strong>عفيف دياب
• رحلة التغيير التي فشلت... وجفن السنيورة الذي لم يرفّ

عام على اعتصام المعارضة في الوسط التجاري في الأوّل من كانون الأوّل 2006 شُلّت الحركة في لبنان. أكثر من مليون مواطن أعلنوا بدء الاعتصام المفتوح في ساحة رياض الصلح حتى إسقاط حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وتحقيق المشاركة

تراجع الحشد المليوني وأخذ الهدوء يخيّم على اعتصام المعارضة. هذا الاعتصام الذي كان متوقعاً له أن ينتهي في غضون أيام جراء ثقة المعارضة الكبيرة بإمكان إسقاط الحكومة، تحول الى اعتصام مفتوح أصبح له من العمر عام واحد. عام لم تستطع خلاله المعارضة تحقيق أهدافها فسقط المخيم في أتون الجدل السياسي العقيم وتحول الى هدف أحسنت الموالاة التصويب عليه وإصابته برصاصات كادت تكون قاتلة في أحيان كثيرة.
يأسف أحد المسؤولين في تيار سياسي معارض لوصول اعتصام المعارضة الى طريق مسدود. تسأله عن السنوية الأولى لـ«مخيم» رياض الصلح وماذا أعطى وحقق، يجيبك: «لم نكن ندري أن الاعتصام سيستمر سنة كاملة. ونحن لا نريد أن نحتفل بعيده الأول، فهذا ليس مدعاة فخر لنا. لقد فُرض علينا الاعتصام وصار ما صار عليه»!
اعتصام المعارضة الذي بدأت المشاركة الشعبية في أنشطته تتراجع بإعلان الهدنة مع الموالاة وارتفاع وتيرة الوساطات العربية التي سعت أولاً الى إبعاد شبح الفتنة السنية ـــــ الشيعية التي عمل أكثر من طرف محلي وإقليمي ودولي على تأجيجها، أخذت القوى السياسية المشاركة فيه تخلي الساحة تدريجاً، من أنصار أحزاب القومي والبعث والاتحاد والتنظيم الشعبي الناصري وحركة الشعب الى تيارات وئام وهاب وفيصل الداوود وطلال أرسلان وفتحي يكن، واستقر أمر متابعة الاعتصام «الرمزي» على حزب الله وحركة «أمل» والتيار الوطني الحر وتيار المردة بعد تنظيم الخيم وأوقات دوام الأنصار و«المريدين»، إضافة الى تشكيلات «الأمن» الخاص بحماية الخيم وساحة رياض الصلح من أي «غريب» قد يكون مدسوساً.
اعتصام المعارضة الذي ركزت وسائل إعلام 14 آذار على إبراز وجهه «الشيعي» والإيحاء أن حزب الله يستهدف «السنّة» من وراء المطالبة بحكومة وحدة وطنية والثلث الضامن فيها، تعرض لانتقادات كثيرة لم تخل إلا في الفترة الأخيرة من التحريض المذهبي، واتُّهم أيضاً بأنه سبّب ضرب الاقتصاد الوطني. وكانت الإيحاءات أن اقتصاد لبنان قائم على وسط بيروت الذي تحتله المعارضة.
أيقن الجميع أن «جفن» الرئيس السنيورة لن يرفّ بعد جرعات الدعم العربي والدولي لحكومته والالتفاف الشعبي الموالي الذي أخذ طابعه المذهبي نتيجة «سقوط بعض قادة في المعارضة في شرك الخطاب المذهبي والطائفي»، على قول مسؤول معارض من حزب علماني، ما أدى الى ردة فعل غرائزية شكلت «زنّار نار» حول السرايا التي تلقت مدداً وفتوى من رجال الدين فكاد البلد ينزلق الى فتنة سنية ـــــ شيعية سبّبها سوء تقدير الموالاة وأخواتها في المعارضة، والخطاب السياسي الذي حرّض الناس بعضهم على بعض.
ويضيف المسؤول الشاب في المعارضة أن «اعتصام رياض الصلح الرمزي اليوم أصبح رفعه مطلباً أساسياً لفريق الموالاة، ولكن لم يعد إمكان إزالة المخيم وارداً الآن الى انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة وحدة وطنية. فزعماء الصف الأول في المعارضة حددوا الغاية من الاعتصام، ولأن هذه الغاية لمّا تتحقق، فإن الاعتصام قد يستمر».
