دعا الى الاختيار بين التوافق أو الانتخاب مباشرة من الشعب واتهم إسرائيل «بالقرائن والأدلّة» بارتكاب جرائم الاغتيال
شدد الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله على «اننا نريد رئيساً وطنياً لا يخضع للسفارات ولديه الشجاعة ويقدّم المصلحة الوطنية وصادق ويفي بوعده»، مؤكداً أن هذا الشخص «موجود ونص» ونستطيع أن نتوافق عليه

أقام «حزب الله» احتفالًا حاشداً مساء أمس في مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية حضره وزير البيئة المستقيل يعقوب الصراف ممثلًا الرئيس إميل لحود والنائب علي حسن خليل ممثلًا الرئيس نبيه بري ونواب وشخصيات سياسية وعسكرية وممثلون عن أحزاب وقوى المعارضة والفصائل الفلسطينية.
وألقى الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله كلمة متلفزة ذكّّر في مستهلّها «من باب الوفاء» للإمام الخميني الذي دعا إلى إحياء يوم القدس بأن الخميني «منذ بداية حركته السياسية الجهادية في إيران كان يؤمن بقضية فلسطين ويناضل من أجلها». وقال: «يوم القدس أراده الإمام مناسبة تذكير للأمة بالمصاب الجلل الذي أصاب فلسطين، نستحضر فيه عذابات الشعب الفلسطيني وتضحياته، بعدما أصبحت معاناة هذا الشعب خبراً عادياً في العالم العربي والإسلامي، وفي العالم الذي يدّعي أنه متحضّر».
وأشار إلى أن «الكل يهرب من تحمّل المسؤولية بحجة العجز والضعف الوهميين» مضيفاً: «اللبنانيون والفلسطينيون اختاروا استراتيجية مختلفة. الفلسطينيون أعلنوا استراتيجيتهم وذهبوا فيها بعيداً، وكانت العمليات الاستشهادية والمواجهات الشعبية والعسكرية. وهذه الاستراتيجية اتبعتها المقاومة في لبنان منذ عام 1982، فتألّفت مقاومة لبنانية بفصائل لبنانية متنوعة وقاتلت بجد وحظيت بدعم بعض الإخوة والأصدقاء الذين نشكرهم، وإن كان العالم يدينهم على دعمهم للمقاومة»، معتبراً أن «هذه هي الاستراتيجية المطروحة اليوم».
وناشد نصر الله «إخواننا الفلسطينيين، وخصوصاً في حركتي حماس وفتح، ضبط النفس»، منبّهاً إلى أن «كل الخسائر التي تلحق بأي فصيل فلسطيني هي خسارة فلسطينية شاملة وخسارة للأمة. ويجب أن نساعد الفلسطينيين ليتمسكوا بحق العودة، وليرفضوا توطينهم في أي بلد» متوجهاً إلى البعض الذي يتحدث في لبنان عن مخاطر جديدة لمخيم هنا أو مخيم هناك بأن «آخر المعالجة هي المعالجة الأمنية والعسكرية» داعياً إلى معالجة اجتماعية وإنسانية وأخلاقية والتعاطي الأخوي مع الفلسطينيين على الأراضي اللبنانية.
وحذّر من مخاطر الاجتماع الدولي الذي دعا إليه الرئيس الأميركي جورج بوش معرباً عن خشيته من أن يؤدي إلى التطبيع مع إسرائيل وألّا يحقّق شيئاً للفلسطينيين. وناشد الدول العربية، وبالتحديد السعودية، ألّا تعطي لهذا الاجتماع أي تغطية عربية، معتبراً أنه «لا يجوز أن تقدم كل المكاسب لحكومة أولمرت، في وقت يجب أن تحوّل إلى محكمة دولية لما ارتكبته بحق الشعب الفلسطيني وفي لبنان خلال عدوان تموز».
ولفت إلى أن العرب يتحدثون عن السلام وإسرائيل تقرع طبول الحرب، وقال: «في لبنان، كل يوم هناك خرق للسيادة وطائرات الاستطلاع الإسرائيلية تخرق أجواءنا، وغارات وهمية كثيفة. هل هي حرب نفسية أم مناورات حربية تحضيرية؟»، موضحاً أن «إسرائيل تتحدث عن السلام وتقرع طبول الحرب، ونحن هنا نناقش في سلاح المقاومة وإرادتها وموقفها». وإذ أكّد أن إسرائيل تريد أن تفرض هيمنتها وشروطها وسيطرتها على الفلسطينيين وكل دول المنطقة، رأى أن «الغارة التي استهدفت سوريا كانت تستهدف هزّ الموقف السوري قبل المؤتمر، من أجل التأثير على الممانعة والمقاومة اللتين يبديهما هذا النظام». ولم يستبعد «أن تكون هناك نية إسرائيلية منسّقة مع الأميركيين لجرّ سوريا والمنطقة بأكملها إلى الحرب، لأن هذا هو مشروع بوش في المنطقة».

