ثائر غندور
يجلسان بهدوء على سطح ذاك المبنى. يتركان أقدامهما تلعب في الهواء. قد تظنّ للحظة أنّ «نسمة هواء» يمكن أن توقعهما. تتحدث هي أكثر منه. حركات شفتيها ويديها تدلّ على ذلك، لكن لا يمكنك أن تعرف فحوى ذاك الحديث الذي يدور في أعلى مبنى المكتبة في كلية العلوم ـــــ الفرع الأول في مدينة الحدث الجامعية.
تقترب من الشجرة المحاذية للمبنى في محاولة لاستراق السمع، لكن دون جدوى. تحاول إحدى الصديقات فكّ رموز حديثهما. هي زميلة لهما في المدينة الجامعية لكنّها لا تعرفهما. ربما يخبران بعضهما بعضاً عن «مغامرات» الصيف أو روتينه. وقد يكونان يتغازلان أو يحلّان مشكلة. كما يُمكن أن يكونا طالبين جديدين، يكتشفان الجامعة معاً، أو قديمين «ينمّان» على الطلّاب الجدد.
«كل الاحتمالات واردة»، تقول هذه الصديقة. تشير إلى عددٍ آخر من الـ «couples» يتوزّعون في حنايا هذه المدينة الجامعية. «لا أحد يمكنه تغيير طبيعة الطلّاب، يقول أحد الموظفين في كلية العلوم.
هكذا، فإن العدد القليل من طلّاب المدينة الجامعية الذين أتوا إلى الحدث قبل بدء العام الدراسي في الجامعة اللبنانية، يحاولون استعادة التواصل مع زملائهم أو معرفة نتائج امتحانات الدورة الثانية، فيما دخل الحزبيّون منهم في جو العمل الحزبي المباشر عبر إعادة توزيع ملصقاتهم على الجدران «ومساعدة الطلّاب في عملية التسجيل». هذا في كلية العلوم، أمّا في كلية الحقوق والعلوم السياسية والإداريّة، فالطلاب يجلسون قرب الورود في الملعب، يناقشون الوضع السياسي. ويختلف الوضع في كلية إدارة الأعمال والعلوم الاقتصادية حيث حضر طلّاب السنة الأولى الذين أتوا لمعرفة في أي قاعة سيتابعون دورة اللغة الأجنبية، وراحوا يتعرفون بعضهم إلى بعض ويكتشفون الجامعة. أمّا الطلّاب القدامى، فراحوا يتهكّمون على الجدد، ويتحدثون بأسى عن الدورة الثانية، وفي غرفة مجلس طلّاب الفرع الممدّد له منذ سنتين، يدخل أحد الدكاترة ليُعلم «الشباب» بالتعديلات التي سيجريها على «كوراته»، ويضحك معهم على الموعد المحدد لبدء الدراسة، 23 تشرين الأول لا أحد يعرف ما إذا كانوا سيدرسون أم لا.
ينتصف النهار. يرحل عدد كبير من الطلّاب. ويبقى الحبيبان في مكانهما.