نادر فوز
بدأ العام الجامعي الجديد، واحتلّ الطلاب زوايا وباحات كليّاتهم. لكن أجواء الجامعات لا تزال بعيدة عن هموم الدرس وتأمين المقررات الدراسية وملاحقة الدكاترة لتأمين انطباعات شخصية «مفيدة». يشعر الطلاب كأنّ العطلة الصيفية لم تكن كافية لإبعادهم عن الضغوط اليومية

«الله يستُر»، «إن شاء الله خير»، «مثل ما الله بريد»، وغيرها من «الاستنجادات» الإلهية، يطلقها طلاب الجامعات بشأن العام الدراسي الجديد. لم تعد أسعار الوحدات الدراسية أو الأقساط الجامعية أو كلفة التنقّل والعيش في بيروت تسبب الهمّ الأول للطلاب، بل أصبحت هذه «الدعوات» تصبّ في خانة الأزمة السياسية ـــــ الأمنية التي ما عادت توفّر أحداً. وأصبح العمل السياسي داخل الجامعات هاجساً آخر يخشاه الطلاب، خوفاً من تكرار مشاهد جامعة بيروت العربية وغيرها.
بعيداً عن أهداف القوى السياسية التي لا تسعى إلاّ إلى إدراج مناصرين جدد في لوائحها واستغلال حماسة الشباب، يؤكد عدد كبير من الطلاب أهمية الحد من العمل السياسي في الجامعات، فيما يرى قسم آخر أنّ السياسة من الحقوق البديهية. وفيما لم تتّخذ إدارات الجامعات الخاصة قراراً بهذا الشأن، حدّدت الجامعة اليسوعية 29 تشرين الأول الجاري موعداً لانتخابات المجالس الطالبية.
تنتقد جويل، الطالبة في العلوم الاقتصادية في اليسوعية، انجرار الطلاب وراء الأحزاب السياسية التي «لا تخدم بأي شكل من الأشكال مصالحهم وحقوقهم». تتوقف جويل عند ارتفاع أسعار الوحدات الدراسية، مستغربة «تجاهل كل الأطراف الأمر». شكوى أخرى تطلقها جيسي، إحدى أعضاء المجموعة، فتجزم أنّ «الأجواء غير ملائمة للدراسة ولا للعمل ولا للاستجمام». باتت جيسي تفضّل الجلوس في المنزل بعد انتهاء الدوام، تجنّباً «لفرمانات الأهل التي تبدأ ولا تنتهي». «فحتى الجامعة أصبحت شغلة بال».
يصف جاد أحد طلاب الجامعة اليسوعية العمل السياسي في الجامعة بـ«الديموقراطي البعيد عن الهمجية». لا ينفي جاد حدوث بعض الإشكالات من حين إلى آخر، لكنّها «تبقى ضمن إطار اللعبة السياسية غير الشخصية». يلفت إلى «أننا لا نستطيع أن نبتعد عن الأجواء العامة والتطوّرات اليومية على الساحة السياسية»، «فهذه حياتنا ومستقبلنا ومصيرنا، وحقنا الطبيعي». ومع أنّ النشاطات السياسية لم تبدأ بعد في الجامعة الأميركية في بيروت، «إلاّ أنّه يجب البدء بالتحضيرات منذ اللحظة الأولى»، يقول أحد الطلاب المحازبين. أما قاسم، الطالب في الهندسة وأحد مؤيدي «الخط الاستقلالي» كما قال، فيرى أنّ المعركة ستكون في أوجّها هذا العام، «لكن ضمن الإطار الديموقراطي».
في المقابل، تتحدث هند، الطالبة في العلوم الاجتماعية في الجامعة عن خطورة الانجرار وراء الأحزاب السياسية، وتتساءل: «ماذا يعني أن يختلف صديقان على السياسة؟ وماذا يعني أن توزّع المقررات الدراسية فقط على أصدقاء هذا الطرف أو ذاك؟». وتصف هند الشبان والشابات المتحزّبين بالعبيد، إذ يتصرفون بحسب ما تقرره أحزابهم. وتعرب هند عن تخوّفها التام من أي إشكال في الـAUB، أو أي جامعة أخرى، لكون «الوضع لم يعد يحتمل المزيد من التشنّج والتوتّر».
وفي الجامعة، هناك من يفضّل عدم التفكير في العمل السياسي، إذ يؤثر فؤاد «السهر والجلوس مع الأصدقاء بعيداً عن التصريحات والتظاهرات». أما طلاب السنوات الأولى «فيبدون حماسة غريبة للعمل السياسي، لكونهم يرون أنّهم باتوا أحراراً في التعبير عن آرائهم»، كما يقول وسام، الذي بدأ «معركته» في المجال السياسي هذا العام، إذ خرج من «سجن الليسيه حيث السياسة محدودة ولا مناصرين فعليين للقضايا».
«المشكلة أنّ الجميع يعي خطورة الأوضاع، ولا أحد يتجنّب الدخول في خلافات ضيّقة على مقعد في مجلس طالبي»، تقول سناء الطالبة في العلوم السياسية في الجامعة الأميركية.