فداء عيتاني
يخلص الموقوف السعودي فيصل أكبر إلى الاعتراف بكيفيّة تصوير أحمد أبو عدس، وفيصل أكبر هو المدرب الأمني لمجموعة الـ13 بحسب نصوص التحقيقات. وفي حين كانت التحقيقات تتّجه أكثر فأكثر نحو جمع اعترافات المجموعة عن دورها في العراق، تنتقل فجأة للتركيز على موضوع أبو عدس، وتسجيل شريط الفيديو. إلا أنّ ما سيُدلي به الموقوف فيصل أكبر سيوضح الصورة إلى حين، وسيُعيدنا إلى رواية أسقطها التحقيق الدولي قبل أن يقدّم لنا إشارات تتقاطع مع التحقيقات الدولية بنسختها الأخيرة

يتابع الموقوف السعودي فيصل أكبر رواية تفاصيل عملية تسجيل شريط الفيديو لأحمد أبو عدس في إحدى الشقق السرّية في سوريا، قبل تنفيذ عملية اغتيال رفيق الحريري. وفي الآتي متابعة جلسة التحقيق مع فيصل أكبر: قمنا بالتصوير وكان شاكر يحمل الكاميرا، وأنا وخالد واقفين بجانبه، أنا في الجهة اليمنى وخالد في الجهة اليسرى، وكانت الكاميرا بيد شاكر الذي وقف بمواجهة أحمد. نجحت هذه التجربة حيث أعدنا عرضها على شاشة الكاميرا التي تُفتح.

