strong> فاتن الحاج
لم يكن مقرراً أمس أن يشارك وزير التربية والتعليم العالي خالد قباني المعلمين عيدهم العالمي، لكن «أريدُ أن أشعر بأنني واحد منكم». هكذا فاجأ قباني الهيئات التربوية والنقابية المنعقدة في نقابة الصحافة اللبنانية قبل ساعة من حضوره، رافضاً أن يعتلي المنصة الرئيسية. وقد خاطب قباني المشاركين بالقول: «لستُ مدعواً إلى الاحتفال بيوم المعلمين العالمي، لكنني جئتُ لأكون معكم ولأؤكد أنّ عدم تلبية مطالبكم ليس تقصيراً أو إهمالاً من الدولة والمسؤولين عن القطاع التربوي، بل مرده إلى ظروف اقتصادية واجتماعية ومالية». وحرص على الحديث عن تعاطف رئيس الحكومة فؤاد السنيورة مع رسالة المعلم، «لأنّ دولة الرئيس يهمه أمر التربية، أكثر مما تظنون». لكنّ قباني كان واضحاً حين أكّد «أهمية أن ينظر إلى الحقوق بطريقة شمولية، نظراً للتداخل بين القطاعات المختلفة والتعارض بين مطلبٍ وآخر، وواجبات الدولة أن توفّق بين هذه المطالب، لأنّها لا تستطيع أن تكون إلّا لجميع الموظفين والعاملين، وإن كانت رسالة المعلم تبقى فوق كل الرسالات».
ويعتقد قباني «أنّه ما دامت وزارة التربية نسجت جسوراً من الثقة والعلاقات الطيبة مع المعلمين وهيئاتهم النقابية»، فبإمكانه أن يمون عليهم، لجهة عدم اعتماد السلبية في المطالبة بالحقوق. لذا بادرهم بالقول: «لستم مضطرين إلى اللجوء إلى الاعتصامات ما دام هناك أذن تسمع، وأبوابنا مشرّعة لكم ونستطيع أن نتحاور معكم يومياً». هي ليست دعوة إلى التخلي عن أي حق، كما أكّد قباني، «فالتظاهر حق دستوري لكم، لكننا نريد أن نعمل من أجل تهدئة الأمور وتجنب المزيد من التشنج والاحتقان، وصولاً إلى اتّخاذ القرارات التي تضمن الحقوق».
بالعودة إلى احتفال يوم المعلمين العالمي، فقد كان منتظراً أن تكون المشاركة أوسع، ولا سيما أنّ الاحتفال جمع كل روابط المعلمين والأساتذة في القطاعين الرسمي والخاص على حقوقهم. ربما لم يودُّّ المعلمون سماع مزيد من الشعر عن رسالتهم، ولا سيما أنّ التوصية الدولية التي أقرّت حقوقهم في 5 تشرين الأول 1966 بقيت من دون تنفيذ في 46% من بنودها.
مكتب اليونسكو الإقليمي كان حاضراً، وقد دعا اختصاصي التعليم العالي وتكوين المعلمين في المكتب الدكتور رمزي سلامة إلى أن لا يكون الحدث يتيماً لا متابعة له، وخصوصاً أنّها المرة الأولى التي يبادر فيها تجمع نقابات ورابطات المعلمين في لبنان إلى الاحتفال بيوم المعلمين العالمي. وأكد أنّ هناك اهتماماً عالمياً بمتابعة تطبيق بنود التوصية، واليونسكو تدعم كل الجهود الآيلة لتطبيقها.
من جهتها، رأت الأمينة العامة للجنة الوطنية لليونسكو سلوى السنيورة بعاصيري أنّ المعلم يحتاج إلى بيئة مادية توفر مستلزمات فعالية التعليم، وضمانات معيشية تليق بمركزه المعنوي وحوافز مهنية ضرورية تكافئ جهده، ويتطلع إلى إشراكه في صنع القرارات ووضع السياسات التربوية.
ودعا رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي إلى الإقلاع عن مشروع التعاقد الوظيفي الذي يهدّد ديمومة العمل والاستقرار الاجتماعي والنفسي للمعلمين. وشدد على «أهمية إقرار حق التنظيم النقابي وإحلال كلمة نقابة مكان رابطة حتى يتسنى لنا الدفاع عن حقوق زملائنا». وتساءل: «كيف تطلبون من الأستاذ تربية تلامذته على الحرية وهو مسلوب إياها؟»
أما نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض فاستهل كلمته بجملة للوزير قباني قالها في نهاية ورشة العمل الوطنية للتعريف بالتوصية الدولية: «نحن نعمل وأقولها بكل صراحة وصدق، خارج القانون، فوحدة الهندسة ومديرية الإرشاد والتوجيه ومديرية العلاقات الخارجية ووحدة المعلوماتية كلها غير موجودة في القانون، لكن من دون هذه الوحدات يتوقف عمل الوزارة، لذا نحن مضطرون للعمل خارج القانون». محفوض دعا إلى مشاركة منظمات المجتمع المدني في التغيير الجذري لبعض الواقع غير المريح الذي يحيط بوزارة التربية منذ 1959.
وفيما عدّدت رئيسة رابطة المعلمين الرسميين في بيروت عايدة الخطيب مطالب التعليم الرسمي الأساسي، توقفت عند عدم دفع مستحقات صناديق المدارس لعام 2005 ـــــ2006 التي تعاني من السيولة الثابتة.
وأكد رئيس رابطة التعليم المهني والتقني الرسمي محمد شعيتاني أهمية إدراج التعليم المهني والتقني في كل القوانين والأنظمة داخل السلطتين التنفيذية والتشريعية وتثبيت خريجي المعهد الفني التربوي وإلحاقهم بمدارس التعليم المهني والتقني لسد الحاجة.
ورأى النقابي محمد قاسم ضرورة إعادة النظر بكل الواقع التشريعي، مشيراً إلى «أنّنا كنقابيين نؤكد أنّ هناك أكثر من 60% من البنود لم تطبق من التوصية». وسجّل قاسم تقصير اليونسكو في الدفاع عن التوصية، إذ لم تنشرها إلاّ بعد أربعين عاماً في أوساط المعلمين