علي محمد
كانت سمعة النظام المصرفي اللبناني النقطة الأبرز في الحكم الذي أصدره القاضي زياد مكنا على شخصين سرقا أموال مودعين في الخارج عبر الصرافات الآلية العائدة لمصارف لبنانية

رأى القاضي المنفرد الجزائي في بيروت الرئيس زياد مكنا في حكم أصدره أول من أمس بحق متهمَين بالسرقة عبر بطاقات ائتمانية مزوّرة، أن فعل المدعى عليهما «يشكل مساساً بالثقة في النظام المصرفي اللبناني تجاه الأنظمة المصرفية الأخرى». ولأن الأمر كذلك، قرر القاضي مكنا عدم منح ريان ص. الأسباب التخفيفية، رغم إسقاط المدعي لحقوقه الشخصية.
وكان بنك بيبلوس قد تقدم في 15/12/2006 بشكوى ضد مجهول ادعى فيها أن شخصاً سحب مبالغ مالية تفوق 100 ألف دولار من حسابات زبائن بنك أجنبي بواسطة أجهزة الصراف الآلي العائدة له.
وكان مدير التفتيش والمعلوماتية في الإدارة العامة لبنك بيبلوس إيلي بركات قد أفاد في التحقيقات الأولية المجراة لدى فرع المعلومات عن وجود عدد من البطاقات المصرفية الإلكترونية عالقة داخل الصرافات الآلية. وبعد فحصها لدى شركة C.S.C. المسؤولة عن إصدار مثل هذه البطاقات ومراقبة عمليات السحب بها لدى بنك بيبلوس، تبين أن هذه البطاقات بيضاء اللون وأرقامها التسلسلية تابعة لبنك بركليز ـــــ لندن، وهي مزورة وتستعمل بصورة غير شرعية. كما استطاع المصرف الحصول على صورة مستعمل البطاقات المزورة من خلال آلات التصوير المركزة في الصرفات الآلية في بعض فروع بنك بيبلوس.
بعدها، قبضت دورية أمنية على ريان ص. في عين المريسة، وعثرت معه على 1580 دولاراً وهاتفَين خلويين وأربع بطاقات سحب مصرفية إلكترونية بيضاء عليها أرقام رمزية. وفي التحقيق، أفاد ريان بأنه جاء إلى لبنان مع صديقته البريطانية من لندن وأقاما معاً في فندق السفير. وقال إن اتصالاً ورده بعد يومين من شخص يدعى حسن، وطلب مقابلته، فلبى ريان الطلب. وبعد عدة اجتماعات مع حسن، أعطاه الأخير عدة بطاقات مصرفية وطلب منه سحب الأموال بواسطتها. وبالفعل أخذها ريان وباشر باستعمالها في اليوم التالي، ساحباً مبالغ مالية من الصرافات الآلية العائدة لمصارف بيبلوس،BBAC و HSBC في بيروت، وسلم قسماً من المبالغ المسحوبة إلى حسن، وأخذ هو الباقي. كما اعترف بأنه سحب مبالغ مالية من الصرافات الآلية العائدة لبنك الكويت الوطني وبنك الاعتماد الوطني، ليصل المجموع إلى أكثر من 150 ألف دولار وستة ملايين ليرة.
وجاء في الحكم أن علاقة صداقة ربطت ريان بشخص يعمل في مؤسسة لبيع المجوهرات، فحضر إليها برفقة «حسن» واشترى ثلاث ساعات بقيمة 32 ألف دولار، حاول دفع قيمتها بواسطة البطاقات المصرفية المزورة، إلا أن صاحب المؤسسة رفض تسليم «حسن» الساعات المشتراة قبل ضمان تحصيل الثمن. وطلب منه أن يعود بعد يومين أو ثلاثة، إلا أن حسن تمكن من المغادرة ومعه إحدى الساعات بعدما سمله إياها أحد الموظفين خطأً. واتصل الموظف في المؤسسة عدة مرات بحسن طالباً منه إعادة الساعة والبطاقة المصرفية المستعملة في السحب، فحضر في اليوم التالي وسلم الموظف بطاقة أخرى وأبرز له جواز سفر بريطانياً يحمل اسم أنطوني ب.
كما عاد ريان إلى المؤسسة ذاتها عارضاً على الموظف دفع ثمن الساعة التي سبق واشتراها «حسن»، الذي تبين أنه بالفعل يدعى أنطوني ب. ثم انتقى ساعة من نوع كارتييه، وسلم الموظف بطاقة مصرفية مزورة رفضتها آلة بطاقات الاعتماد. وعاد ريان مجدداً في اليوم التالي وسلم الموظف نفسه بطاقة أخرى مزورة قبلتها الآلة. وتبين في ما بعد أنه تعذر تحصيل ثمن الساعتين المذكورتين.
وبتاريخ 22/12/2006 أسقط المدعي (بنك بيبلوس) حقوقه الشخصية. وجاء في الحكم أن أنطوني لم يحضر أي جلسة من جلستي المحاكمة، فقرر القاضي مكنا محاكمته غيابياً. كما طالب محامي ريان في جلسة المحاكمة الختامية إعلان براءة موكله أو منحه الأسباب التخفيفية في الملف. لكن، بعدما رأى القاضي مكنا أن فعل ريان يمس بسمعة النظام المصرفي اللبناني في العالم، وهنا تكمن خطورة الجرائم المرتكبة، إذ «إنها تتعدى المساس بأموال المودعين الأجانب»، قرر عدم منحه الأسباب التخفيفية، وأصدر حكماً بحبس ريان سنة وبتغريمه 200 ألف ليرة، وأمر بإعادة بعض المضبوطات التي صودرت منه عند القبض عليه، وهي عبارة عن أغراض شخصية لا علاقة لها بالجرائم المرتكبة. كما أصدر القاضي مكنا حكماً غيابياً بحبس أنطوني ب. ثلاث سنوات وتغريمه مليون ليرة لبنانية.