طارق ترشيشي
منذ وقوع جريمةاغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005 كان «حزب الله»، وعلى رأسه أمينه العام السيد حسن نصر الله يحاول تدوير الزوايا لإستيعاب الطعنات المباشرة وغير المباشرة هرباً من الوقوع في الفخ الأميركي ـ الاسرائيلي المحضر للساحة اللبنانية وهي الفتنة الداخلية والحرب الأهلية.
ويقول مصدر في المعارضة في معرض اجراء قراءة سياسية لأبعاد خطاب السيد نصرالله في يوم القدس الاسبوع الماضي ان إلتزام «حزب الله»، ومعه المعارضة، هذا النهج السياسي ادى الى خسارتهما اوراقاً عدة منها المشاركة في الحكومة وبالتالي في القرار والخدمات لتأمين مصالح الناس فضلاً عن خسارتهما ايضاً من خلال إقرار المحكمة الدولية وفق الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة بعيداً عن المؤسسات الدستورية اللبنانية مما فتح الطريق امام تجاوز هذه المؤسسات في استحقاقات أخرى مثل الاستحقاق الرئاسي لأن سابقة ان يتحول مجلس الأمن بديلاً عن مجلس النواب اللبناني يمكن ان تتكرر في الانتخابات الرئاسية، وكانت آخر طلقات التحذير التي تملكها المعارضة في وجه الموالاة لمنعها من إجراء انتخابات على أساس نصاب النصف زائداً واحداً، خلافاً الدستور، هو التنازل عن مطلب حكومة الوحدة الوطنية عبر مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث وجدت المعارضة نفسها أمام خيار مبادلة كل ما تملك من سلاح مقابل البدء أو الوعد بالبحث في التوافق غير المضمون مع الموالاة، مما اظهرها وكأنها ساذجة سياسياً ولا تملك التجربة والحنكة السياسية وأنها ضعيفة على مستوى قوة الشارع أو قوة التمثيل السياسي، وهذا ما دفع الموالاة إلى رفع سقف مطالبها وشروطها مستغلة حرص المعارضة على الاستقرار والسلم الأهلي.
ويقول المصدر المعارض نفسه «ان فهم الموالاة الخاطىء لموقف المعارضة هو ما دفع السيد نصر الله على أبواب الأيام الخطرة والمفصلية الى التخلي عن لغة الخطاب غير المباشر والعام والضبابي ليطرق باب المفاهيم والمصطلحات المباشرة والجارحة بصراحتها، وليعلن ان ما تم السكوت عنه سابقاً، لن يتم السكوت عنه بعد الآن، سواء في قضية تلفيق الاتهامات من القاضي ديتليف ميليس إلى «الشاهدين» زهير الصديق وهسام هسام تزويراً للحقيقة عبر توقيف الضباط الأربعة كوسيلة غير مباشرة لتجريم سوريا، وان السكوت عن اغتصاب الفريق الحاكم للسلطة لن يتم السكوت عنه بعد الآن، فمن رضي بالديموقراطية التوافقية وهو الذي يملك الأكثرية العددية على مستوى الطوائف كافة سينحاز حكماً إلى الديموقراطية العددية للامساك بالحكم ديمقراطياً وليس اغتصاباً للسلطة كما يجري الآن، وان زمن تبرئة الاسرائيلي من جرائم الاغتيال والتفجيرات واتهام سوريا قد ولّى أيضاً، لتبدأ مرحلة وضع الأمور في نصابها الطبيعي لأن القاتل هو إسرائيل دوماً في الجنوب وفي بيروت وفي الشمال وفي كل منطقة لبنانية، وان من يبرئ إسرائيل انما يوفر الغطاء السياسي والأمني لمخابراتها للعبث بأمن لبنان وبالتالي فهو شريك في جرائم الاغتيال، وسيتم التعامل معه على هذا الأساس».
ويشير المصدر نفسه الى «ان الحقيقة الواضحة التي أرادها السيد نصرالله من قوله أننا في عصر «الكذب ملح الرجال» هي ان عصر الكذب والتكاذب في الحوارات الوطنية والتحالفات الرباعية والسباعية والثلاثية والوعود الكاذبة التي ملّها الشعب اللبناني قد انتهى زمنها أيضاً وستبدأ مرحلة الصدق والجرأة في المواقف والحسم في القرار بمضمون واحد هو ان لبنان لن يكون أميركياً في السياسة، كما لم يكن إسرائيلياً بالنار والرصاص. وكما فشلت حرب السيطرة في تموز 2006 ستفشل حرب السيطرة في تشرين الثاني المقبل. لأن
رئيس النصف زائداً واحداً هو النسخة المكررة لسعد حداد في «دولة لبنان الحر» التي اقامتها اسرائيل في جنوب لبنان بعد الاجتياح الاسرائيلي للجنوب عام 1978. وسيتم التعامل معه وطنياً على هذا الأساس وان السلاح الذي سيواجهه هو سلاح مقاومة وليس سلاحاً ميليشياوياً حسبما يدعي البعض، فالإسرائيلي والعميل يبقى الموقف منه هو ذاته سواء على الحدود أو في بيروت».
وينتهي المصدر المعارض الى القول ان خطاب السيد نصر الله «كان المرحلة الأخيرة قبل قرار الحسم الذي ستتخذه المعارضة في حال ركبت الموالاة رأسها بالنصف زائداً واحداً وفق الأوامر والتعليمات الأميركية».