اتصل خالد من هاتفه الخلوي بهاتف جميل، وأعلمه أن الفيلم أصبح جاهزاً. في اليوم التالي انتقلنا أنا وأحمد وخالد إلى حلب بسيارة مستأجرة من نوع «سكودا ـــ بيك آب» لون أبيض مغلقة، حيث المزرعة، وهي منشأة تابعة لتنظيم القاعدة، وهي بإدارة الملقّب سامي وتقع في منطقة طريق الزرية، وهناك استقبلنا الشيخ راشد ونبيل وجميل.
أصحّح لكم أن جميل كان قد حضر إلى دمشق في ذلك اليوم، وهو مَن اصطحبنا بالسيارة المذكورة. وبوصولنا إلى المزرعة نحن الأربعة، جميل وخالد وأنا وأحمد أبو عدس، استقبلنا سامي والشيخ راشد. بعد السلام، اجتمعنا إلى المائدة. بعدها، اختلى الشيخ راشد وجميل بأحمد أبو عدس وبقيت في الخارج أنا وخالد وسامي. دام الاجتماع المغلق مع أبو عدس لثلاث ساعات، خرجوا بعدها من الغرفة؛ قام الشيخ راشد ونبيل بعرض فيلم تبنّي العملية بواسطة وصل الكاميرا إلى التلفزيون (حجم 18 بوصة، أذكر أنه من نوع Toshiba لونه فضي)، ولاقى الشريط استحسان الشيخ راشد.
بعدها، وبناءً لأمر جميل، انتقلنا أنا وأبو عدس وخالد وجميل الذي يقود السيارة إلى حمص حيث المضافة التي يديرها جميل، وهي تقع في منطقة الخالدية قرب جامع النور في حي شعبي في بناية من أربع طبقات: لكل طبقة شقة، ويشغل جميل الطبقة الثانية. بجانب هذه البناية يوجد سوبر ماركت، وقد مكثنا في الشقة ليومين من أجل التحضير لانتقالنا إلى لبنان بغية تنفيذ عملية اغتيال الحريري.
قام جميل بتوزيع مبلغ خمسين ألف دولار كان قد تسلمه من راشد. أعطاني عشرة آلاف دولار أميركي من فئة المئة وأعطى خالد عشرة أخرى واحتفظ بثلاثين ألف دولار، هي مصاريف لتمويل العملية. في هذه الأثناء، كان جميل قد استحصل لنا من مراد على هويات سورية بأسماء مزيفة، عليها رسومنا الشمسية، وهي أربع هويات سورية. وكان اسمي المزوّر الجديد حسن العيد، واسم الوالدة غيداء، تولّد 1977 سوري. أما أبو عدس وجميل وخالد، فلم أعرف أسماءهم المزوّرة في الهويات المذكورة. بعد انقضاء اليومين، وحسب ما أذكر بتاريخ 28/1/2005، انتقلنا من حمص بسيارة السكودا إلى دمشق، وكان جميل يقود وأبو عدس بجانبه وأنا وخالد في المقعد الخلفي. وصلنا إلى دمشق حوالى العاشرة صباحاً؛ أركن جميل سيارة السكودا في مكان قرب كاراج حرستا مقابل محلات الشحن والمطاعم في الشارع العام، وأعتقد أنه ترك المفتاح داخل السيارة وأقفلها، علماً بأن الشيخ راشد لديه نسخة عن مفتاحها، ولسوف يرسل شاكر لاحقاً لأخذ السيارة لإرجاعها إلى مكان استئجارها. ركبنا تاكسي نحن الأربعة علماً بأن الملابس والسيارة والكاميرا والفيلم المسجّل بقيت لدى الشيخ راشد في المزرعةوبوجودنا في التاكسي جلس جميل قرب السائق، الذي لا نعرفه، وجلست أنا وخالد وأبو عدس في المقعد الخلفي، باتجاه حديقة تشرين. ترجّلنا من التاكسي، دفع جميل مبلغ 35 ليرة سورية للسائق، ولم نكن نحمل أية ملابس إضافية أو أغراض معنا. وقرب الحديقة «تشرين» على الزاوية الشمالية الموجود عليها كشك للجرائد، التقينا المهرّب الذي كان بانتظارنا في سيارة تاكسي سورية، وهي باص نوع مازدا لون أبيض من طراز حديث. ركبنا الباص باتجاه جديدة يابوس، وهناك ترجلنا مع المهرّب. دفعنا مبلغ ثمانين ألف ليرة سورية للمهرّب لقاء تهريبنا عبر الحدود، حيث اجتزنا الأراضي السورية بفترة حوالى ساعة، بدأنا نزولاً ثم صعوداً بجبل ثم نزولاً، علماً بأننا كنا قد نقلنا على دراجة نارية قديمة العهد كانت متوقفة قرب منزل المهرّب، وكان يعمد إلى نقل كل واحد منا بمفرده لمسافة ربع ساعة ليعود ويصطحب الآخر، وقد نقل في البداية جميل ثم أبو عدس ثم خالد وأخيراً أنا، وقد ترك أخيراً الدراجة أثناء مرحلة الصعود في الجبل، حيث هناك قرية سورية صغيرة أجهل اسمها ولدى المهرّب معارف فيها.
لدى وصولنا إلى الأراضي اللبنانية في مكان ما قرب المصنع، سرنا حتّى وصلنا إلى الطريق العام في المصنع. استقللنا سيارة تاكسي مرسيدس حمراء اللون إلى مدينة شتورا قرب الصرّافين. دفعنا أربعة آلاف ليرة لبنانية للسائق، دفعها جميل. وقام جميل بتصريف مبلغ خمسمئة دولار أميركي إلى العملة اللبنانية في محل صيرفة ومطعم في محل واحد. لا أذكر اسم المحل، لكني أستطيع دلالتكم إليه، وكان لا يزال المهرّب معنا ويدعى أحمد، وهو الشخص نفسه الذي ذكرته لكم من أنه أحضر أحمد أبو عدس بداية إلى دمشق.
