القاهرة ــ الأخبار
ثمة أسباب كثيرة تدفع الرئيس المصري حسني مبارك ليلقي بثقل بلاده السياسي والإعلامي أو «ما بقي منه» وراء ترشيح قائد الجيش العماد ميشال سليمان الى رئاسة الجمهورية، علماً أن القاهرة تنفي بشدة أن يكون لها دور في إخراج هذا الأمر الى العلن.
وقد لفت الانتباه في هذا الصدد الاتصال الذي أجراه أمس الرئيس مبارك برئيس الحكومة فؤاد السنيورة وهو يأتي فى إطار الدعم المصري المستمر للحكومة اللبنانية في مواجهة الاستحقاق الرئاسي المرتقب. وقالت مصادر مصرية وعربية في القاهرة إن البحث بين الجانبين تناول الاتصالات الجارية حول الاستحقاق الرئاسي، لافتة إلى أن مبارك أكد مجدداً دعم بلاده للسنيورة وتطلّعها إلى مساعدته على تجاوز الأزمة السياسية الراهنة.
ويأتي هذا الاتصال في أعقاب إعلان رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمس تأجيل الجلسة التي كانت مقررة أمس لانتخاب رئيس جديد للجمهورية إلى يوم الجمعة المقبل وهو التأجيل السادس على التوالي للجلسة منذ بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية في 24 أيلول الماضي خلفاً للرئيس السابق إميل لحود.
وقال مصدر عربي حسن الاطلاع لـ«الأخبار» إن مبارك يرى في العماد سليمان «القادم من المؤسسة العسكرية وغير المحسوب على سوريا، مرشح التوافق المطلوب من معظم الفرقاء اللبنانيين».
وتعود علاقة القاهرة بسليمان الى فترة غير قصيرة، ولكنها بقيت طي الكتمان، وإن تعززت خلال الحرب التي شنّتها إسرائيل على لبنان صيف العام الماضي، على أن حيثيات دعم مصر لسليمان كانت واضحة، فهو من وجهة نظرها: «قام بجهد وطني لبناني تقدّره خلال أحداث نهر البارد».
وكان مبارك التقى سليمان في الحادي والعشرين من الشهر الماضي في زيارة أُعلنت إعلاناً لافتاً للانتباه، فيما نفت الرئاسة المصرية لاحقاً على لسان المتحدث الرسمي باسمها السفير سليمان عواد وقوفها خلف ترشيح العماد سليمان أو أي مرشح آخر للرئاسة
اللبنانية.
الموقف الرسمي المتاح للإعلام هو أن «مصر لا تقف وراء أي من قوى لبنان السياسية ولا تنحاز إلى أي من المرشحين المطروحين الآن أو من سوف يطرحون في المستقبل لمنصب الرئاسة اللبنانية»، وأن «مصر تحتفظ بمسافات بين القوى السياسية في لبنان ولا تنحاز إلى مرشح بعينه، وكما أنها لا تقبل أي تدخل في شؤونها، فهي لا تتدخل في الشؤون الداخلية للآخرين».
بيد أن العارفين ببواطن الأمور يؤكدون في المقابل وجود توافق سابق مصري سعودي على دعم سليمان في ختام كل السيناريوهات المطروحة لتحديد شخصية رئيس الجمهورية اللبنانية.
قد يكون صحيحاً أن مصر لا تقف خلف أي مرشح لبناني بعينه، وأنها ترى في الاستحقاق الرئاسي شأناً لبنانياً خالصاً لا تتدخل فيه ولا ينبغي لأي طرف خارجي إقليمي أو دولي أن يتدخل فيه، لكن الصحيح أيضاً أن مصر لا تريد رئيساً ضعيفاً، وفقاً لما أكده مصدر ديبلوماسي مصري طلب عدم ذكر اسمه.
ويرى البعض أن سليمان رجل يسهل التفاهم معه على خلفيته العسكرية حيث تفعل الكيمياء سحرها، وأن مبارك يضع ثقله خلفه، فهل ينجح رهانه كما نجح رهان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر على اللواء فؤاد شهاب؟ سؤال ستجيب عنه الأيام القليلة المقبلة.