أكّد قائد الجيش، العماد ميشال سليمان، أهمية الحفاظ على الوحدة الوطنية التي بها «استطاع الوطن أن ينتصر على العدو الإسرائيلي في حرب تموز 2006، كما على الإرهاب في نهر البارد»، وبها «نستطيع في المستقبل أن نحقّق أعظم الانتصارات، لا بل نصنع المعجزات»، لافتاً إلى أن المرحلة التي يمرّ بها لبنان حالياً تقتضي «رصّ الصفوف، والعمل بكل السبل في اتجاه تحصين الوحدة الداخلية»، إضافة إلى ضرورة «أن يتحمّل الجميع مسؤولياتهم الوطنية، وأن يرتقوا من المصالح الذاتية والآنية، إلى مصلحة الوطن العليا، وأن يلتزموا القيم والمفاهيم الإنسانية قولاً وممارسة».كلام العماد سليمان جاء خلال رعايته احتفالاً أقامته قيادة الجيش في مجمع فؤاد شهاب الرياضي ـــــ جونية، أول من أمس، تكريماً للشهداء الذين قضوا خلال عدوان تموز وفي مواجهة الإرهاب في مخيم نهر البارد، وذلك في حضور نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع إلياس المر، وزير الداخلية والبلديات حسن السبع، شخصيات عسكرية وقضائية ودبلوماسية وإعلامية واجتماعية، إضافة إلى أهالي الشهداء.
وبعد عزف النشيد الوطني ونشيد الموت، وضع كل من الوزير المر والعماد سليمان إكليلاً من الزهر على النصب التذكاري لشهداء الجيش، فدقيقة صمت عن أرواحهم. ثم جرى توزيع الأوسمة على قادة الوحدات التي شاركت في معارك نهر البارد، وتوزيع الدروع والكتيّبات على أهالي وذوي الشهداء.
ومن وحي المناسبة، ألقى الدكتور ضاهر أبو غزالة، والد الملازم الأول الشهيد روي أبو غزالة، كلمة ذوي الشهداء، أشاد فيها بـ«انتصار المؤسّسة العسكرية الأبية، قيادة وضباطاً وجنوداً، على منظمة إرهابية كافرة متكاملة العدّة من حيث التدريب والعتاد والتقنية الحديثة»، مخاطباً الشهداء بالقول: «ثقوا أن أحلامكم سوف تتحقق ما دام هناك شعب يصرخ، وبصوت واحد: نستودع الشهداء على رجاء قيامة الوطن، ولن نرضى بعد تضحياتكم أن تبقى مؤسّستكم مفتقرة إلى السلاح والذخيرة، إذ لا يجوز أن يبقى الدعم كلاماً، لأن كل نقطة دم سقطت وتسقط من أجسادكم لا تقدّر بثمن»، مختتماً بالتأكيد أن «الوطن تميته الدموع وتحييه الدماء، والجبن رياء والمساومة خيانة».
بدوره، شدّد العماد سليمان على أن «اليد الآثمة لن تبقى طليقة، وستنال جزاءها العادل لا محالة»، مستذكراً يوم الثاني من أيلول كـ«محطة تاريخية مشرقة في حياة الوطن، إذ تحقّق الوعد الذي قطعه الجيش أمام الشعب اللبناني، انتصاراً لكرامته ووفاءً لدماء الشهداء، وذلك بالقضاء على أكبر تنظيم إرهابي عرفه لبنان، دأب على التخطيط والتحضير لإقامة إمارة خاصة به في الشمال، والانطلاق منها لتقويض أسس الكيان اللبناني والنيل من صيغته الفريدة».
وأثنى على «التعاون» الذي أظهره الفلسطينيون، من خلال «تأييدهم الجيش في معركته ضد الإرهاب، مؤكدين تصميمهم على عدم السماح بجعل المخيمات ملاذاً لتكوين حالات إرهابية مماثلة»، مشيراً إلى أن الإنجاز الذي حقّقه الجيش «لا تقتصر أهميته على النتائج الميدانية فحسب، بل يتعدى ذلك في الجوهر إلى أداء الجيش الذي قاتلت وحداته العسكرية بشرف وانضباط كلي، والتزام قانون النزاعات المسلّحة وسائر المواثيق التي ترعى حقوق الإنسان التزاماً دقيقاً، وهذا ما تجلّى في الحرص على أرواح المدنيين اللبنانيين والفلسطينيين، إحقاقاً للحق، وليس للثأر والانتقام».
ووجّه سليمان التحية إلى الشهداء «إرث الجيش، ولهب الدم النابض في عروقه، والشعلة التي لا تنطفىء»، خاصّاً أفراد عائلات الشهداء بالقول: «إن صبركم العظيم لا يوازيه إلا حجم إيمانكم بالقضية، فأنتم شجرة الوطن بجذورها وأغصانها وثمارها، العصيّة على رياح الزمن وصروف الدهر»، وداعياً جميع العسكريين، بمن فيهم الجرحى، لـ«مواصلة الطريق بكل عزم وحماسة واندفاع».
وختم قائد الجيش كلمته معاهداً على «أن تبقى المؤسّسة العسكرية حصن لبنان المنيع، وصمّام أمنه واستقراره، والصخرة الصلبة التي تتحطّم عليها كل الفتن والمؤامرات».
وبعدما انتهى قائد الجيش من إلقاء كلمته، اختتم الاحتفال بعرض عسكري شاركت فيه مختلف فصائل الجيش ووحداته الرمزية التي شاركت في معارك نهر البارد.
(الأخبار، وطنية)