وفاء عواد
في ظل تسويق فكرة تعديل الدستور بما يؤدّي إلى وصول قائد الجيش العماد ميشال سليمان إلى القصر الجمهوري، يسترجع مصدر سياسي بارز 3 محطات شهدت وصول قاضٍ وموظّفَين من الفئة الأولى الى الرئاسة. فعام 1926، انتُخِب شارل دبّاس رئيساً، وكان حينذاك مديراً عاماً للعدلية، دون أن يقدّم استقالته قبل 6 أشهر، كما كان يفرض قانون انتخاب أعضاء مجلس النوّاب. وعام 1958، تربّع قائد الجيش فؤاد شهاب على سدّة الرئاسة، وصولاً إلى انتخاب حاكم مصرف لبنان إلياس سركيس رئيساً للجمهورية عام 1976، ولم يلقَ انتخابه معارضة سوى من مخايل الضاهر.
وتلافياً لتخطّي القانون في السوابق الآنفة الذكر، يشير المصدر إلى أن الفقرة الثالثة من المادة الـ49، التي ترتبط بنظام الترشيح وشروطه (أي بتحديد شروط الأهليّة) لا بمبادئ ميثاقية، أدخلت على نصّ المادة، عام 1990، وذلك لـ«منع الموظّفين من استغلال وظائفهم لمصلحة الوصول الى سدّة الرئاسة»، ولـ«عدم تعديل الدستور، في هذا الشأن، إلا لأسباب أكثر من استثنائية».
ويؤكّد المصدر أن لا مشكلة في تعديل الفقرة الثالثة من المادة الـ49 «اللاميثاقية»، وتخطّي مسألة مضي سنتين على استقالة قائد الجيش، بما يلبّي هدف إنقاذ الرئاسة من الفراغ. ولكن هذه الخطوة مرهونة بـ«الوفاق» الذي «يمنح الشرعية لعمل الحكومة، ولا يعطي الحكومة أي استمرارية»، إذ «بمجرّد انتخاب رئيس للجمهورية، تتشكّل حكومة جديدة».
ولأن الفراغ الحاصل لا يترك وقتاً لحرية الانتقاء، يضع المصدر التحاق الوزراء المستقيلين بالحكومة في خانة ترجمة الوفاق، ولو لساعات. وعندها، تصبح الحكومة شرعية، فـ«تقوم بكل صلاحياتها، باستثناء حلّ مجلس النوّاب، وتمارس دورها في مشروع تعديل الدستور. بعد ذلك، ترسل التعديل، وفق صيغة مشروع قانون دستوري، الى مجلس النواب الذي يجتمع فوراً لإقراره بنصاب الثلثين».
ورداً على القائلين بأنه ليس للمجلس النيابي أن يقدم على أي عمل، بما فيه إقرار تعديل الدستور، لكونه تحوّل الى هيئة انتخابية (المادة الـ75)، يوضح المصدر أن المادة المذكورة منعت أي عمل عندما «يلتئم مجلس النواب»، أي أنها حدّدت هذا المنع في الجلسات المخصّصة لانتخاب الرئيس فقط، وليس في الجلسات التي يمارس فيها وظيفتيه الرقابية والتشريعية، مرفقاً كلامه بالإشارة الى أن «لا وجود للانعقاد الحكمي إطلاقاً، بما أن رئيس المجلس يدعو الى جلسات». أمّا بالنسبة إلى كون مجلس النواب جهة يمكنها إعادة النظر في الدستور بناءً على طلب 10 نوّاب (المادة الـ77)، فيصف المصدر هذا الاحتمال بـ«غير الوارد»، نظراً للتعقيدات المرتبطة بنصاب الثلاثة أرباع وبالحكومة وبرئيس الجمهورية «الغائب».
تجدر الإشارة الى أن المادة الـ49 شهدت حتى الآن 5 تعديلات: تعديلاً إصلاحياً في فقرتها الأولى، و4 تعديلات في فقرتها الثانية (التجديد لبشارة الخوري عام 1949، التمديد لإلياس الهراوي عام 1995، والتمديد لإميل لحود عام 2004، إضافة الى تعديلها لانتخاب الياس سركيس قبل 6 أشهر من نهاية ولاية سليمان فرنجية عام 1976). فهل سيأتي تعديل الفقرة الثالثة منها تطبيقاً للقاعدة الرومانية «سلامة الشعب هي القانون الأسمى»؟.