البدّاوي ـ عبد الكافي الصمد
لم يُكتب للقاء الموسّع الذي عُقد مساء أول من أمس في مقرّ حركة «فتح» في مخيّم البدّاوي، والذي خُصّص لمناقشة موضوع عودة نازحي مخيّم نهر البارد إلى الجزء الجديد من المخيّم، وتحديداً المقيمين منهم في المدارس الرسمية ومدارس الأونروا، أن يصل إلى خاتمته السعيدة؛ إذ انسحب مسؤولو «تحالف القوى الفلسطينية» من اللقاء قبل بدايته، اعتراضاً منهم على «تحوّل الاجتماع من لقاء سياسي يهدف إلى البحث في قضية عودة النّازحين إلى مخيّمهم، وإزالة العوائق التي تعترضهم بالتنسيق مع مسؤولي الأونروا، إلى لقاء جماهيري يهدف إلى ترجيح كفّة فريق سياسي فلسطيني على حساب فريق آخر بهدف تعويمه»، بحسب ما أوضح لـ«الأخبار» مسؤول حركة «فتح الانتفاضة» في الشّمال خليل ديب «أبو ياسر».
وهذا الموقف أكّد عليه مسؤول «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـــــ القيادة العامة» في الشّمال أبو عدنان عودة، إذ قال «لسنا مستعدّين لأن نُغطّي الأخطاء التي ارتكبوها».
في مقابل ذلك، كانت نبرة خطاب مُمثّل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عبّاس زكي، الذي تحدّث مُطولاً خلال اللقاء، مرتفعة السقف ومشوبة بالكثير من العتب واللوم وخيبة الأمل، والانتقاد الذي وجّهه بشدّة إلى الدول العربية والإسلامية لتقاعسهم عن مساعدة الفلسطينيين، في خطوة بدا من خلالها كأنّه يهدف إلى وضع النّازحين أمام الواقع الصعب الذي يعيشونه، وإلى ضرورة التنبّه من الوقوع في نزاع فلسطيني داخلي، أو في نزاع مع أطراف لبنانيين، ليعرض في نهاية المطاف على النّازحين المقيمين في المدارس اقتراح حلّ قوامه إعطاء كلّ عائلة مبلغ ألف دولار أميركي نقداً، ونزع فتيل الأزمة المتوتّر بهذا الخصوص منذ فترة.
زكي أعلن في اللقاء أنّه شارك في اجتماع عُقد أول من أمس في السرايا الحكومية لمتابعة ملف عودة النازحين، وحضره وزير الشباب والرياضة أحمد فتفت ممثلاً رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، وهو ما رآه مصدر فلسطيني «تراجعاً في اهتمام الحكومة بهذا الموضوع شكلاً ومضموناً»، وشنّ هجوماً غير مسبوق على الدول العربية والإسلامية، وإن لم يسم أيّاً منها، حين قال: نحن الفلسطينيين ابتلانا الله بأمّة عربية وإسلامية وأناس أصحاب شعارات، يتعاملون معنا مثلما تعاملوا مع غوار الطوشي في فيلم «الحدود»، معتبراً أنّ «من العيب والعار على اللبنانيين والفلسطينيين العرب والمسلمين أن يكون وضع 5500 أسرة من نازحي مخيّم نهر البارد، وليس مليون أسرة، بهذه الحالة المزرية ولا يحركون ساكناً»، ولافتاً إلى أنّ الشعب الفلسطيني، «برغم أنّه لا جيش عنده ولا سيادة ولا نفط، فإنّ عنده كلّ العطاء والخير والإراداة، والكرامة التي تكفي لأن تُغطّي عجز الأمة العربية كلها»، مردّداً مقولة «ما أكثر الإخوان حين تعدّهم، ولكنهم في النائبات قليل».
بدوره، أشار المدير العام للأونروا في لبنان ريتشارد كوك خلال اللقاء، الذي حضره مسؤول الطوارئ في الأونروا في الشّمال محمّد عبد العال ورئيس بلدية البدّاوي ماجد غمراوي وفاعليات فلسطينية، إلى أنّ «الأوضاع في مخيّم نهر البارد صعبة، والحل البديل كان في الانتظار وقتاً أطول، وإعطاء مهلة أكبر قبل العودة، لأنّ الأونروا دخلت إلى المخيّم قبل فترة وجيزة، ولم تستطع تقديم الخدمات الضرورية والأساسية والمطلوبة للنازحين العائدين، مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحّي، لكن لاحقاً ستتحسن نوعية الخدمات المُقدّمة، من خلال تعاوننا مع أطراف عديدة؛ فنحن نعرف رغبة الجميع في العودة، ولذلك قمنا باستئجار مبان لاستضافة نازحين فيها، إلا أنّ المهم الآن يبقى عودة الطلاب إلى مدارسهم، ولذك نقوم الآن ببناء مدرستين جاهزتين في مخيّم البدّاوي، ومدرسة جاهزة أخرى في مخيّم نهر البارد».
وشدّد كوك على أنّ «من المهم جدّاً الآن إيجاد حلّ لمشكلة المدارس وإخلاء النّازحين منها، من خلال اتّباع عدّة خيارات متاحة أمامنا، على أن نبدأ الشروع فوراً في إعادة إعمار المخيّم، وسنكون معكم شركاء في إعادة الإعمار هذه».