عمد أحمد المهرّب إلى استئجار فان مع سائقه، وهو من نوع هيونداي على ما أذكر، لونه زيتي، سائقه عمره حوالى 35 سنة، له شارب حليق الذقن. جلس المهرّب قرب السائق وجلسنا نحن في الخلف، وبدأنا الرحلة باتجاه بيروت؛ لم نتوقف على الطريق؛ كان هناك زحمة سير، واستغرقت الرحلة حوالى ساعتين. وصلنا بيروت حوالى الثانية بعد الظهر إلى محلة الكولا، دفع جميل بواسطة المهرّب خمسة عشر ألف ليرة للسائق، الذي اصطحب معه المهرّب وغادرا.
استقللنا تاكسي نوع مرسيدس لون أبيض إلى الضاحية الجنوبية في مكان أجهله. يوجد هناك محطة وقود وبنك الجمال على ما أذكر. دخلنا بناية في سوق شعبي وهي مؤلفة من ثلاث طبقات. شكل البناية غير مرتب. صعدنا إلى الطبقة الثانية حيث توجد شقتان، دخلنا إلى الشقة في الجهة اليمنى وبابها خشبي بنيّ اللون، كان جميل قد استأجرها في تاريخ سابق وقد أبدل قفل الباب. فتح الباب بمفتاحه الذي كان لديه، وكانت الشقّة تحوي أثاثاً بسيطاً: حوالى ستّ فرشات إسفنج وخمس مخدّات وستّ بطانيات، وهناك حصر على الأرض بلاستيك.
جلسنا هناك. نزل بعدها جميل وغاب لمدة ساعة تقريباً ثمّ عاد يحمل مأكولات من مطعم KFC. أكلنا نحن الأربعة، أي خالد وأنا وجميل وأبو عدس، وكان أبو عدس قد حلق ذقنه قبل حضورنا إلى لبنان، ونمنا لكوننا تعبين من الرحلة.
في اليوم التالي، أي في 1/2/2005، وكان جميل قد أحضر لدى خروجه في الليلة السابقة جهاز هاتف من نوع نوكيا طراز 3300 لون كحلي وفيه خط خلوي لبناني لا أعرف رقمه؛ خرج خالد وجميل من الشقة، بقيت أنا وأبو عدس في الشقة لغاية حضور جميل وخالد ليلاً. أعتقد أنهما أحضرا ملابس وبيجامات وملابس داخلية وأغراضاً للأكل؛ أكلنا وبعدها تحادثت أنا وجميل بفصول العملية حيث أخبرني جميل بأنه يسعى لشراء سيارة بيك آب، وأن جماعته تعمل على العثور على هكذا سيارة، كما أعلمني بوجود فريق مراقبة ورصد يتتبع حركة تنقلات الهدف قبل ثلاثة أسابيع من وصولنا لبنان، وأنهم لبنانيون وموثوقون، ومن عناصر «القاعدة» وألقابهم «فهد وثامر وعدنان وفواز وبسام». وانتهى هذا اليوم هكذا.
في اليوم التالي، خرج جميل وخالد بعد تناول الفطور حوالى الثانية عشرة ظهراً، وهو اليوم الثاني لنا في لبنان، أي في 2/2/2005. رجعوا ليلاً متأخّرين حوالى الواحدة بعد منتصف الليل. لم أتكلم معهما. في صباح اليوم الثالث، أي في 3/2/2005، خرجت مع جميل بينما بقي أبو عدس وخالد في الشقة. استقللنا سيارة تاكسي من الضاحية باتجاه عين المريسة. وصلنا حوالى الواحدة ظهراً، تمشّينا من قرب مطعم الطازج شرقاً مارّين بمطعم ماكدونالدز، قرب مسجد عين المريسة، حيث أصبح ماكدونالدز على يسارنا. صعدنا في طريق طلعة. على اليسار هناك شركة تأجير سيارات في آخر الطريق. انعطفنا يساراً وسرنا في الطريق باتجاه فندق هوليداي إن، وبوصولنا إلى التقاطع انعطفنا يساراً حيث أصبحت الطريق نزولاً، شاهدت الفينيسيا على يساري وأمامي وبمستوى منخفض منظر الشاطئ حيث نادي يخوت وإلى يساره السان جورج.
كان جميل يشير لي إلى الأماكن، ويسمّي لي العناوين. وصلنا إلى أمام السان جورج حيث أعلمني جميل أنّ الموكب يمرّ إجبارياً أمام السان جورج، وأنّ أفضل نقطة لتنفيذ العملية هي في بناية ملاصقة للسان جورج للجهة اليمنى من الطريق؛ تشاورنا حول هذه النقطة وأعلمني جميل أن هناك نقطة أخرى هي قرب مكتب الرئيس الحريري يمكن أن تكون صالحة لتنفيذ عملية التفجير، علماً بأننا قرب السان جورج لم نتوقف لوقت طويل، بل كنا نتوقف للحظة ومن ثم نتابع السير ونتوقف لعدم إثارة أية شبهة.
بوصولنا إلى قرب صيدلية في عين المريسة، استقللنا سيارة تاكسي إلى محلة عائشة بكار أو فردان على ما أذكر. وهناك ترجّلنا قبل المكتب على تقاطع للطريق واتجهنا نزولاً. شاهدت في النزول سلسلة مطاعم لجهة اليسار، وهناك بنك أيضاً لجهة اليسار، ومحل «أديداس» ومحلات أزياء نسائية للجهة اليمنى. وصلنا إلى تقاطع طرق قرب فندق «هوليداي إن» ومقابله يوجد على الزاوية الأخرى بناء قديم تحيط به أشجار كثيرة وصورة كبيرة للرئيس الحريري في محيط المبنى. سرنا على الرصيف المقابل لهذا المبنى الذي هو مكتب الرئيس.
