strong> نادر فوز
استنفار واضح للقوى الأمنية وأجهزتها المدنية، والمسألة ليست إلّا «خوفاً من اقتحام السرايا الحكومية». حضرت آليات عدة لمغاوير الجيش واصطفّت بالقرب من «برج المرّ» تحسباً لأي طارئ أمني، مع العلم بأنّ المسألة نوقشت سابقاً مع بعض المسؤولين الأمنيين الذين عرفوا تفاصيل التحرّك وحجمه. وتحضيراً للتصدّي لوهم «راجح»، انتظرت العناصر ما يزيد على نصف ساعة، إلى حين وصول المعتصمين حاملين لافتاتهم وأعلامهم. وقد باشر المعتصمون بتوزيع البيانات بالقرب من المدخل الشرقي للسرايا.
اعتصم أنصار اتحاد الشباب الديموقراطي، أمس، بعنوان «إلى متى هذه المسخرة؟»، وجاء تحرّكهم حاملاً للعناوين السيادية الاعتيادية التي غالباً ما يرفعها «الاتحاديون»: «التسوية يمكن فيها تأجيل مهل دستورية، بس أكيد ما فيها تأجيل الشتوية»، «الفراغ بالكرسي مش متل الفراغ بالمعدة»، «يللي بيجرّب مجرَّب، بيبقى وبيضلّ بلده مخرّب»، «فخامة الرغيف الوطني اللبناني، كلّنا لك».
لم يلبّ إلا حوالى ثلاثين شخصاً دعوة «الاتحاد» للاعتصام بسبب الأزمة السياسية الحالية وتأثيراتها السلبية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ما دفع أحد المشاركين إلى التساؤل «هودي بس الجوعانين ببيروت؟». بالتأكيد لم يكن يتوقّع «الرفاق» أن يشارك الآلاف في اعتصامهم، أو أن ينثر «جيران السرايا» الأرز عليهم، أو تستقبل المؤسسات الإعلامية صورهم وبياناتهم، إلا أنهم استمروا، على الرغم من قلّة عددهم، في اعتصامهم؛ فوزعوا بياناً بعنوان «لو سألوك عن الرئيس» الذي سرعان ما نقل مباشرةً، عبر الهواتف الخلوية، إلى المرجعيات الأمنية. وأشار المعتصمون في البيان إلى أنّ الفراغ افتعله «تخبّطات الطوائف وشعب لم يعد يأبه بهموم عيشه»، وأكّدوا أنّ اسم رئيس الجمهورية مسألة ثانوية، إذ إنّ «ما همّني من يكون الرئيس، في بلد أرهقته الديون ومؤشر الأسعار مرتفع بجنون»، وختموا بيانهم: «لو سألوك عن فخامة الرئيس، قل ليس الخوف عليه الآن، بل الخوف على فخامة الرغيف».
ورأى أيمن مروّة أنّ الشعب أصبح غير مسؤول عما يصيبه من معاناة يومية، بعدما «أصبح الفراغ في سدة الرئاسة عادة أسبوعية، وأصبحت المواقف المتقاربة والتقلب في الآراء وسيلة لتبرير غاية الزعماء، وبعدما أصبحت الفئات الشعبية مدمنة على الولاء للزعيم والطائفة». ولفت مروّة إلى أنّ الحكّام والقيّمين على الوطن عاجزون عن تأمين «الحدّ الأدنى من الحقوق للإنسان»، والسيطرة على أسعار السلع والمواد الأولية التي ترتفع بوتيرة سريعة. وخوفاً من مرحلة انهيار جديدة، أعلن مروّة رفض اتحاد الشباب الديموقراطي للحرب «لا نقبل الحرب حلاً ولا التوافق على مصالح الشعب صيغة»، مشيراً إلى أنّ التحركات والاعتصامات ستستمر للتحذير «من مخاطر المرحلة المقبلة ولنوضح معالم الصراع القائم ولنطالب بخفض الأسعار على السلع والمواد الغذائية والأولية». وأشار مروّة إلى أنّ ما يشهده لبنان في الحياة السياسية «لا يعكس صورة الحياة في الواقع»، إذ إنّ الحياة مريرة ومؤلمة وتكلّف الفقراء جهدهم وعرقهم في سبيل لامبالاة من السياسيين ولا شيء يذكر من تقديمات اجتماعية دونية. وختم كلمته قائلاً: «لا نريد أن نموت من الجوع، نريد السلم الأهلي ولا نريد الحرب، نريد المازوت لننال بعضاً من الدفء ولا نريد إشعال البلد».