طارق ترشيشي
فوجئت الأوساط السياسية المتابعة للحوار الدائر بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس كتلة «المستقبل» سعد الحريري، والتي عاشت أجواء التفاؤل الذي يحقنه رئيس المجلس في الجسد السياسي اللبناني، بالبيان ــ المذكرة لتيار «المستقبل» في جنيف الذي طالب الأمم المتحدة بتأمين حماية الدولية لنواب «الأكثرية» وإجراء الانتخابات الرئاسية وفق القرار 1559، ما نغّص أجواء التفاؤل، وأعاد الى الأذهان سيناريو المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي طارت الرسائل المطالبة بإقرارها في مجلس الأمن الدولي في الوقت الذي كان أقطاب طاولة الحوار الوطني يجتمعون في مجلس النواب في محاولة حل المشاكل اللبنانية داخلياً، اذ فوجئ يومها الرئيس بري بالرسالة الحكومية الى الأمين العام للأمم المتحدة ومنها ثم طار الحوار وطارت الحكومة الشرعية وإنسحب الوزراء الشيعة منها وأقرت المحكمة تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. ويومها، أيضاً، وقبل إقرار المحكمة نفى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الرسالة الآنفة الذكر ليتبين في ما بعد صحة المراسلات بين السنيورة والأمم المتحدة.
وقد جاء بيان «المستقبل» في جنيف، والذي سحب نتيجة الاتصالات العاجلة التي تمت ليل أول من أمس بين بري والحريري، ليلبد الأجواء، فكلّف الحريري مكتبه الاعلامي بسحبه مبرراً موقفه بأنه ليس في جوّه ولم يصدر أمراً بتقديم المذكرة إلى الأمم المتحدة ووضع المسؤولية على عاتق مسؤول تيار «المستقبل» في سويسرا بحجة «إندفاعه الزائد». وتقول مصادر قريبة من بري انه «لو صح هذا الكلام وصدقناه على خطورته وأهميته فماذا لو إفترضنا ان قامت مجموعة من «المستقبل» بعمل سياسي أو أمني على الارض وتبين ان احداً دفعها او اندفعت اليه، فهل يمكن ساعئذ سحب الفتنة من الشارع كما سُحب البيان ليلاً؟».
وتضيف هذه المصادر ان الحوار الجاري الآن عسى ان لا يصدق عليه القول المأثور: «كلام الليل يمحوه النهار». يضاف إلى كلام رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط الذي يمحو كل يوم بمطالبته الدائمة بانتخابات رئاسية على أساس النصف زائداً واحداً وتطبيق القرار 1559، فضلاً عن «ممحاة» رئيس الهيئة التنفيذية لـ «القوات اللبنانية» سمير جعجع، والذي يعمل وجنبلاط «بالتكافل والتضامن» على محو كل «نسيمات التفاؤل والأجواء الإيجابية المتسربة من حوار بري الحريري».
وتتساءل هذه المصادر: «هل سيمر الاستحقاق الرئاسي وفق السيناريو نفسه الذي أُقرت به المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بحيث ان فريق من 14 آذار يحاور وفريق آخر منها يطلق النار في عملية إلهاء سياسية لتمرير الرئاسة وفق ما يُحضر من حماية عربية للنواب، ومن ثم حماية دولية، بحيث يتم تحقيق مطلب الأكثرية بارسال مندوبين من الامم المتحدة وجامعة الدول العربية لحضور جلسة الانتخابات الرئاسية المقررة في 23 الجاري لاضفاء نوع من الشرعية الدولية والعربية على انتخابات نصابها النصف زائداً واحداً أو بمن حضر؟ ويخشى المراقبون ان يسبق هذه الجلسة بعض العمليات الامنية التي اعتاد عليها اللبنانيون قبل كل قرار دولي لتشريع هذا القرار وتمريره في اجواء عاطفية طالما ان المتهم جاهز حتى قبل تنفيذ الجرائم.
وفي رأي هذه المصادر ان مذكرة تيار «المستقبل» في جنيف وصلت إلى ديوان الأمم المتحدة، وان التراجع عنها يتطلب من التيار ارسال مذكرة الى المنظمة الدولية بهذا المعنى يعلن فيها عدم مسؤوليته عن المذكرة الأولى لأن التوضيح الاعلامي لا يُسجل في الديوان الدولي وبالتالي لا يلغي وجود تلك المذكرة الا اعلامياً.