لم نتوقف، بل تابعنا السير ونحن نراقب ونرصد الحركة. شاهدت أنا من خلال البوابة المفتوحة الحاجز المتحرك للمدخل، وفي الداخل سيارات عادية متوقفة. لم يكن هناك من مجال لوضع الشاحنة وتركيزها في ذلك الشارع لأنها ستثير الشبهات في حال توقفها هناك.
صرفنا النظر عن هذا الاحتمال واستقللنا سيارة تاكسي باتجاه الضاحية. في هذه الأثناء، كان جميل يتلقى اتصالات على هاتفه الخلوي من المراقبين، على ما أعتقد. وصلنا الشقة مساءً؛ تحادثت مع جميل عن نتيجة المراقبة على الأرض التي قمنا بها، ثم نمنا.
وفي اليوم التالي، أي 4/2/2005، خرج خالد وجميل ورجعا مساءً. أعلمني جميل أن هناك سيارة مناسبة في طرابلس من نوع بيك آب كبيرة لون أبيض ثمنها حوالى سبعة آلاف دولار أميركي يقوم أحد معارفه بتخليص أمرها وشرائها. وأن البضاعة، أي المتفجرات، قد وصلت إلى لبنان من سوريا ومصدرها العراق، وهي من نوع TNT وحبال Cortex وعشرة صواعق كهربائية، وهي الآن في مكان آمن، لم يطلعني عليه.
وفي هذه الليلة، شعرت بأنّ خالد الطه يتصرّف على غير عادته، فكان صامتاً ولافتاً للنظر. فهو عادة يمازح ويظل مبتسماً. خلدنا للنوم وكنت أنام مع جميل في غرفة، وخالد وأبو عدس في الغرفة الأخرى.
في صباح اليوم التالي، أي 5/2/2005، لا أذكر هذا النهار جيداً، أعتقد أن جميل تلقى اتصالاً من جماعته المكلفين شراء السيارة، وأنّ السيارة قد سُوّي أمرها بسبعة آلاف وخمسمئة دولار أميركي. وحسب ما أخبرني بأنه اشتراها بطريقة طبيعية وأنه سوف يغادر مع خالد لحوالى يومين لتجهيز السيارة وإعدادها بالمتفجرات، وقد زوّدني برقم هاتفه الذي لا أذكره، على أن اتّصل به فقط في الحالات الطارئة القصوى، وغادر.
بقيت مع أبو عدس في الشقة ليومين لم نخرج منها ولم يدخل أحد إلينا. عاد خالد وجميل في 9/2/2005، أعلمني جميل أن الشاحنة قد جُهّزت وأن المتفجرات وُضّبت فيها بشكل موجّه، وقد جهّزت أيضاً الكبسة التي تقوم بدور الصاعق لعملية التفجير. وقد حضر جميل وخالد ظهراً، وأعلمني [جميل] أيضاً أن المهمة الحسّاسة الآن هي لشباب المراقبة والرصد. وكان لا يزال يتلقى الاتصالات، علماً بأنه كان يطفئ رقمه حوالى منتصف الليل. وعندما كان يحضر إلى المنزل ليلاً كان يطفئ رقمه في الشارع قبل أن يصعد إلى الشقة، وإذا ما كان في الشقة كان يخرج ليلاً ويطفئ الخط حتى لا تتبيّن حركة الهاتف الجغرافية.
في اليوم العاشر خرجت مع جميل وذهبنا إلى محلة السان جورج لتفقّد المكان. وصلنا بالتاكسي إلى قبل السان جورج أيضاً، قرب مسجد عين المريسة، وسرنا في الطريق نفسه. مررنا قرب مدخل السان جورج ولم نشاهد أية حركة مريبة أو نقاط حراسة أو دوريات. عدنا إلى الشقّة مساءً، تحادثنا عما جرى في مراقبتنا لمحلة السان جورج واتفقنا على أن النقطة بعد مدخل السان جورج أمام البناية الملاصقة، أستطيع دلالتكم إليها، إنها النقطة النهائية التي سوف تركن فيها الشاحنة وبداخلها أبو عدس لتنفيذ عملية التفجير لدى مرور الموكب في الأيام الباقية من قبل 14/2/2005، أي يوم تنفيذ العملية.
كانت متابعة عمليات الرصد والمراقبة هي الناشطة، كما كنا نناقش خطة الانسحاب بعد التنفيذ. وفي 13/2/2005 خرج جميل واصطحب أبو عدس معه. بقيت مع خالد في الشقة، حيث أراه سيارة البيك آب والمكان الذي يجب أن تنفّذ العملية فيه. عادا إلى الشقة مساءً وكان أبو عدس مرتاحاً ومتشجعاً جداً لتنفيذ العملية، حيث تحادثنا أنا وجميل وخالد، بينما دخل أبو عدس إلى الغرفة الأخرى للصلاة والتعبّد. تحادثنا نحن الثلاثة أنا وجميل وخالد عن خطة الانسحاب وكانت كالآتي: خروج مجموعة الرصد والمراقبة وننسحب نحن باتجاه الجامعة الأميركية ـــ الباب البحري. خلدنا إلى النوم. استيقظنا فجراً للصلاة، ثم عدنا إلى النوم.
استيقظنا في العاشرة. خرج أبو عدس بمفرده، ودّعنا وتعانقنا، بكى خالد وبعد حوالى نصف ساعة خرجنا نحن الثلاثة جميل وأنا وخالد بعد أن احتفظ جميل بهوية أبو عدس المزورة السورية؛ عمل أحدهم على قيادة «البيك آب» وأبو عدس بجانبه، وهو من فريق الرصد لا أعرف مَن هو. بعد خروجنا من الشقة، استقللنا تاكسي باتجاه عين المريسة، ترجلنا قرب جامع عين المريسة، توقفنا على الكورنيش مقابل الجامع وكانت الساعة حوالى الثانية عشرة ظهراً، حيث توقف أبو عدس بالسيارة وانتظر مرور الموكب. ولما مرّ الموكب، حصل الانفجار، بعد أن فجّر أبو عدس نفسه بالموكب.