العراق

وتطرّق نصر الله إلى الوضع في العراق مشيراً إلى أن قرار تقسيم العراق وإن كان غير ملزم فهو لم يتخذ بمعزل عن إرادة بوش. داعياً الشعب العراقي «إلى إسقاط مشروع الشرق الأوسط الجديد من بوابته الشرقية، من خلال إسقاطه لمشروع التقسيم الذي سيبدأ في العراق ولا نعرف أين ينتهي».

لبنان

فاتهم نصر الله «إسرائيل بالقرائن والأدلّة كما قال بأنها هي التي ترتكب جرائم الاغتيال في حق قيادات وشخصيات قوى 14 آذار من أجل خدمة مشروعها السياسي»، وأشار إلى أن الإسرائيليين «ينفذون هذه الجرائم بعلم الأميركيين وربما بغير علمهم»، وقال إن إسرئيل وأميركا تفعلان ذلك «لأن التهمة ضد سوريا جاهزة لدى قوى 14 آذار وهما تريدان من خلال المحكمة الدولية أن تسقطا آخر نظام عربي ممانع في المنطقة»، مشيراً إلى أن «الأجهزة الأمنية تجمع على أن العمل الذي نفّذ هو عمل دقيق وبارع، وأن الجهات التي نفّذت هذه العمليات لديها إحاطة معلوماتية عالية وقدرة عملانية عالية» وتساءل: «في تلك المناطق، مَن الأقوى؟ أليست الشبكات الإسرائيلية التي لها تاريخ وجود أمني عريق في تلك المناطق». ورأى أن «إسرائيل تريد من خلال المحكمة الدولية أن تسقط آخر نظام ممانع في المنطقة، وأن تفرض على سوريا تسوية على مستوى المنطقة». كذلك لفت إلى أن «مشروع إسرائيل في لبنان هو مشروع الفتنة، وتقاتُل اللبنانيين» موضحاً أن «إسرائيل تنظر إلى المقاومة من باب القلق الاستراتيجي، لأن المقاومة في لبنان قوة دفاعية تمنع إسرائيل من تحقيق أطماعها وطموحاتها وأحلامها. ولذلك، تريد استنزاف المقاومة وإضعافها وإرهاقها لتجرّها إلى فتن داخلية وإلى صراع داخلي». وأكّد «أننا لن ننجرّ إلى الفتنة، واذا قتلوا منّا، سنثأر من الصهاينة، وليس من اللبنانيين».
وتطرّق إلى موضوع الموقوفين في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري مناشداً القضاء اللبناني أن يحكّم ضميره ويطلق الضباط الأربعة المسجونين «ظلماً وعدواناً فقط انسجاماً مع الضغوط والقرارات والحسابات السياسية».

الإستحقاق الرئاسي

وفي موضوع الاستحقاق الرئاسي اشار نصرالله الى ان المعارضة قدمت في مبادرة الرئيس نبيه بري تنازلاً كبيراً من خلال التخلي عن مطلب حكومة الوحدة الوطنية، والتزام الطرف الآخر بنصاب الثلثين، كما قدمت تنازلاً آخر كبيراً، بأنها قبلت بالتفاوض على رئيس توافقي، في الوقت الذي لم يعلن فيه فريق 14 آذار التزامه بنصاب الثلثين بل يهددوننا بسلاح النصف زائداً واحداً.ومع ذلك، دخل الرئيس بري في نقاش حول رئيس توافقي، وايدت المعارضة مسعى الرئيس بري».وقال: «أنا أضمن بأن سوريا تقبل برئيس توافقي، الذي ليس له مصلحة في انتخاب رئيس توافقي هي إسرائيل، لأن الرئيس التوافقي يعني حكومة وحدة وطنية، وإسرائيل لا ترى في لبنان سوى سلاح المقاومة، لذا هي تريد رئيس تحد ومواجهة وليس حيادياً في مسألة سلاح المقاومة، وانما ملتزماً بنزع هذا السلاح وبالقضاء على المقاومة. هي تريد رئيس فتنة، انسجاماً مع مشروعها»، لافتا الى ان النائب غانم قتل لقطع الطريق على مبادرة الرئيس بري.
وأعلن نصرالله تأييده «مطلب الفريق الاخر بأن يكون الاستحقاق لبنانياً محضاً، وقال: «نريد استحقاقاً لا يتدخل به أحد، لا السوريون ولا الأميركيون»، مشيرا الى ان هناك طرقا قانونية وسلمية واضحة وهي: «التوافق على الرئيس وإذا لم نستطع تحقيق ذلك، في حال وجود ضغوط داخلية أو خارجية، فإن أفضل سبيل لكي يعبّر اللبنانيون عن إرادتهم هو الاحتكام للشعب. وإذا كان هذا الأمر يستحق تعديلاً دستورياً، فما المانع؟».
وقال: «إذا كنتم لا تريدون إجراء تعديل دستوري، نعتمد على ثلاث أو خمس مؤسسات لاستطلاع الرأي حيادية علمية وموثوقة، وتجري استطلاع رأي في لبنان. والشخصية التي تحظى بأعلى نسبة تأييد، نذهب إلى البرلمان وننتخبها»، مؤكداً «اننا ما زلنا منفتحين» على الحوار.
وخالف السيد نصر الله القائلين بأن البرنامج هو أهم من شخص الرئيس، وقال إن «الشخص هو أهمّ من البرنامج، لسببين: الأول أن السلطة الحاكمة في لبنان هي الحكومة لا الرئيس، وأن الرئيس قد يقدّم برنامجاً الآن ولكنه قد يعدل عنه في المستقبل، ونريد رئيساً وطنياً، تؤكد التجارب أنه لا يخضع للسفارات ولا للضغوط ولا يخاف ولديه الشجاعة ويقدّم المصلحة الوطنية وصادق ويفي بوعده». وأكد أن هذا الشخص موجود «وموجود ونص» ونستطيع أن نصل إليه ونتوافق عليه.

