برعاية أميركية ـــــ فرنسية والآن يريدون المجيء برئيس مسروق». ولاحظ بمرارة أن الرئاسة «رخصت وتبهدلت وصرنا نشتري رؤساء بالكيلو. هناك الآن 70 مرشحاً لرئاسة الجمهورية».
وإذ أكد عون أن كتلته النيابية متماسكة، لفت الى أنه خارج التفاوض الدائر حول ترشيح قائد الجيش «فليجربوا ويكملوا فيه. لا أحد تحدث معي ولا مع حزب الله في الأمر. إذا أتوا به رئيساً بالثلثين أكون قد هزمت، وليست هذه المرة الأولى، وسنربح في جولة أخرى»، كاشفاً عن خطوات شعبية سلمية ستقدم عليها المعارضة «لكن ليس بالاعتصام. فنحن لن نقبل بما يفرض علينا».
ورفض عون تحميله مسؤولية الفراغ، مشدداً على أن لا أحد يستطيع إسقاط التفاهم بينه وحزب الله.

الكرسي الرسولي قلق من فراغ الرئاسة

ومع بروز مواقف عدة تستبعد عقد جلسة مجلس النواب غداً، حفل يوم أمس بنشاط دبلوماسي لافت، إذ جال السفير المصري أحمد البديوي على عين التينة والسرايا والرئيس أمين الجميّل والنائبين سعد الحريري ووليد جنبلاط. كما التقى الجميّل سفيري بريطانيا فرنسيس ماري غاي، وإيطاليا غابريال كيكيا الذي كشف عن وجود «اتصالات دقيقة في الوقت الحالي، تجري في الكواليس»، وقال: «نتابع العمل للتوافق على رئيس في أقرب وقت ممكن، فلا يمكن الرئاسة أن تظل فارغة».
وزار القائم بالأعمال الفرنسي أندريه باران، الجميّل ومعوض وعون والحريري، ودعا الى انتخاب رئيس «في المهلة وبأفضل مشاركة ممكنة»، قائلاً إنه «متفائل بعقلانية»، وإن تعديل الدستور «قرار لبناني لا تتدخل فيه فرنسا». والتقى الحريري أيضاً السفير الأميركي جيفري فيلتمان، والوزيرين محمد الصفدي وشارل رزق ونسيب لحود.
أما السفير البابوي لويجي غاتي، فزار عون وقائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أنه نقل للثاني رسالة من الفاتيكان بضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية «مهما كانت الصعوبات والعوائق، ووجوب ذهاب كل القيادات المسيحية الى المجلس النيابي لانتخاب رئيس جديد». كما نقل قلق البابا من الفراغ في سدة الرئاسة «التي لا يجوز أن تبقى شاغرة، ولا سيما أنها الرئاسة المسيحية الوحيدة في الشرق». وفي معراب أيضاً، تحدث سفير إسبانيا ميغل بنزو بيريا، عن تفاؤل لدى جعجع «بانفتاح باب جديد أمام حل يمكن أن يؤدي الى ملء الفراغ».

حذر وتبادل اتهامات في طرابلس

أمنياً، نجح انتشار الجيش وقوى الأمن الداخلي وتحرك القوى السياسية الطرابلسية، في تطويق إشكال محلة أبي سمرا، لكن الحذر بقي مخيماً في الساحة التي وقع فيها الإشكال، فلم تفتح غالبية المحال التجارية والمدارس، ولزم المواطنون منازلهم، وسط تبادل للاتهامات بين حركة «التوحيد» و«أفواج طرابلس» عن المتسبب بالحادث الذي أدى الى مقتل اثنين وجرح ثمانية بينهم أسامة شعبان الذي وصفت الحركة وضعه بأنه «حرج للغاية».
ومساء أمس، اجتمعت اللجنة المنبثقة عن «اللقاء اللبناني الموحّد» الذي يضمّ فاعليات منبثقة من قوى 14 آذار في طرابلس، وأوضحت أوساط في تيّار «المستقبل» أن وفداً من اللقاء سيزور قائد المنطقة العسكرية في الشمال ويبلغه «رفع الغطاء عن أيّ شخص أو فئة تعكّر السلم الأهلي في المدينة»، في إشارة إلى «أفواج طرابلس» وغيرها.
على صعيد آخر، قال الدكتور عبد الرزاق العبسي، شقيق شاكر العبسي، إن السلطات الأردنية سمحت لزوجة الأخير بالعودة إلى الأردن. وذكرت وكالة «يو بي آي»، أن رشدية العبسي وصلت مع بناتها الأربع وابنها الى عمان، فيما بقيت ابنتها الخامسة في لبنان لكونها متزوجة من سوري قتل في معارك نهر البارد، ولم تسمح لها السلطات السورية بعبور أراضيها.