ملاحظات المحقّقين


يورد محضر التحقيق مع الموقوفين وصفاً للمعتقلين كالآتي:
أشكال الموقوفين:


ملاحظة: الموقوف حسن النبعة: الطول 165 سنتم، حنطي البشرة، أسود العينين، أسود الشعر، ذو شارب، ملتح كثيراً، عادي الأنف والفم.
***

ملاحظة: الموقوف طارق الناصر: الطول 175 سنتم، أبيض البشرة، كستنائي الشعر، حليق الذقن والشارب، عسليّ العينين، عادي الأنف، والفم تام.
***

ملاحظة: أشكال الموقوف مالك النبعة: الطول 168 سنتم، حنطي البشرة، عسلي العينين، أسود الشعر، ذو شارب، ملتحٍ، عادي الأنف والفم.
***

ملاحظة: أشكال الموقوف عامر الحلاق: الطول 175 سنتم، أبيض البشرة، أسود العينين، أسود الشعر، أجلح قليلاً، ذو شارب، ملتحٍ، عادي الأنف والفم.
***

ملاحظة: أشكال الموقوف هاني الشنطي: الطول 175 سنتم، أبيض البشرة، كستنائي الشعر، عسليّ العينين، ملتحٍ، ذو شارب خفيف، عاديّ الأنف والفم.
***

ملاحظة: أشكال الموقوف فيصل أكبر: الطول 170 سنتم، أسمر البشرة، أسود الشعر، أجلح، عسليّ العينين، ملتحٍ، ذو شارب، آثار عملية جراحية في بطنه.



