strong>كمال شعيتو
أمضى جعفر حمزة أكثر من 14 عاماً يحفر آبار المياه في ليبيا التي هاجر إليها من لبنان عام 1990، على أمل جمع أموال تخوّله بناء منزل في بلدته الخضر البقاعية. إلا أنه عاد عام 2005 إلى بلده الأم، باحثاً عمن يشتري منه قطعة أرض ورثها عن أهله، من أجل تأمين مسكن لعائلته التي تقطن مع والدته في غرفة واحدة.
«عمليات نصب» تعرّض لها حمزة في الغربة كما قال لـ«الأخبار»، الذي أظهر مستندات ووثائق يقول إنها تثبت حقّه. إذ إن أكثر أرباب العمل الذين عمل لحسابهم «أكلوها عليه»، وهم من ذوي النفوذ. فبعد عمله لمدة سبعة أشهر مع محمد غ.، صاحب حفّارات في مدينة البيضاء وهو صديق لشقيق زوجة القذافي، رفض الأخير إعطاءه مستحقات باقية له في ذمته، وقد بلغت 2400 دولار. كما أنه تعرض للأمر عينه في مدينة طبرق «حيث عملت مع محمد ع.، مدير هيئة المياه في طبرق، وكما سالفه فقد نصب علي 2000 دولار». يتابع حمزة: «عملت بعدئذ مع ادريس ق.، تخلل العمل حفر بئر للمياه داخل استراحة تابعة للرئيس معمر القذافي، وفي أحد الأيام فوجئت بتأمين عمال آخرين بدلاً عني من دون أن يعطيني مستحقاتي الباقية والبالغة 1950 دينار ليبي».

بري ونصر الله

يقول حمزة: «أثناء عملي ضمن إحدى شركات حفر وصيانة آبار المياه الجوفية التي يملكها رزق ح.، التقيت إدريس مجدداً وعملت معه ضمن الشركة. وكان أن نصب علي مجدداً ما بين 16500 و17000 دينار ليبي. ولدى مطالبتي إياه بالمبلغ، أجاب: ما إلك معي شي، إعمل يلي فيك تعملو». حينئذ ذهب حمزة إلى ابن عم ادريس الذي يتولّى منصب أمين الزراعة في طبرق، فنصحه بعدم تقديم شكوى وحل الموضوع ودياً. في هذه الأثناء، تقدم رزق بشكوى بحق حمزة بتهمة التشهير «فبقيت في السجن 24 ساعة ثم أحلت على النيابة العامة وأخرجت عبر كفيل».
بعد ذلك، اشتكى حمزة أمام السفير اللبناني في ليبيا حينذاك (عام 2004) فأجرى اتصالاً بالعقيد غيث الجبوري، المنسق العام للقيادات الشعبية في ليبيا، وأخبره بالقضية عبر الهاتف. «وبما أن مكبر صوت الهاتف كان مفتوحاً فإنني سمعت ما دار من حديث بينهما. فقال الجبوري: مسلم شيعي ومن آل حمزة، خلّي يروح عند حسن نصر الله ونبيه بري ياخد حقو»، ثم أضاف: «فليذهب الى محافظ طبرق».
وعند المحافظ، تلقى حمزة الإجابة نفسها: «نحنا مش مليين عينك حتى تروح على السفارة، روح لعند حسن نصر الله ونبيه بري حتى يحصلولك حقك، ما إلك عنا شي». فقرر لقاء القائم بالأعمال، فطلب منه الأخير التقدم بشكوى في وزارة الخارجية في لبنان. فما كان من حمزة إلا أن عاد إلى لبنان بعدما دفع مبلغ 18000 دولار بدل إقامة عن السنوات التي قضاها في ليبيا. ثم تقدّم بالشكوى لدى مدير الشؤون السياسية والقنصلية في الوزارة آنذاك السفير بطرس عساكر، فأُرسلت برقية إلى السفارة اللبنانية في ليبيا، رُدّ عليها بكتاب تأكد فيه اشتكاء حمزة أمام السفارة المذكورة بتعرضه لعمليات نصب قام بها مواطنون ليبيون وأنه قام بتزويد السفارة بصور عن مستندات شكاواه والتزاماته وعقود وتفاصيل عمله من دون عناوين المشكو منهم شركات كانوا أو أفراد. وردّت السفارة في كتابها أنها حاولت الاتصال بلبنانيين في مناطق عمل حمزة السابقة من أجل الاستدلال أو الاتصال بالليبيين من دون جدوى، وذلك لبعد طبرق وبنغازي آلاف الكيلومترات عن طرابلس. وختم الكتاب برجاء «الإفادة عن إمكان تكليف محامي متابعة شكواه لوجودنا على بعد آلاف الكيلومترات عن مقر عمله والتزاماته السابقة».
ورغم تواصله مع عدد كبير من الشخصيات السياسية والدبلوماسية والاجتماعية بدءاً برؤساء الجمهورية والحكومة ومجلس النواب، والنواب سعد وبهية الحريري وستريدا جعجع، والوزراء فوزي صلوخ ووئام وهاب فضلاً عن مكتب السيد حسن نصر الله، والعديد من وسائل الإعلام المحلية والفضائية إضافة الى مكتب الأمير الوليد بن طلال، إلا أن هذه الاتصالات كافة لم تفضِ الى نتيجة.
ويؤكّد جعفر أنه ليس الوحيد من اللبنانيين الذين ظُلموا في ليبيا، وليس لديهم ثقة بالسلطات هناك، ومنهم والد زوجته محمد علي أمين، الذي توفي قبل أقل من 10 أيام في ليبيا التي هاجر إليها عام 1972.
يبقى السؤال الذي يردده جعفر: من يعيد إليّ حقوقي؟