فاتن الحاج
يتسلّح معلّمو لبنان بالدعم الدولي لتنفيذ ما بقي من توصية أوضاع المدرّسين التي أقرتها منظمتا اليونسكو والعمل الدولية في 5 تشرين الأول 1966. لبنان صادق على التوصية وكان عضواً في اللجنة التي كُلفت متابعة تطبيقها، لكنّه لم يطبق سوى 54% من بنودها

هل كان على الدولة اللبنانية أن تنتظر أكثر من أربعين عاماً لتنفيذ توصية دولية تُقِرُّ حقوق معلميها؟ وهل تستجيب اليوم لصرخة المعلمين التي لم تتوقف طوال هذه السنين، علماّ أنّها مدعومة اليوم من المجتمع الدولي؟
وفي الحيثيات أنّ مؤتمر اتحاد المعلمين العالمي الذي عُقد في برلين في تموز الماضي، أقرّ أن يكون 5 تشرين الأول يوم المعلمين العالمي، ودعا حكومات الدول في العالم أجمع إلى تطبيق ما لم يطبق من التوصية الدولية بشأن حقوق المعلمين في بلدانهم.
ترفع الهيئات النقابية شعار «معلمات ومعلمون ذوو نوعية من أجل تربية نوعية»، بعدما وزعت نص التوصية الدولية على المؤسسات والثانويات والمدارس الرسمية والخاصة وأنتجت ملصقاً يحمل الشعار. ومن المنتظر أن يضغط المعلمون لإقرار حقوقهم بمشاركة مكتب منظمة العمل الدولية والمكتب الإقليمي لليونسكو واللجنة الوطنية لليونسكو والاتحادات النقابية والهيئات التربوية والتعليمية في القطاعين الرسمي والخاص والهيئات النسائية ومنظمات المجتمع المدني. وستطلب الهيئات النقابية من المنظمات المشاركة التوقيع على مذكرة تتضمّن البنود التي لم تطبق من التوصية، قبل أن تسلّمها، الثانية والنصف من بعد الظهر، لوزير التربية والتعليم العالي خالد قباني.
يركّز المعلمون اليوم على حق التنظيم النقابي وحق المشاركة في صنع القرار التربوي في المناهج التعليمية والكتب المدرسية وغيرها. وسيدعو المعلمون إلى رفع مستوى التأهيل والإعداد والاستقرار الوظيفي، واحترام الحريات العامة التي تنصّ عليها المادة 13 من الدستور ويناقضها المرسوم الاشتراعي 112/59 الذي يتضمن مجموعة من المحظورات على موظفي القطاع العام (عدم التصريح والكتابة وإلقاء الخطابات..)، كذلك سيتحركون من أجل مشاريع قوانين عدة لم تنفّذ على مدار 40 سنة، وسيطلبون، في سياق الاحتفال بيوم المعلمين العالمي من وزير الثقافة طارق متري، توفير مقر لبيت المعلم الذي أبصر النور بعد ربع قرن من النضال.

بنود التوصية غير المطبقة في لبنان

يُظهر الفحص الذي أجراه تربويون لبنانيون، بالتعاون مع اليونسكو على أحوال المعلمين في لبنان، في ضوء توصية 1966 الدولية بشأن المدرسين، أنّ أوضاعهم تتفق مع 73 فقرة (54%) ولا تتفق مع 62 فقرة (46%). ويحدّد الفحص البنود التي يجب تحقيقها حتى تصبح أوضاع المعلمين متفقة تماماً مع فقرات التوصية.
ومن البنود بشأن حقوق المدرسين ومسؤولياتهم، أن يعطى المعلمون دوراً في اختيار المواد التعليمية وتكييفها واختيار الكتب المدرسية وتطبيق طرائق التدريس، ضمن إطار البرامج المعتمدة وبمعاونة السلطات التربوية، وأن يشترك المدرسون ومنظماتهم في إعداد المناهج والكتب والمعينات التعليمية الجديدة، كذلك ينبغي تحاشي الانتقاص من حرية المعلمين أو مبادراتهم أو مسؤوليتهم. ويجب أن تعترف السلطات بأهمية اشتراك المدرسين من خلال منظماتهم وبطرق أخرى في الجهود التي تهدف إلى تحسين نوعية التعليم وفي البحوث التربوية وابتكار الأساليب الجديدة المحسّنة ونشرها، فضلاً عن التأكيد على أن تحدد مرتبات المدرسين وظروف عملهم عن طريق التفاوض بين منظماتهم وأصحاب عملهم.
أما بالنسبة إلى المباني والمعينات التربوية، فينبغي أن تزود السلطات المدرسين والتلامذة بمعينات تعليمية حديثة، وأن تشجع السلطات على إجراء البحوث. كذلك أن تكون المباني المدرسية مهيّأة وظيفياً لتساعد على التعليم الفعّال وممارسة شتى الأنشطة غير الدراسية والمجتمعية، إضافة إلى منح المدرسين إجازات تغيّب بمرتب كامل لتمكينهم من الاشتراك في أنشطة منظماتهم. وعن الهدر ونقص المعلمين، تدعو التوصية إلى أن يكون هناك برنامج شامل يؤدي إلى تخريج مدرّسين يتمتعون بالكفاءة المهنية اللازمة، وضرورة تعيين متخرجي الجامعات وحملة الشهادات التربوية، وهنا ينبغي تحسين أوضاع المدرسين الاجتماعية والاقتصادية وتحسين ظروف معيشتهم وعملهم وشروط استخدامهم، وإفساح فرص التقدم الوظيفي أمامهم سبيلاً إلى اجتذاب «الأشخاص كاملي التأهيل إلى مهنة التدريس وإبقائهم فيها».
وفي ما يتعلق بالإعداد والتأهيل، تنص التوصية على إعداد جميع المدرسين إعداداً عاماً وخاصاً وتربوياً إما في جامعات أو معاهد على مستوى موازٍ للمستوى الجامعي، أو في معاهد خاصة لإعداد المدرسين، وينبغي أن تبذل السلطات المدرسية كل جهد ممكن لضمان قدرة المدارس على تطبيق نتائج البحوث التي تهمها، سواء في مواد الدراسة أو في أساليب التدريس.
وفي شروط العمل، ترى التوصية أنّ الاستقرار في الوظيفة والأمن الوظيفي في ممارسة المهنة شرطان جوهريان لمصلحة التعليم والمدرّس على حد سواء، ويجب كفالتهما حتى عند إجراء تغييرات في النظام المدرسي كله أو في جانب منه، إضافة إلى إدخال التعديلات اللازمة على قانون تنظيم الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة، بما يساعد على حماية المعلمين من الصرف التعسفي. كذلك ينبغي أن يلزم المدرسون بإجراء فحوص طبية دورية، على أن تكون مجانية. وتدعو التوصية إلى إشراك روابط المعلمين في مجلس إدارة تعاونية موظفي الدولة وإدارة الضمان الاجتماعي وصندوق نهاية الخدمة لمعلمي القطاع الرسمي في حال إنشائه.