«لن يرف لي جفن» قول شهير أطلقه رئيس الحكومة الذي وصف تحرك المعارضة وحشدها الآلاف من أنصارها في وسط بيروت بـ«الانقلاب»، مؤكداً أن حكومته لا تسقط إلا في مجلس النواب الذي منحها الثقة. صمد السنيورة ولم تسقط حكومته على رغم إرادة الجهة الشعبية المطالبة بذلك. ولم تستطع المعارضة تحقيق مطالبها بتأليف حكومة وحدة وطنية تكون أولى مهماتها إقرار قانون جديد للانتخابات النيابية على أن تُجرى هذه باكراً.
هذا الشعار أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري تخلّي المعارضة عنه في كلمة ألقاها يوم 31 آب الماضي في بعلبك، غير أن الموالاة لم تردّ إيجاباً على دعوته الى الحوار من أجل انتخاب رئيس توافقي، وهكذا تنازلت المعارضة عن مطلبها من دون مقابل.
يقول أحد مسؤولي المعارضة إن «أنشطة الاعتصام قد تتطور في الأيام المقبلة، وربما نعود الى الحشود الشعبية إذا استمر تعنّت السلطة ورفضها لكل الحلول الآيلة الى إيصال رئيس للجمهورية وحكومة وحدة وطنية». وربما حصلت اعتصامات أخرى مفتوحة في عدد من المناطق اللبنانية فـ«اعتصام ساحة رياض الصلح مرهون بقاؤه ببقاء حكومة السنيورة، والتحركات الأخرى التي قد نقدم عليها في حال انهيار كل مبادرات التوافق ستكون مرتبطة فقط بقضية الفراغ في سدة الرئاسة، وبالتالي قد نقدم على إعادة تفعيل اعتصام رياض الصلح».
وفي مقابل هذا كيف تقرأ الموالاة مرور سنة على اعتصام المعارضة؟ يقول أحد نواب كتلة المستقبل إن «الاعتصام لم يحقق شعاراته التي أطلقها. فحكومة السنيورة بقيت في السرايا، لا بل تلقت دعماً واستقطبت التفافاً شعبياً كبيراً، وكان على المعارضة أن تفكّ اعتصامها بعد مرور أسبوع على تحركها، ولا سيما أن الاعتصام كاد يسبّب فتنة سنية ـــــ شيعية».
ولكن نصف الشعب اللبناني كان يريد حكومة وحدة وطنية، ألا يستحق هؤلاء تلبية مطلبهم؟ يجيب النائب أن «الحكومة نالت ثقة مجلس النواب الذي وحده يحق له نزع هذه الثقة، ونحن في الأساس لم نرفض مبدأ حكومة وحدة وطنية وكنا من المطالبين بالشراكة، والحكومة أساساً كانت حكومة وحدة وطنية والفريق الآخر هو الذي أراد الاستقالة منها، وبإمكانه اليوم أن يعود عن استقالته التي لم تقبل»، آملاً أن تقدم المعارضة على «فك اعتصامها من الوسط التجاري الذي يتهدده الإفلاس، فلا يجوز أن تبقى الخيم الخالية من المعتصمين منصوبة بلا معنى».

أرقام
وتواريخ


13 تشرين الأول 2006: عون يطالب بحكومة اتحاد وطني.
31 تشرين الأول 2006: حسن نصر الله يطالب بتغيير حكومي أو انتخابات نيابية مبكرة وإلا بدأت المعارضة تحركاً مفتوحاً لن توقفه إلا بإسقاط الحكومة.
12 تشرين الثاني 2006: استقالة 5 وزراء من حكومة السنيورة.
19 تشرين الثاني 2006: نصر الله يصف حكومة السنيورة بأنها حكومة السفير الأميركي فيلتمان.
1 كانون الأول 2006: حشد جماهيري في وسط بيروت يطالب بإسقاط الحكومة.
23 كانون الأول 2006: المعارضة تشلّ الحركة في لبنان والموالاة تسهم معها في قطع الطرق واحتلال الساحات، ومواجهات بين الطرفين تسفر عن قتيلين و340 جريحاً.
25 كانون الأول 2006: مواجهات دامية بين الموالاة والمعارضة في بيروت سرعان ما انتقلت إلى المناطق الأخرى، والحصيلة 3 قتلى وعدد من الجرحى.