ثائر غندور
... ودخل طلاب «اللبنانيّة» إلى غرف سكنهم الخاص للمرّة الأولى يوم أمس. ردّة فعلهم الأولى توحي بالفرح، وبعض النقد ورغبة حقيقيّة في إنجاح هذه التجربة

لم تتعوّد جدران سكن الطلّاب في مدينة الحدث الجامعيّة الضجّة التي سادت يوم أمس. فمنذ أربع سنوات وهذه الغرف تنتظر من يسكنها. البارحة تحقّق الحلم، وأخبرت كل غرفة زميلاتها في الطابق تفاصيل ساكنيها الجدد. أشارت إلى أوزانهم وعاداتهم. هناك غرف فرحت بأنها استقبلت شباباً، وأخرى فرحت بالصبايا، ومن هذه الغرف ما حزن لأنه بقي فارغاً.
في المقابل، وقف عشرات الطلّاب أمام الغرفة التابعة لإدارة شؤون المدينة الجامعيّة منذ السادسة صباحاً. أتوا لتسلّم غرفهم، أرادوا أن يتأكّدوا أنّ اختيارهم كان صائباً، وأن يقولوا لمن اعتبرهم «مغامرين وثقوا بالجامعة اللبنانيّة» إنّ ثقتهم كانت في محلّها. اعتراضاتهم قليلة وغير جوهريّة حتى اليوم، وصفها أحد المشرفين على السكن بـ«دلع بعض طلّاب السنة الأولى الذين تعوّدوا غنج المامافحتى البارحة، وصل عدد الذين سجّلوا أسماءهم في غرف السكن إلى 431 طالباً و587 طالبةً، أي 1018 طالباً بشكل إجمالي، فيما بلغ عدد الذين دفعوا الرسوم عبر «الليبان بوست» 726 طالباً.
بالعودة إلى الطلّاب الذين وقفوا بالصف في انتظار حصولهم على أوراق تسلّم الغرف، فقد حضروا في اليوم الأول ليحرصوا على ألا تضيع عليهم الفرصة، على رغم مناشدات رجل الأمن الواقف هناك، أن يأتوا في الأيام التالية، لكن الـ650 طالباً أصرّوا على إنهاء الأمر اليوم وهكذا كان.
دخلوا إلى الغرف «على رؤوس الأصابع» خوفاً من صدمة ما، لأنّهم قرأوا عن السكن وتسجّلوا فيه من دون أن يزوروه، «لكنّنا رأينا الصور في الصحف»، يقول قاسم. يحمل قاسم مفتاح الغرفة رقم 217 ويبدأ بالبحث عنها. لم يجدها في الطابق الأرضي فقرّر الصعود إلى الطابق الثاني. هناك وجد أنّ الغرف تبدأ بالرّقم 300 وما فوق. نزل طابقاً. نظر إلى لوحة المعلومات المعلّقة فقرأ: «غرفة الطالبات...». سكت للحظة. وقال: «أكيد مش بهيدا الطابق». أقنعه صديقه بالدخول. وجدا الغرفة. «غريب، شو بدي اسكن بين الصبايا؟». لم تعجبه فكرة السكن بين الصبايا!. لكن قاسم لم يكن يدري أنّ إدارة السكن الجامعي أجرت تبديلات على توزيع الغرف، فهي كانت قد أعطت الأولوية سابقاً للشباب، ليحصلوا على ألف وأربعمئة سرير في مقابل ستمئة للصبايا. فعدد الصبايا اللواتي تسجّلن في السكن يفوق عدد الشباب، وهو ما عزاه المسؤولون في إدارة المدينة الجامعية وبعض الطلّاب إلى كون الشباب لا يتحمّلون «الحصر». فموعد إقفال السكن حُدّد بالساعة العاشرة مساءً.
الموعد أثار حفيظة عدد من الشباب الذين لم يصدّقوه، إذ قال ساري لزملائه: «لا يا رجل. سمعت إنو الساعة العاشرة للصبايا والثانية صباحاً للشباب». لكنّ المسؤولين عن السكن أكّدوا أنّ الموعد هو نفسه بالنسبة إلى الشباب والصبايا، فعند العاشرة مساءً يُغلق مدخل السكن ويُمكن الطلّاب البقاء في الباحة الداخليّة أو قاعات المطالعة والتلفزيون.
وقد اختار اثنان وخمسون شاباً واثنان وستون صبية الإقامة في الغرف الفردية حيث يدفعون مئتي ألف ليرة للغرفة، أي ضعف إيجار الغرفة المزدوجة، «وذلك حتى أشتري راحتي، فأنا طالب طبّ وأحتاج إلى الهدوء كي أدرس»، يقول أحمد.
ويلفت بعض الطلّاب إلى وجود نواقص، مثل عدم وجود برّاد في الغرف، وعدم تجهيز المطبخ بالبرّادات والأفران المنزليّة. وأشار أحد المسؤولين عن السكن إلى تجهيز المطابخ قريباً بثلاثة أفرانٍ كهربائيّة (Microwave)، ومن المعروف أن لكل ثماني غرف مطبخها الخاص، لكنّه أوضح أنّ تجهيز الغرف بالبرادات سيحتاج إلى بعض الوقت قد يصل إلى ثلاثة أشهر، وذلك حتى تنتهي إجراءات المناقصة «وهي جداً بيروقراطيّة».
عاين كلّ طالب وطالبة غرفته. فرحت لمى وأختها منى بالـ«View»، لكن صديقتهما شذا التي لم تعرف من سيكون معها بالغرفة، لم تجد شيئاً مغرياً تنظر إليه سوى إمكانية وضع جدول بساعات دخول الشباب وخروجهم لكون غرفتها تطلّ على مدخل بلوك الشباب.