محمد مصطفى علوش
تسود الشارع الطرابلسي حال من الترقب والهدوء الحذر بعد «حادثة أبو سمرا»، في الوقت الذي تنشط فيه الفعاليات السياسية لمعالجة الأزمة والحؤول دون تفاقمها. وفي هذا الإطار كانت زيارة لجنة المساعي الحميدة إلى مكتب الرئيس نجيب ميقاتي، حيث دعا الشيخ أحمد شعراني، باسم اللجنة، «جميع الأفرقاء الإسلاميين من جمعيات وحركات وأحزاب وتيارات وزعامات»، الذين وقّعوا وثيقة «العهد بين الإسلاميين»، «الضبط الصارم للصفوف في أي جماعة أو حركة أو فرقة، ولا سيما بعد حادثة أبي سمراولا يزال الخلاف على تفسير ما حصل خاضعاً للتجاذبات السياسية. فقد رأى البعض أن الحادث فردي ضُخِّم وأُلبس لبوس السياسة كما صرح مسؤولون في الموالاة والجماعة الإسلامية وكثير من الفعاليات، فيما رأى بعض آخر أنه حادث مدبّر ومرسوم، كما هو حال حركة التوحيد وجبهة العمل الإسلامي وكل القوى المعارضة في الشمال.
ففي الوقت الذي يرى فيه الرئيس السابق للمكتب السياسي للجماعة الإسلامية أسعد هرموش أن «الحادث كان فردياً وأنّ قرار التفجير لم يكن قراراً سياسياً»، فإن الشيخ بلال شعبان يذهب في التيار المعاكس، حين يعلّق: «الحادثة لم تكن عفوية لا زماناً ولا مكاناً، فقد سبقتها عدة حوادث تستهدف قوى المعارضة» في عدد من المناطق اللبنانية.
ويتابع شعبان: «قبل حادثة أبو سمرا بأيام، عقد اجتماع ضم أفراداً من الأفواج وغيرهم بحضور عبد الهادي حسون، وجرى تداول السيناريوهات المطلوب تنفيذها لتفجير الوضع. وقد توافق المجتمعون على سيناريو افتعال مشكلة يسقط خلالها بعض الإصابات، ما يؤدي إلى تدخل واسع للقوى الأمنية، وإحداث بلبلة في طرابلس كرسالة تهديد لقوى المعارضة».
يشاطر رأي شعبان مسؤول العلاقات السياسية في «جبهة العمل الإسلامي» محمود البضن قائلاً: «يوم الجمعة الفائت، توقّع القائمون على الشركات الأمنية الخاصة التي تقف وراء «أفواج طرابلس» قيام «جبهة العمل» بتحرك ما في الشارع انسجاماً مع تحركات المعارضة، فقاموا بنشر عناصرهم في الشوارع المؤدية إلى المراكز التابعة للمعارضة الإسلامية في جبهة العمل وحركة التوحيد للجم أي تحرك».
ويتابع البضن: «السيناريو المُعدّ أصلاً هو ضرب الحالة الإسلامية بعضها ببعض، لكن استباق «لجنة المساعي» بوضع وثيقة تحرم التقاتل الإسلامي الإسلامي، وتوقيع كافة الإسلاميين عليها، أحدث امتعاضاً عند الراغبين في التفجير، فما كان منهم إلا افتعال هذا السيناريو لضرب تلك الوثيقة من جديد، ولا سيما أنّ توقيت الحادث ومكانه كانا مشبوهين. فالمكان يمثل خط تماس بين فصيلين إسلاميين مختلفين في الرؤى، وذلك أملاً في أن يتطور وتتسع المشكلة لتصبح بين هذين الفصيلين».
لكن هرموش يستبعد ذلك تماماً، رافضاً أي ربط بين «وثيقة العهد بين الإسلاميين» وما حدث بغية تفجير الوثيقة قائلاً: «لا علاقة لها بما حدث، والوثيقة دعت إليها لجنة المساعي حين رأت احتقاناً في الشارع خشية أن يتفاقم، وإن كنا لا نشاطرها هواجسها تلك».
وفي شأن نتائج ما حصل، قال شعبان: «الحادثة أحدثت صدمة عند من خطّط لها، إذ جاءت النتائج على عكس ما كان يتوقع تماماً. وقد شهدت الحركة التفافاً سياسياً من جانب الهيئات والشخصيات السياسية وتعاطفاً شعبياً عريضاً».
ورغم الأجواء الإيجابية التي يؤكدها كل من هرموش وشعبان والبضن، وخصوصاً بعد الاتصالات المطمئنة التي جاءت للشيخ شعبان «من جانب النائبين الجسر وعلوش، وتقديمهما التعازي واستنكارهما لما حدث»، إلاّ أن قوى المعارضة تتخوف من سيناريو بديل بعد فشل السيناريو السابق، كأن «يُعمد إلى اغتيالات فردية، لخلط الأوراق من جديد»، كما يقول شعبان.
مصدر مراقب أبدى تخوّفه من الأوضاع قائلاً لـ«الأخبار»: «اللافت في الموضوع، أنه عقب الحادثة وُزّعت بيانات ممهورة بتوقيع «عشائر حسون» تتهجّم على المعارضة، واصفة إياها بالروافض وأتباع الروافض على طريقة المنشورات التي توزع بين العشائر في الأنبار، والتي تحرّض على القتل للمخالفين في المذهب».