من القرار الاتّهامي لشبكة الـ13

(...) وتبين أنه تمهيداً وتحضيراً لقيام هذه المجموعة بأعمال إرهابية في لبنان بعد أن عمدت إلى إنشاء خلاياها بداخله وقيامها بتكفير إحدى الطوائف اللبنانية، حضر المدعو جميل إلى بيروت حيث قام بشراء كميات من الأسلحة الرشاشة والقنابل اليدوية وصواريخ اللاو والمسدسات الحربية، إضافة إلى بعض العتاد والذخيرة. ووضّب هذه الأسلحة ضمن حقائب كبيرة أودعها في منزل المدّعى عليه مالك نبعة موقتاً ليقوم بنقلها إلى شقة في محلة الطريق الجديدة لاحقاً استأجرها المدعى عليه هاني الشنطي بتاريخ 25/5/2005 باسم وهمي محمد صالح، بعد أن تسلّم هذه الحقائب من مالك نبعة على عدة دفعات بحيث كان يتم التسيلم والتسلم قرب مسجد الخاشقجي في بيروت.
وتبين أنه خلال أوائل شهر كانون الأول 2005، بدأ أفراد هذه المجموعة بالتوافد تباعاً من سوريا إلى مدينة بيروت، بحيث حضر بداية طبيبها المدّعى عليه طارق رجاء الناصر، وهو جراح في الأعصاب تحت اسم مستعار عبد السلام عبد الوهاب، وأقام في شقّة مستأجرة في محلة الرملة البيضاء بتاريخ 15/12/2005، بناية الشاطئ الذهبي معدّة لاستقبال أفراد المجموعة. وقد انضم إليه لاحقاً كل من المدعى عليهما حسن نبعة وفيصل أكبر اللذين انتقلا لاحقاً إلى شقة أخرى واقعة في محلة عين الرمانة استأجرها هاني الشنطي باسم مزوّر هو محمد الصفدي، لينضم إليهما كل من المدعى عليهما خالد طه وبلال زعرورة. وكانت بدلات إيجار هذه الشقة وتلك التي استأجرها المدعى عليه براء فؤاد يدفعها المدعو جميل.
وتبين أنه من خلال متابعة قضية اختفاء أحمد أبو عدس قبل شهر من ظهوره على شاشات التلفزة وتبنيه لعملية اغتيال الرئيس الشهيد الحريري، جرى تعميم بلاغات تحرٍّ بحق المدعى عليه خالد مدحت طه لارتباط اسمه بعملية اختفاء أبو عدس، وبحق المدعى عليه هاني الشنطي لعلاقته الوثيقة بطه بعد تواريه عن الأنظار بناءً على طلب المدعو جميل، كما مراقبة الاتصالات الهاتفية إلى رقم هاتف الشنطي وهو 653***/03 بنوع خاص، خلال فترة دخول طه إلى لبنان في 15/1/2005 واختفاء أبو عدس بتاريخ 16/1/2005. وتبين حصول اتصالين صادرين عن الرقم المذكور إلى الرقم 722***/07 العائد للمدعو عبد الله الحلاق والد المدعى عليه عامر الحلاق المعروف عنه ميوله الدينية المتطرفة، فجرى توقيفه بتاريخ 30/12/2006 الذي بالتحقيق معه اعترف بانتمائه إلى تنظيم القاعدة عن طريق هاني الشنطي، موضحاً بأنه بعدما لمس توجّههم وتخطيطهم للقيام بأعمال إرهابية في لبنان، حاول الانسحاب من التنظيم لكنه فشل في ذلك. كما اعترف باشتراكه مع المدعى عليه الشنطي بتخبئته الأسلحة داخل إحدى الشقق. فجرى توقيف الشنطي وتوقيف المدعى عليه فيصل أكبر أثناء محاولته الدخول إلى شقة في عين الرمانة، ومصادرة جهاز خلوي وعدد من بطاقات التليكارت. وقد ترك الجهازان مفتوحين لتلقي اتصالات من بعض المدعى عليهم القادمين من سوريا، مما سهل تحديد مكان صدور هذه الاتصالات، أي من الهواتف العمومية، وتوقيفهم على إثر ذلك، وهم: حسن نبعة وطارق رجاء الناصر ومحمد أحمد توجه، وهو طالب جامعي في كلية الهندسة الكهربائية في سوريا، وقد عثر بحوزته على بطاقة هوية وإجازة سوق سوريتين مزورتين، وهو يعمل ناطوراً في البناء الذي يقطن فيه هاني الشنطي للاشتباه بعلاقته بتخبئة الأسلحة المضبوطة.
وتبين أن بعض المدعى عليهم تمكن من الفرار إلى داخل مخيم عين الحلوة، من بينهم خالد مدحت طه وبلال يونس زعرور وسليم محمد حليمة وجهاد أسعد ضاهر، فيما عثر على بطاقات باقي المدعى عليهم داخل الشقق التي تمت مداهمتها. كما تمت مصادرة الحقائب المليئة بالأسلحة الرشاشة والقنابل اليدوية وصواريخ اللاو وغيرها من المستندات والوثائق المزورة والأجهزة اللاسلكية والأقراص المدمجة وجهازي كومبيوتر وذخائر وأربعة وعشرين شاحناً كهربائياً و 578 قطعة معدنية إلكترونية وساعة مع منبه Bony Sony ومنبه صغير.



ردّ من هاني الشنطي

جاءنا من الموقوف هاني الشنطي الردّ الآتي، ننشره حرفياً بعد حذف بعض العبارات لأسباب قانونية:
***

