صيدا ـ خالد الغربي
في اللقاءات الحزبية شبه اليومية التي يعقدها رئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب أسامة سعد مع الوحدات التنظيمية في التنظيم بعدما باتت مرتبطة به مباشرة في إطار خطوات سياسية وتنظيمية تهدف إلى رفع «اللياقة البدنية» للجسم التنظيمي تمليها التطورات، يطلب سعد من محازبيه وكوادره اعتماد دبلوماسية «الأعصاب الباردة» وممارسة أقصى درجات ضبط النفس وعدم الانجرار إلى إشكالات تهدف إلى نصب كمين للتنظيم واستدراجه إلى فخاخ تهيأ له، وما يطلبه على مستوى الأعصاب يطلب مثله لحاسة البصر حيث يجب أن «تبقى عيوننا مفتحة منيح». أما على مستوى النطق، فيطلب سعد من مناصريه «الاستعانة على قضاء حوائجهم بالكتمان».
وتشبّه مصادر في التنظيم المرحلة الراهنة إلى حد بعيد بمرحلة الاندحار الإسرائيلي عن صيدا عام 1985 حيث سعى الاحتلال وبتواطؤ من قوى لبنانية واستخبارية إلى النيل من «رأس» التنظيم لما يشكله من صمام أمان للوحدة الوطنية بين صيدا ومحيطها الشرقي والجنوبي، إلا أن التنظيم خرج من محاولة قتل قائده آنذاك الراحل مصطفى سعد أكثر صلابة ومقاومة. وتدرك المصادر أن المهمة اليوم أصعب لأن قوى السلطة تسعى إلى إقامة خطوط تماس نفسية وسياسية داخل المبنى الواحد والبيت الواحد، مستغلة غياب العامل الوطني وانكفاء دوره لمصلحة قوى طائفية ومذهبية ولممارسة شحن مذهبي ضد النائب سعد، لكنها تؤكد أن التنظيم قادر على إحباط كل المحاولات، وتنصح في هذا المجال فريق السلطة بالتبصر جيداً لأن معركته في صيدا لن تكون في نهاية المطاف لمصلحته على الرغم من حجم ما يصرف من أموال «للشتم بالأجرة» و«الاستكتاب على القطعة» و«شراء للشباب».
ويقول النائب سعد في لقاءاته مع عدد من الهيئات الصيداوية إنه يؤكد على مسألتين ورسالتين: رسالة تطمين، ورسالة التزام، إلى أبناء صيدا، والجوار، شرقاً وجنوباً. رسالة التطمين هي أن التنظيم الشعبي الناصري على عهده في حماية السلم الأهلي، والوحدة الوطنية، وأن الصراع السياسي مهما كان قاسياً ومحتدماً، فإن التنظيم لن ينجر إلى صراع أهلي. أما رسالة الالتزام فهي أن التنظيم لن يحيد عن الثوابت الوطنية للمدينة، التي رسختها دماء آلاف الشهداء، وعلى رأس هذه الثوابت، حماية المقاومة، ونهجها في كل الأحوال والأزمان.
وإذ يرى سعد أنه يحلو للبعض في المدينة كيل الاتهامات، للنيل من مواقف التنظيم السياسية، يشير إلى أنه غالباً ما تستند هذه الاتهامات، إلى طروحات مذهبية، بهدف التحريض ضد التنظيم، حسب اعتقادهم وهم بالحقيقة يحرضون ضد المدينة، ومصالح أهلها، ويهددون أمنها واستقرارها الداخلي». وأبرز وأسخف هذه الاتهامات قولهم إن التنظيم يسعى إلى تسليم قرار المدينة لغير أبنائها وإن التنظيم يخضع لإملاءات من خارج المدينة، وهذا ما يتعارض مع مصالحها وهويتها المذهبية على حد قولهم». ويذكّر سعد بأنه لم يمنح حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الثقة، و«يومها كان لنا حلفاء فيها». ويسأل «هل في ذلك خضوع لمشيئة الآخرين، على حد ما تزعمون؟ كفاكم تضليلاً للناس، كفاكم مزايدات رخيصة»، مؤكداً أن «لا أحد يستطيع أن يصادر قرار المدينة التي لا تحتضن ولا تقتني سلاح الفتنة وستبقى توجّه سلاحها باتجاه أعداء الوطن».
وينتقل سعد إلى الإطار الوطني العام ليشير إلى أن «السياديين الجدد الذين مجّوا شعارات السيادة والحرية لا يتركون مناسبة أو فرصة لتسهيل التدخل الأجنبي ولا سيما الأميركي في لبنان ويذهبون إلى آخر الدنيا ليتباحثوا بالشؤون اللبنانية ونسمعهم يقولون إنهم لا يريدون أي تدخل خارجي أو وصاية جديدة، لكن ممارساتهم وسلوكهم تفتح الأبواب على مصاريعها للتدخلات». ويلفت إلى أن فريق السلطة يرفض، في المقابل، أي حل وهو يدفع الأمور نحو التأزم والانقسام والتوتر، محذراً من أن إمعان فريق السلطة في رفض الحل سيؤدي إلى فوضى شاملة، ويقول: «كذب بوش ولو صدق، ولا نريد أن يكون عقلنا مخرباً ونجرب المجرب الذي شاهدنا ديموقراطيته في العراق ولبنان وفلسطين».