تُعَدُّ منطقة شرقي المتوسّط المنبع الأساسي لنبتة القمح. لذلك، فهي أيضاً المصدر الرئيسي لأصناف عديدة من الخبز اتّكل عليها السكان الأصليون أساساً لوجباتهم الغذائية، فـ«كفاف اليوم» من الخبز كان مطلب المجتمعات التقليدية القديمة التي لم تعرف الاستهلاكية والخريطة الغذائية المعقدة التي تطغى على ديناميتها في أيامنا هذه الاعتبارات السياسية والتجارية. وقد ابتكروا أصنافاً عديدة من الخبز وربطوها بمناسبات قد تكون موسمية أو دينية. ملّة السميد خبز تقليدي يشبه الكعك أو «البرازق»، إلا أنّه لا يحتوي على السكر. وتتميّز به بلدة دير قانون رأس العين الواقعة في قضاء صور جنوب لبنان.
يتألف هذا الخبز من الطحين الكامل والسميد (البرغل الناعم)، والسمسم غير المقشور والزيت. وتضاف إليه أحياناً حبّة البركة أو حبة البطم المجفّفة. ومن ميزات هذا الخبز أنّه يُحفظ لمدّة طويلة (عدة أسابيع) من دون أن يُتلف ومن دون الحاجة إلى حفظه في الثلاجة، لذلك، فقد كان زاد الحجاج الأساسي.
طعم ملّة السميد لذيذ ومميّز يذكّر برائحة البراري والحقول في مواسم الحصاد. ولأنّها مصنوعة من الدقيق الكامل والسميد والسمسم الكامل، فهي تحتوي على نسبة عالية من الألياف الطبيعية ذات الفائدة الصحية المعروفة.
وكانت ملّة السميد قد اختفت اختفاءً شبه كامل من تراثنا الغذائي إلى أن أعادت اكتشافها مجموعة من النسوة يعملن في التعاونية الإنتاجية في دير قانون رأس العين. وأخذت هذه المجموعة مبادرة إحياء هذا التراث وتصنيع ملّة السميد وبيعها في البلدة وفي أسواق المنتوجات الطبيعية في بيروت.