«في زمن المهزومين داخل أنفسهم، حيث يستقبَل الصهيوني بنور الضيافة ممّن وجبت عليه تحية الأعداء بالنار، ويكرم جون بولتون ممن لطخوا جبينهم بالعار، فلا عجب أن تَلقى في السجن مَن فرش للأميركي ورود الهزيمة بعزم صائب بتّار.
بعد عرضكم مسلسل عملية اغتيال مزعومة، وما رافقها من تحقيقات هدفت تشويه السمعة، تيقّنت أن وطن الأرز انتقل من جمهورية البعث إلى ساحة العبث بالكرامات...
إنّ من يقرأ الاستنطاقات لا يسعه إلا رسم الصورة السوداء التي أرادها كرزايات زمن الرويبضة، حيث أشرفهم ... وأبصرهم أعمى. والعدل يقضي أن تعطونا فسحة وقت، وأن تحترموا المهل اللازمة، مع مراعاة ظروفنا المكانيّة والزمانية، فنحن في أقبية رومية، لا يصلنا ما يكتب إلا عبر زيارات الأقارب. وبعدما أوقفها الجنجويد، لن نستطيع الإضاءة على الشوائب: ثم إنّ نشركم الحرفيّ هو لعب بأمن المقاومة العراقية، وذلك عمل لا يليق لأنه تكملة لما ابتغاه أذناب أميركا من هذا التحقيق. فإلى جانب ذكر أسماء لمقاومين ما زالوا أحياء وتقنيات تشفير أرقام الهواتف، فإن الأمكنة التفصيلية التي ذكرت تشكل تهديداً لا يخفى على أحد. ثم إن الحصافة تحتم عليكم الإضاءة على المخالفات والخلفية التي حتمت «غزوة...» داخل روميةفي الخلفية: صدرت توصية من [رئيس فرع المعلومات المقدّم] وسام الحسن لإدارة سجن رومية بنقل شبكة دعم المقاومة العراقية لمبنى عملاء لحد. استحصل [مدير عام قوى الأمن الداخلي] أشرف ريفي على مساعدات أميركية لمكافحة الإرهاب (على أساس أن اليانكيين هم حمائم سلم)، كان لا بد من رد الحسنة بعشرة أمثالها! دخلت بقايا الميليشيات (التي اندمجت في الدولة وصارت فهوداً) فأثخنت في المقاومين الجراح، وأذاقتهم من اليأس مرّه، فجُرْح العقيدة واحتقار الدين لن يندمل إلى ما شاء الله. ولأننا ذوو عزيمة لا تلين، وإيماننا من حديد، فقد جاؤونا بحدّاد لا يحمل في سندانه غير الحقد والضغينة، فالهدف واضح: ضعوا المقاومين فرادى في غرف اللحديّين، دعوهم يقتلون (فهم مضربون عن الطعام منذ أسابيع) ليدفع الأميركي ديّة مقاومتهم إلى جهاز دحلان فرع لبنان...
أما التبرير فهو بسيط: «هؤلاء الزعران حاولوا الفرار (عيب يا «سفير»، فنحن قوم يهابنا الموت) وافتهم المنية أثناء اشتباك مع المساجين».
في الشكل: تلاحظون أن الأسئلة الإيحائية، كانت في الحقيقة أجوبة دعائية رخيصة، هدفها إرماء في ذهن العامّة أنّ المقاومين هم أعداء الحضارة (حضارة الكازينو والنابالم) وكارهو الحياة، ثقافتهم تجنح للموت، لباسهم فضفاض غريب، ذقونهم طويلة (فوق المستوى فإذا كان مستوى الذقن يقاس عندكم بالمتر يا سبع، فما خطبكم في المستوى المنحط للتعذيب الذي أجراه جلاوزتكم، وتترتب عليه مسؤولية قانونية بما حكم)، لا يفهمون من لغة الجدل إلا تكفير الآخر، ومن ثم إلغاؤه، وفي الإلغاء قتل، حتى إن قتلهم يتجلى في أبشع صورة مؤثرة في النفس، ألا وهو الذبح! فانظر مثلاً إلى هذا السؤال:
«بالاطلاع على مضمون جهاز الكومبيوتر الخاص بك، وبعد تمكن الفريق الفني في مركزنا من استخراج الملفات والبيانات المحفوظة فيه، والمحمي بعض منها بشيفرات، حيث تبين وجود أفلام عن أعمال الذبح وعمليات تفجير وخطب تكفيرية ووصايا لشهداء لندن وموسوعات عن الأسلحة والمتفجرات والتحقيقات الأمنية وتقنيات التفجير عن بعد، بالإضافة لأفلام قمت أنت بعمل مونتاج لها...».
فالضابط الفذ يزعم أن المعلومات مشفرة، وقد استطاع جهازهم الفني فك تشفيرها! حسناً، أنا سأسلّم بصحة الواقعة، وأنصح الجهاز الكفوء بمباشرة تعلّم تقنيات التشفير وفكها منذ الآن، حتى إذا ما تمت مسائلته علناً في المحكمة، وخانته المعرفة وجب علينا التساؤل: هل أُرسِلت البيانات المشفرة التي تحوي بمجملها البنية الإدارية والمالية للمقاومة العراقية للأميركان لفك شيفرتها؟ وكيف تثبتوا من عدم العبث بالمعلومات تلك من قبل اليانكي؟ ثم ألا تقضي المهنية أن أسأل عمّا تحوي المعلومات لأجيب على سجيّتي. الحاصل أنّ المحقق الفذّ كان يسأل جواباً، وما عليّ إلا التناغم مع إيحاءاته بعد التعرّض للتعذيب الشديد! والمؤلم في الأمر، أن معاملة السجناء كالدواب، وتعلّم حضارة الأميركي التي رأيناها جلياً في أبو غريب، أصبحت ناموساً لدى الأجهزة الأمنية، يتبعها محقق أمني ويصادق عليها قاضٍ أجير! فأي امرؤ يملك طاقة تحمّل داخلية، ونقصاً في الكمون، فاذا ما عنفته وكسرت مقاومته الداخلية، نطق بما اشتهى هوى المحقّق!
فالمحقق الخبيث يسأل عن «سبب الخلاف مع عامر حلاق» ليأتي الجواب «انه خلاف عقائدي وذلك حول تكفيري لبعض مذاهب الشيعة والأديان الأخرى، بينما كانا هما ضد مبدإي هذا»!! أما التشويه الرخيص فيتمثل عبر تجريدي من شخصيتي العلمية عبر إيراد أنني «بايعت الشيخ راشد المقنع»! ولاحقاً ذكر أنّ مالك نبعة (تلميذ البروفيه) هو الذي جنّدني (أنا المهندس).
الحاصل في الإفادة أن شعبة المعلومات لقّنت محقّقيها فيلم «الإرهاب والكباب»، فعرفوا جلياً كيف يشوّهون صورة الإسلام السياسي، ليرسموا نمطاً أسود يُطبع في الذهن وعليه تتأسس أحكام جاهزة.
فالثابت في التحقيق، محاولة إلصاق خليتنا بالزرقاوي لأن الرجل في ذمة الله، ولكن أيضاً لأن الرجل بعث بنص مكتوب ينفي فيه عملية الاغتيال. وكأني بهذا الإيحاء الخبيث، محاولة تأكيد، عن طريق نفي النفي!
أخيراً حضرة الجريدة الغراء، لقد أصبح واضحاً أن محاكمتنا بدأت في الصحافة قبل أن تبدأ في قصور العدل... لكن السؤال يبقى: هل علي تقديم طلبات إخلاء السبيل لدى بريدكم المضمون؟



