عندقت ــ خالد سليمان عاليه ــ عامر ملاعب

رغم أن «نحيب» المسؤولين يرتفع بعد كلّ موجة حرائق تجتاح جبال لبنان، فإنهم لا يرتدعون عن الضغط من أجل إطلاق سراح مفتعلي الحرائق لأسباب سياسيّة.
هكذا حصل في أماكن كثيرة، وعندقت مثل عن هذه التدخلّات


«بعّد يديك عن النيران» هو عنوان الملصق الإعلاني الذي عُلِّق داخل مركز أحراج بلدة عندقت الهادئة في عكار والمترامية الأطراف إلى القبيات وشدرا وعيدمون. ويظهر في الملصق رجال إطفاء يخمدون أحد الحرائق الملتهبة لا في عندقت ولا في لبنان.
في كل سنة ينغص هدوء هذه البلدة حرائق مفتعلة، كان آخرها ذاك الذي اندلع الأسبوع الماضي في وادي عودين السياحي، وأتى على مساحة مليوني متر مربع من غابات السنديان والصنوبر البري.
وكان حريق آخر قد شبّ بداية الصيف وقضى على مساحات مماثلة وصلت إلى جبل أكروم، إلا أنّ الجهة السياسية التي ينتمي إليها الفاعل تدخلت لإطلاق سراحه، ما سبّب إحباطاً كبيراً لدى سكان البلدة الذين دعوا إلى محاسبة الفاعل المعروف الهوية والانتماء. وأفاد عدد من أهالي عندقت بـ«أنّ مسبب الحريق لا يزال حراً وأوقف لفترة وجيزة عملت القوات اللبنانية على إطلاق سراحه».
اتهم المواطن طوني شاهين ممثل القوات في عكار العميد السابق وهبة قاطيشا، بالتعاون مع أجهزة السلطة بقيادة آل الحريري بالعمل على إطلاق سراح الفاعل ج. ع. بعد توقيفه لمدة 48 ساعة فقط». ويؤكد مختار عندقت إبراهيم القاضي هذه المعلومات، مستنكراً إطلاق سراح المفتعِل بعد بضع ساعات من توقيفه، مشيراً إلى وجوده في البلدة.
وكان مجلس البيئة والتراث في عكار والقبيات قد اتهم في بيان أصدره «السلطة المتمثلة بأجهزتها القضائية التي رضخت منذ أسابيع للتدخلات السياسية من جهة أصبحت نافذة في الشارع المسيحي، لإخلاء سبيل من افتعل حريق عودين (أول الصيف)، الذي أثبتت كل الدلائل ضلوعه في الجريمة بعدما طاردته قوى الأمن فترة أسبوع لتلقي القبض عليه ثم يخلى سبيله بعد 24 ساعة، وهذا ما أدى إلى حصول خيبة أمل كبيرة عند المتطوعين والأهالي الذين فقدوا المعنويات وراحوا يتفرجون على الحريق الأخير».
من جهته، يرى رئيس بلدية القبيات عبدو مخول أنها ليست المرّة الأولى التي يُحمى بها الفاعلون. ودعا مخول إلى تعزيز مراكز الدفاع المدني «بالكادر البشري والوسائل والآليات لكي تقوم بعملها على أكمل وجه».
أما رئيس مركز الأحراج جورج رستم فوصف الحرائق التي اندلعت هذا العام بـ«المجزرة البيئية التي لم تشهد عندقت مثيلاً لها منذ سنوات». ويشير رستم إلى أنّ الحرج يحتاج إلى بين 5 و10 سنوات ليعود كما كان، لافتاً إلى قيام مشروع بين وزارة الزراعة وبلدية عندقت لإعادة تحريج المنطقة المحروقة. وأضاف رستم لـ«الأخبار» أنّ كل الحرائق مفتعلة في البلدة، وأنه غالباً ما تكون لجمع الحطب والأخشاب لفصل الشتاء، موضحاً أنّ غالبية مسبّبي الحرائق هم من أبناء البلدة. ورفض رستم تحديد هوية مسببي هذه الأعمال، مشيراً إلى أنّه «تم توقيف الفاعل في الحريق الأول ولا يزال ملفه لدى القضاء اللبناني».
من جهته، قال نائب رئيس بلدية عندقت فؤاد منصور «إنّ الفاعل اعترف بفعلته عن غير قصد والبلدية تعتبر الفاعل مجهولاً والموضوع في عهدة القضاء اللبناني»، واصفاً بيان مجلس البيئة بأنه «مجرد حكي واستغلال رخيص للموضوع». وتساءل عن الخطوات العملية التي قام بها المجلس لمنع هذه الحرائق سوى تلقّي المساعدات. ونفى منصور ما قاله مختار عندقت، مشيراً إلى أنّ «المجتمع العندقتي مقسوم حزبياً»، في إشارة إلى إمكان إطلاق الاتهامات لأسباب سياسية وحزبية.

جمعية «طبيعة بلا حدود»

من جهة ثانية، عقد أمس رئيس «جمعية طبيعة بلا حدود»، المهندس محمود الأحمدية، مؤتمراً صحافياً في مركز الجمعية في مدينة عاليه، بعد جولة ميدانية شملت الأحراج المتضررة في أقضية الشوف، بعبدا وعاليه، عرض خلاله لتصور أولي عن حجم الخسائر الناجمة عن الحرائق ومقدماً استنتاجات أولية في سياق دراسة تدأب الجمعية لإعدادها واستكمالها في غضون أسابيع قليلة.
ورأى الأحمدية أنّ الحكومات المتعاقبة تعالج هذه المسائل بالمسكنات، بعيداً عن وضع خطة استراتيجية شاملة لتشكيل لجنة طوارئ على مستوى الوطن تكون عناوينها الرئيسية أربعة: الوقاية، المكافحة، التوعية وتطبيق القوانين على المعتدين على الغابات.