أنطون الخوري حرب
موريس الجميل اسم طبع حزب الكتائب اللبنانية والمسيرة الجميّلية بثقافة سياسية منهجية، لم تجد حيّزاً للتطبيق في الممارسة، على رغم اعتمادها مدرسةً حزبيةً من قبل كبار قادته السابقين والحاليين.
والواقع أن كل فرد من عائلة الجميّل قد طبع إحدى مراحل الحزب بطابعه الشخصي بشكل طاغ. إن سياسيي العائلة عادة ما يبدأون نشاطهم السياسي والحزبي في سن الشباب، قبل أن يواجهوا نهايات كارثية.
واليوم ينبثق من رحم الحزب والعائلة تشكيل شبابي جديد يبتغي لنفسه الذهاب بعيداً من الصراعات المتشنجة والمتجذرة في صفوف الحزب، ليرسم صورة جديدة لنهج يستند الى قاعدة تحليلية نتيجتها أن الملمّات التي ألمّت بالكتائب، إنما سببها طغيان الأزمات المطبوعة بمسار الجميّليين على فسحة الفكر السياسي والدولتي المطلوبة لتكريس الحزب مؤسسةً حزبيةً لا إقطاعيةً حزبيةً تُحتكر فيها المناصب وتتحوّل جهازاً انتخابياً ودعائياً وقتالياً عندما يلزم الأمر.
ويدعو هذا التشكيل الى العودة الى جذور فكر موريس الجميل، مع إضافة «حركية اجتماعية ديموقراطية وشبابية عليها، هي سمة جيل كتائبي يريد أن تصبح للحزب عقيدة سياسية ليبرالية بعيدة حتى عن المعنى العسكري لكلمة كتائب».
والحركة الجديدة عبارة عن مجموعة شبان من داخل الحزب ومن خارجه أرادوا أن تكون لهم حركة خاصة تنطلق من رؤية موريس الجميل للبنان ـــــ الرسالة، «التي عبّر عنها قبل أن يتولى البابا يوحنا بولس الثاني منصبه بكثير». واتخذت المجموعة لنفسها اسم «التيار الديموقراطي الاجتماعي»، ومن أبرز محرّكيها «جميّلي» شاب هو رودي نجل الدكتور بول الجميل النائب السابق لرئيس الحزب وابن خال الرئيس أمين الجميل.
ورودي الجميّل (26 سنة) طالب طب في السنة الأخيرة، نشط في مصلحة طلاب الكتائب وتولى رئاسة مكتب الطلاب في إقليم المتن الشمالي الكتائبي، قبل أن يطرده رئيس الإقليم حينذاك جورج قسيس بسبب بيان استنكر فيه موافقة الأخير على نزع لافتة الحزب من على واجهة نفق نهر الكلب.
وتلتقي مجموعة «التيار الديموقراطي الاجتماعي» التي تنوي الإعلان عن نفسها خلال تجمع يقام الأحد المقبل في فندق النعص في بكفيا، مع مواقف «التيار الوطني الحر» لجهة رفض التهميش المسيحي عبر إضعاف رئاسة الجمهورية لمصلحة اختلال النظام اللبناني ككل. وترفض «السنية السياسية» التي يمثلها تيار «المستقبل» في لبنان، لكن أكثر ما يقرّب هذه المجموعة الى القاعدة الشعبية للتيار الوطني الحر هو رفضهما المتساوي لكل أشكال الإقطاع السياسي التقليدي والحزبي والمالي والديني، وقدرتهما على التشخيص المتقارب لمكمن المرض في البنية الاجتماعية السياسية اللبنانية وأسبابها التاريخية.
ويعبّر كتائبيو هذه المجموعة عن رفضهم لسياسة الحزب المتهاونة حيال هيمنة النائبين وليد جنبلاط وسعد الحريري على الحكومة والدولة والقرار السياسي الرسمي.
تنضم مجموعة «التيار الديموقراطي الاجتماعي» الى المجموعات المسيحية الشابة التي تفتش عن مساحة من الاستقلالية الفكرية والسلوكية عن مديري الشأن العام المسيحي، وهي تتبنّى إرثاً فكرياً وسياسياً كبيراً تطمح الى تحويله مدرسة للممارسة الحزبية والارتقاء السياسي، علماً أن مجرد النجاح في عملية تثقيفية للتعريف بنهج موريس الجميل يعتبر إنجازاً وخدمة تاريخية للمسيحيين وللبنان.