صور ـ آمال خليل
تسلّل المواطنون من زحمة ليالي العيد ليشاركوا عناصر الدفاع المدني الـ46 العاملين في فرع صور تكريمهم الأول منذ انتهاء عدوان تموز. وكان موقع «يا صور» وجمعية صور الثقافية الاجتماعية قد جهدا لأسابيع في الدعوة إلى الاحتفال الذي أقيم في «بورة» واسعة في صور «بسبب عظمة تضحيات الدفاع المدني وغياب الاهتمام الرسمي في دعمه ورفع مستوى جهوزيته»، على حد تعبير رئيس الجمعية حسن شعبان.
لم يحضر نواب المنطقة وممثلوهم المحليون حفل التكريم باستثناء رئيس بلدية صور عبد المحسن الحسيني، فكان تكريماً حقيقياً لم يعكّره أحد من «الدخلاء الذين أوسعوهم مجاملات ووعوداً حتى قبل قصف مقرهم وآلياتهم المتواضعة في عدوان تموز». فالمبنى الذي بات يعرف كالمجزرة باسم «الدفاع المدني» لم يُحدد مصيره وشاغلوه بعد، لذا فإنّ العاملين (6 موظفين و40 متطوعاً غير مضمونين اجتماعياً)، يشغلون مقراً مؤقتاً وبديلاً في صور تبرع به أحد المالكين، فيما «يمشّون الحال» بإطفائيتين وسيارة إسعاف واحدة في انتظار استعادة إطفائية نُقلت إلى بيروت منذ أشهر لصيانتها وسماح وزارة الصحة باستخدام سيارة إسعاف أخرى وتحرير ميزانيتها، كان قد تبرّع بها أطباء لبنانيّون في فرنسا، وهي مركونة منذ أكثر من عام بجوار المقر.
وفيما اعتقد «الرجل بالخوذة الخضراء» سلام ضاهر أنّه يشدّ أزر زملائه المكرّمين بتواصله المباشر معهم من مقر سكنه الجديد في إيطاليا، فقد بثّ سحابة من الخوف والقلق ظلّلت الاحتفال حتى نهايته. كيف لا وعرّابهم كرّم نفسه في اليوبيل الفضي لخدمته في الدفاع المدني بأن ترك كل شيء وهاجر مع أسرته إلى إيطاليا؟ كيف لا وقد كُرّم عالمياً قبلهم عندما اتُّهم خلال العدوان بأنّ «الرجل بالخوذة الخضراء من إرهابيي حزب الله وعمله استعراض الجثث أمام عدسات المصورين».
لكنّ الأسوأ جاء من الأقربين عندما عاقبه مسؤوله لأنه وجده ملتحياً، على أنّه ورفيقيه اللذين صمدا في صور كانوا يملكون الوقت الكافي للاهتمام بمظهرهما. ضاقت الدنيا في وجهه فقرّر أخذ إجازة من دون راتب والتزم بيته مدة شهرين قرّر بعدها التفكير بنفسه ومستقبل أولاده.
ذكرى المجزرة تلتصق بهم وتمنع البهجة لكنّها لا تمنع الحياة. وها هي لين صفي الدين تُبعث من جديد بعد استشهادها وتعود إلى حضن والدها المسعف في الدفاع المدني علي ووالدتها الناجية من المجزرة نادين السمرا. ورغم مشاكل لين الصحية الناجمة عن إصابة الوالدة، فإنّ ولادتها بعد عام على المجزرة بعثت شيئاً من الحياة التي تلاشت في مكان المجزرة والاحتفال التكريمي.