زينة خليل
تتزايد الأساطير الشعبية عن آثار قرية عين الدلبة المطلّة على البحر، والمشرفة على بلاد جبيل، التي يميزها معبدها الروماني عن جاراتها الجبيليات. هذا المعبد المحاط بسور يعرف اليوم باسم آثار «مشنقة» نسبةً إلى أحكام الإعدام التي نُفّذت في العهد العثماني داخل الموقع. إذ يُذكر أن الأتراك حوّلوا مذبح المعبد إلى طاولة محكمة واستخدموا الصخرتين اللتين تحوطانه مشنقةً لمن يجدونه مجرماً، فأصبح الموقع الأثري بأكمله يعرف باسم «المشنقة».
طريق وعرة توصلك إلى المعبد، حيث يستقبلك عند مدخله حارسه الذي حوّل بعض فسحاته إلى مساكب زرع فيها الخضار على أنواعها، وهذا ما يشوّه المعبد الذي يُعَدُّ نموذجاً لمعابد الجبل اللبناني. فهو محاط بسور مستطيل يتكئ من جهته الشمالية على صخور ضخمة، وتوجد عند جهته الغربية مدافن على شكل نواويس نحتت في الصخر ولها أغطية مخروطية الشكل. المعبد ذو الأعمدة المزيّنة بتيجان كورنثية يتوسط المساحة المسوّرة، وقد تهدّم جزء كبير منه، لكنه لا يزال يحتفظ اليوم بنصب وإكليل على طرفيه نقوش تمثّل الصاعقة وتنتشر حوله لوحات متوسطة الحجم تضم زخارف متنوعة ذات أشكال هندسية وكتابات قديمة. وذكر عالم الآثار جورج تايلر في كتابه «المعابد الرومانية في لبنان»، قائلاً: «إن الجهة الشرقية من المعبد كانت تضم مذبحاً شيّده الرومان لتقديم القرابين للآلهة».
وعلى مسافة نحو 120م شمالي السور، وداخل ممرّ صخري ضيّق، تبرز نقوش منحوتة في الصخر هي مصدر الأقاويل الشعبية عن تاريخ الموقع. فاللوحتان المتواجهتان والمزينتان بزخارف من الطراز الأيوني تُبرز ملامح رجل وامرأة. ووصف المؤرخ هنري لامنس منحوتة الرجل بأنه «بطل يتمتع ببنية قوية، يرفع يده كأنه يحمل رمحاً ويتحفز للقتال». أما اللوحة المقابلة له فتجسّد امرأة جالسة أرضاً، واضعة يدها اليمنى على خدها الأيمن وشاخصة بحزن إلى تمثال الرجل، وترتسم على محياها ملامح الكآبة. وقد أدى «شرح» هاتين اللوحتين إلى تحويل الموقع الروماني إلى أرض لأسطورة أدونيس (لوحة البطل) وعشتروت (لوحة المرأة التي بكت أدونيس بعد موته). لذا يعرف الموقع الذي يرتفع نحو 900 م عن سطح البحر «بمصيف أدونيس» وتملكه البطريركية المارونية التي وضعته منذ عام 1998 في تصرف المديرية العامة للآثار.