عين درافيل ــ عامر ملاعب
جاء قرار مجلس شورى الدولة القاضي بوقف تنفيذ المرسوم الرقم 474 الصادر بتاريخ 3/7/2007 والمتضمن اعتبار الأشغال العائدة إلى مشروع توسيع موقع للطمر الصحي في منطقة عين درافيل ـــــ قضاء عاليه ـــــ من المنافع العامة ليشكل في جزءٍ منه انتصاراً معنوياً وعملياً كبيراً في مكانه وزمانه، وحافزاً لمعالجة الكارثة التي خلّفها المطمر.
يمكن تثمير هذا القرار في أكثر من اتجاه على مستوى النضال البيئي في لبنان، إضافة إلى قضية المهجرين وما تتعرض له القرية من عملية تهجير قسرية للمرة الثانية. وجاء القرار ليكشف المستور عن كم هائل من المخالفات والارتكابات التي تقترفها مشاريع «أصحاب السلطان» منذ عام 1997 حين أُنشئ المطمر المسمّى باسم بلدة الناعمة، وهو فعلياً على أراضي بلدة عبيه عين درافيل.
ورغم أن القرار يمثّل انتصاراً للحركة البيئية التي ناضلت على امتداد السنوات الماضية من أجل إغلاق المطمر، إلا أنه يطرح من جديد إشكالية عدم التزام الحكومات اللبنانية المتعاقبة إقرار خطة وطنية لمعالجة النفايات المنزلية الصلبة، ويفتح النقاش المكبوت حول انتقال المطمر إلى منطقة إقليم الخروب في قضاء الشوف بناءً على قرار مجلس الوزراء في حزيران عام 2006، الذي حاز قبول الجهات السياسية النافذة في المنطقة رغم اعتراضات الأهالي المتكررة.
وفي ظل غياب الرقابة والشفافية وتنصل وزارة البيئة ومجلس الإنماء والإعمار من مسؤوليتيهما، لم يتسنّ لنا معرفة إذا كان وقف التنفيذ في الاستملاكات المذكورة التي شملها القرار القضائي سيعطل عملية طمر النفايات بشكل يومي والتي تجمع من كامل بيروت وأغلبية أقضية جبل لبنان، ويقدّر حجمها بما يزيد على 2000 طن يومياً، الأمر الذي من شأنه أن يهدّد بكارثة صحية وبيئية تطال كل زاروب وحي ودسكرة في بيروت والمناطق.
وجاء في خلاصة القرار الذي أصدره القاضي ألبرت سرحان أنه «بما أن المستدعين يطلبون وقف تنفيذ المرسوم الرقم 474 تاريخ 2/7/2007 المتضمن اعتبار الأشغال العائدة إلى مشروع توسيع موقع للطمر الصحي في منطقة عين درافيل العقارية من المنافع العامة. وبما أن المادة 77 من نظام مجلس شورى الدولة نصت على أن «لا توقف المراجعة تنفيذ العمل الإداري أو القرار القضائي المطعون فيه، لمجلس شورى الدولة تقرير وقف التنفيذ بناءً على طلب صريح من المستدعي إذا تبيّن من ملف الدعوى أن التنفيذ قد يلحق بالمستدعي ضرراً بليغاً، وأن المراجعة ترتكز على أسباب جدية مهمة». بناءً على ما تقدم، تبين من خلال ملف المراجعة أن الشروط المنصوص عليها في المادة 77 متوافرة في القضية الراهنة، فقُرّر بالإجماع وقف تنفيذ المرسوم المطعون فيه. إلى هذا، كان دياب وفيليب وفادي أبي سليمان، أصحاب أراضٍ متضرّرين من المشروع، تقدموا بمراجعة لدى المجلس في 28 آب الماضي طعناًَ بالمرسوم بواسطة وكيلهم الدكتور سليمان لبس».
المرسوم الذي كان مقرراً تنفيذه يشمل ضم حوالى 45 ألف متر مربع إضافي من أراضي البلدة لتوسيع المطمر، وبعودة تاريخية إلى المراحل الأولى منذ إنشائه حيث حُدّدت مساحته على 180 ألف متر مربع مقسّمة إلى ثلاث مراحل وتتسع لحوالى مليوني طن من النفايات العوادم، أي غير خطرة على الإطلاق ولمدة عشر سنوات، وبعد مرور العقد يتبين كمّ هائل من المخالفات حين يتم طمر بشكل عشوائي ملايين الأطنان من النفايات العضوية غير المفروزة ، ويتوسع على آلاف الأمتار مع الخطر البيئي المنبعث من الرواسب والغازات نتيجة النفايات المتراكمة فضلاً عن تلوث التربة ومياه الينابيع المجاورة وانتشار البعوض والأمراض والقوارض.
ويوضح مختار عين درافيل ذياب أبو سليمان لـ«الأخبار» أن «شركة سوكومي إضافةً إلى المساحة الأساسية للمطمر قد اشترت حتى الآن ما يزيد على 305 آلاف متر مربع من أراضي البلدة بسعر مقطوع للمتر المربع يبلغ 20 ألف ليرة لبنانية أي حوالى 7 مليار ليرة لبنانية، وكأن المشروع مستكمل إلى ما لا نهاية وهذا ما لن نقبل به ونطالب بإقفاله فوراً وإيجاد بدائل له، وقرار مجلس شورى الدولة الأخير حفّزنا على رفع وتيرة المطالبة برفع الضرر عنا وخاصةً أن الكلام اليوم عن لقاء مصالحة سيعقد في السرايا الحكومية وستبدأ الدولة بدفع التعويضات وسنعيد بناء بيوتنا واستثمار ممتلكاتنا الزراعية، وحينئذ لا يمكن التعايش مع هذه الكارثة البيئية جنباً إلى جنب ويشغل ما يزيد على 50 في المئة من أراضينا العقارية».