صور ــ علي عطوي
يعود الصوريون في رمضان إلى قديمهم ويسكنهم الحنين إلى ماضيهم العريق، فتجدهم يقضون الأمسيات الرمضانيّة في السوق والمسجد والحارات القديمة، ويتناولون طعام السحور في أزقة تعبق برائحة التاريخ والأصالة.
وليل الحارة والسوق في رمضان موصول بالنهار، إذ لا تنام الحارة في مثل هذه الأيام من كل عام، فأبناء المدينة يتهافتون من كلّ حدبٍ وصوب للتمتّع «بأطيب وجبة سحور». كما تشهَد مطاعم السوق القديم ازدحاماً كبيراً، فيما يعجّ الشارع الرئيسي للسوق بالروّاد عند ساعات المساء الأولى، حيث يشهد نشاطاً ملحوظاً، لكثرة ما يكتظّ بزائري محالّ الألبسة والمؤسسات التجارية المتنوعة.
على أبواب عيد الفطر تزداد الحركة التجارية، وتتحوّل المدينة إلى شبه خليّة نحل يدبّ فيها النشاط، وتبدأ الحركة بالاتساع كلّما ضاقت الفترة الزمنيّة التي تفصل رمضان عن عيده. وتصل حركة التسوّق إلى ذروتها في فترة بعد الإفطار، حيث تفتح المؤسسات التجارية أبوابها، ويبدأ الناس بالتوافد لشراء ملابس العيد ومستلزماته. أمّا ليلاً فتختفي مظاهر الازدحام ويخلو السوق التجاري من الروّاد الذين ينتقلون إلى الأزقة الفرعية الضيّقة للسوق التي تكتظّ بالروّاد.
وفي «جيوب» السوق الداخليّة تنتشر مطاعم الفول الشهيرة، التي ما زالت تحافظ على أصالتها وصورتها القديمة، كمطاعم: «بارود»، «المزرعاني» و«حاجو»، وقد أصبحت ماركة مسجّلة في سجلّ الأطعمة «الصوريّة» ذات الجودة. يتوافد روّادها إليها من أنحاء المدينة كلها ومن القرى المجاورة. ويقصدونها لطعمها اللذيذ وأمكنتها الشعبيّة وأرغفتها الساخنة الخارجة للتوّ من بيوت النار التي تعمَل على الحطب.
وفي زقاق ملحمتيْ «كناس» و«سعيد»، يرتفع دخان المشاوي وتعبق رائحتها في المكان وتمتدّ الطاولات والكراسي الخشبية على طول الأزقة وتمتلئ بالزبائن، الذين «يتقاطرون» لتناول اللحم المشوي. لكن «عجقة» المتسحّرين تجعل الانتظار «جواز مرور ضرورياً لكلّ من سوّلت له نفسه أن يأكل من لقمة صور الطيّبة».
وفي الانتظار فائدة تمنَح الصوريين فرصة الاحتكاك بأقربائهم وأصدقائهم، الذين يلتقون بهم وسط زحمة خانقة، وتبقى عشرات الدراجات النارية التي تجوب أزقة السوق ذهاباً وإياباً، مصدر الإزعاج الأساسي، وذلك لأنّها «تتغلغل» وسط المارة بشكل مزعج فتعرقل حركة سير المواطنين الراجلين وتقلقهم على حياتهم وحياة أولادهم.