ردّ من خضر نبعة

جاءنا من خضر نبعة، شقيق الموقوف حسن نبعة، الردّ الآتي ننشره حرفياً بعد حذف بعض العبارات لأسباب قانونية:
***

«إنّ الخبر عن أخي «حسن نبعة» وإن كان حماه من عملية قتل مبرمج، إلا أنه رماه بسهام لا تخلو من مكر. فصحيفتكم تحاول منذ البدء تسليط الأضواء على آل نبعة لإحراقهم قضائياً، ذلك أن قدرتنا على «كسر الأضواء» لا تتعدى اليراعة... وأذكّركم بأنني بعثت لكم في آذار من عام 2007 رداً على تسريبات مخابراتية نشرت، تحديتكم فيه بإجراء تحقيق مهني عن فتح الإسلام، حتى قبل أن يذيع صيت هذا التنظيم ويتحوّل البلد ملعباً للمخابرات. وضنّاً بصدقيتكم أحب أن أسأل: هل تملكون الجرأة الأدبية على نشر الرسالة أم علي الدفاع عن أخي عبر نشرها في صحف أخرى؟ لقد غدوت في بلد لا أرى غير مزابل وديوك... وقبضايات بالإيجار!
الأسبوع الماضي «استضافني» الأمن في «ليلة القدر»، لأن المخابرات لا تعمل بلا حرارة، حرارة الإيمان طبعاً، ثم «عايدوا» أهلي عبر استضافة أخي الأصغر (فزيارة الأهل في العيد من باب وصل الأرحام)، فماذا تبغي صحيفتكم الكريمة؟ (معمول من أبي). دعوني أقول لكم قناعتي! إن العصابات الإجرامية تسرق السيارات، وبعد مرور زمن طويل تعمد إلى تفخيخها... أما في البلاد المتخلفة، فإنّ الأجهزة «تسرق» أناساً لتتأكّد أنّ لا ظهر لهم يحميهم، ومن ثم تقدّمهم «كبش فداء» لمستهلك لا يرى بالعقل، لأنّ أضواء الصحافة تعميه.
الحاصل أنّ «آل نبعة» هم المستهدفون لضعف شوكتهم، ولكونهم علقوا بين فريق «غبي» لا يعبأ من معانقة الدب طلباً للدفء وفريق «وضيع» لا يحترم ظلم الغير، لأن جهله لم يسمح له بقراءة حركة التاريخ.
أخيراً، ومن باب الفضول أسأل: إلامَ ترمون في ما رميتم؟»

[في حلقة الغد: ماذا بقي لفيصل أكبر ليقوله وأيّة مفاجأة سيحملها للمحقّق؟]