احتفالات المناطق

إلى ذلك أحيا حزب الله ذكرى يوم القدس العالمي باحتفالات ومسيرات في عدة مناطق.
وأصدر بياناً أشار فيه إلى أن يوم القدس يأتي هذا العام «في ظل ظروف استثنائية، وتحديات خطيرة تتعرض لها أمتنا ومنطقتنا، بما يشكل تهديداً حقيقياً لأمنها واستقرارها بفعل العقلية الإرهابية الأميركية ـــــ الإسرائيلية التي لم تجلب لنا سوى المزيد من الممارسات العدوانية والمجازر البشعة، ومشاريع التجزئة والتفتيت والضغوط والتهديدات التي تستهدف قوى الممانعة والصمود».
ورأى أن «الانتصار الإلهي والاستراتيجي والتاريخي الذي حققته المقاومة في لبنان في مواجهة العدوان الإسرائيلي، مضافاً إليه الانتصار الذي حققته فصائل المقاومة الفلسطينية عبر إجبار العدو الصهيوني على الانسحاب من قطاع غزة من دون قيد أو شرط بفعل صمود الشعب الفلسطيني وتمسكه بخيار المقاومة لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة، أجبرا الإدارة الأميركية على البحث عن وسائل حماية لأمن الكيان الصهيوني واستقراره ومستقبله، بعدما أصيبت سمعته العسكرية وقدرته الردعية في الصميم، فلجأت إلى أسلوب المناورة والخداع عبر الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي لن يكون أكثر من محطة جديدة من محطات التآمر على الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته العادلة».
ودعا «كل الشرفاء في أمتنا، ولا سيما أبناء الشعب الفلسطيني في الدرجة الأولى، إلى تجديد تمسكهم بثوابت القضية الفلسطينية، وعدم الاستجابة لأي دعوة تتضمن تفريطاً أو تنازلاً عن أي حق من الحقوق الوطنية المشروعة، وفي طليعتها استعادة القدس الشريف والتمسك بحق العودة وإنهاء الاحتلال».
كذلك، دعا فصائل المقاومة الفلسطينية إلى «تجاوز عوامل الفرقة والخلاف والانقسام، والمبادرة إلى دخول حوار أخوي جاد، لإعادة اللحمة إلى صفوفهم، وتحصين الجبهة الداخلية الفلسطينية، وإعادة بناء أسس الوحدة الوطنية، على قاعدة التمسك بالثوابت الوطنية المشتركة، وفي طليعتها حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال والعدوان».
و بالمناسبة، أقام الحزب احتفالاً حاشداً في مركز الإمام الخميني الثقافي في بعلبك، وقد ألقى عضو شورى حزب الله الشيخ محمد يزبك كلمة أكد فيها أن القدس ستبقى القضية المركزية، وأن سلاح المقاومة له وجهة واحدة وهي قتال العدو الإسرائيلي ومواجهة اعتداءته وتهديداته.
من جهته، دعا مفتي بعلبك الهرمل للطائفة السنية الشيخ خالد الصلح الى «التلاقي والتحاور وتنفيذ قرارات الحوار وعندها تتساقط القرارات الدولية التي تفرض على الشعوب المتقاتلة والمتناحرة فيما بينها».
ونظم الحزب مسيرة حاشدة عند بوابة فاطمة، انطلق المشاركون فيها حاملين صور قادة المقاومة والأعلام اللبنانية والفلسطينية وأعلام حزب الله ولافتات تندّد بالمجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني، وسط إجراءات أمنية مشددة وانتشار كثيف للجيش اللبناني والقوى الأمنية والقوات الإسبانية العاملة في إطار اليونيفيل، من مدخل بلدة كفركلا باتجاه بوابة فاطمة؛ بيد أن الحاجز البشري الذي أقامه الجيش حال دون وصول المشاركين إلى الشريط الحدودي الشائك ما دفع منظمي المسيرة الى تغيير طريقهم حتى وصلوا إلى البوابة، عندها تدخل الجيش، لكنه لم يتمكن من منعهم من الوصول والاقتراب من الشريط الشائك.
وقرب الأسلاك الشائكة ألقت رئيسة الهيئات النسائية في حزب الله فاطمة زينب كلمة نددت فيها «بالتدخل الأميركي في شؤون البلاد والعباد».