رامي زريق
لبنان بلد نشيط. الصحف مليئة بأخبار نشاطات مؤسسات المجتمع الأهلي. وثمّة تنوّع كبير في أشكال وألوان هذه النشاطات. فمنها بيئي، ومنها اجتماعي، ومنها اقتصادي. إلا أنها تتشابه جميعاً في نواح ثلاث، وهي أنها تقع في خانة «العمل التنموي»، وتموّل عادة من جهات مانحة أجنبية، وتحاول الابتعاد قدر الإمكان عن السياسة.
وكلما اشتدّت الأزمات الاقتصادية أو الأمنية في لبنان، يتهافت المانحون على المؤسسات الأهلية، ويعمّ النشاط أرجاء البلاد. تُنفَّذ الحملات البيئية، وتقام الدورات التدريبية عن الجندرة وحقوق الطفل، ويفتتح هذا الدبلوماسي أو ذاك مركزاً تعاونياً، واعداً بأنّ الحلّ لتردّي الأوضاع المعيشيّة آتٍ على يد الجمعيات التي تموّلها دولته الكريمة. ولكن الواقع على الأرض يدلّ على غير ذلك، فيبقى المواطن يتخبّط في ضيقه، وتتزايد انتهاكات حقوق الإنسان، ويتابع التصحّر زحفه، ويهجر المزيد من المزارعين أريافهم، بينما تستمرّ أسعار المواد الغذائية المستوردة بتصاعدها.
ويتّفق مراقبو شؤون التنمية على أنّ أثر العمل التنموي هذا على الواقع الاجتماعي يبقى ضئيلاً جداً، لا بل قد يكون سلبياً أحياناً.
ويُعزى هذا الواقع إلى عوامل عدّة، من أهمّها غياب فكر سياسي إيديولوجي واضح، يهدف إلى العدالة الاجتماعية وترسيخ حقوق الإنسان الأساسية، ويؤطر العمل التنموي. أما الواقع اليومي، فهو أقرب إلى العمل تحت راية «النيات الحسنة» و«الصدقة» و«الأعمال الخيرية». ليس من الممكن الابتعاد عن السياسة في العمل التنموي. فكيف نستطيع أن نقاوم الفقر من خلال برامج مموّلة من صانعي ومسبّبي هذا الفقر؟ ومن دون التطرّق إلى قضايا العدالة والتباين الاجتماعي؟
تأتي صفحة «بدائل» هذه، حاملة أخباراً وتحاليل تتعلّق بالعمل التنموي، هادفة إلى المشاركة في تحقيق مجتمع أكثر عدالة، مشيرة إلى أنّ السعي لتحقيق هذه العدالة هو موقف سياسيّ أوّلاً.