strong> ثائر غندور
يسأل أحد الناشطين الطلاب: «لماذا اختارت الجامعة اللبنانيّة الثاني والعشرين من الجاري موعداً لبدء الدراسة في غالبية كليّاتها؟». لا ينتظر الطالب أية إجابة، لأنّ التوقيت هو محض مصادفة وهناك كليّات بدأت قبل هذا التاريخ.
بعيداً عن المصادفة، فإن عدداً من طلّاب الجامعة يتردّدون في التوجه إلى الصفوف في هذا اليوم خوفاً من «احتمالات مشاكل» بدأت تلوح في الأفق. لا يُمكن وضع هذا الخوف في خانة التوتّر الزائد عند الطلّاب، كما يحلو لبعض المسؤولين في المنظمّات الشبابيّة والطلّابيّة القول. فالواقع السياسي في البلد يُثبت عكس ذلك، كذلك فإنّ درجة التوتّر والاحتقان وصلت إلى حدودٍ قصوى. وتكفي الإشارة إلى أنّ العام الجامعي لم يبدأ بعد، فيما انطلقت حرب البيانات الجامعيّة بين القوّات اللبنانيّة والتيار الوطني الحرّ. فبعد البيان الذي صدر الخميس الماضي عن «التيّار» ويتّهم القوّات اللبنانيّة وقوى 14 آذار بمنع التوافق في الجامعة الأميركيّة، وفي الجامعة اليسوعيّة، واتهام رئيس الهيئة الطلّابية في كلّية الهندسة ـــــ الفرع الثاني وعدد من الطلاب بالتهجم على مسؤول لجنة الشباب والشؤون الطلابية في التيار الوطني الحرّ فادي حنّا، صدر بيان عن القوات اللبنانيّة يرى «أنّ ادعاءات التيّار العوني مجرّد قنابل دخانية على أبواب العام الجامعي، وذلك لتعمية الرأي العام، وخصوصاً الشباب والطلّاب، وتحويل الأنظار عن التحضيرات الميليشيوية الحقيقية... وتظهير أنفسهم بمظهر الضحيّة المستهدفة دائماً لكسب شفقة الرأي العام وتأييده وخصوصاً على أبواب الاستحقاقات الانتخابية».
من جهته، يلفت المسؤول الإعلامي في مصلحة طلّاب القوّات اللبنانيّة طوني درويش إلى «أنّ ما حصل في كليّة الهندسة كان مجرّد تلاسن وأنّ القوات اللبنانيّة تدعو شبابها إلى الهدوء وعدم الردّ على أي استفزاز، واللجوء إلى القوى الأمنيّة»، معتبراً أنّ شباب القوّات تحت القانون.
في المقابل، يبرز الخوف لدى شباب «التيّار» من أن تكون «حادثة الهندسة» مدخلاً لاعتداءات أخرى. فالرواية العونيّة لما حدث تقول: «بدأ القواتيّون بدقّ الطبول وإطلاق الزمامير تحت المبنى الذي كان يُعقد فيه الاجتماع، ثم تعرّضوا لسيّارة حنّا الذي كان بداخلها هو ومسؤول التيار في الكلية وشخص ثالث... ثم توتّر الوضع في الجامعة في اليوم التالي». ويؤكد فادي حنّا «أنّ هناك سبباً وحيداً وراء عدم إثارة الحادثة إعلامياً وهو تهدئة الوضع، وخصوصاً أنّ «التيّار» يخشى من جرّ الشباب إلى فتنة، ونحن لا نرضى أن تكون الجامعة مدخلاً للفتنة». ويشير حنّا إلى أنّ هذه التصرّفات والأحداث المتنقّلة تدلّ على أنّ الطرف الآخر «إمّا لم يطلب من شبابه التهدئة، أو طلب منهم التصعيد».
وما لا يقوله حنّا صراحةً، يتحدّث عنه أحد الناشطين في التيّار منذ زمن الوصاية السوريّة، الذي لفت إلى «أنّ هناك نيّة واضحة عند الآخرين للتصعيد وقد يحدث الأمر في الفروع الأولى أو الثانية». كذلك يلفت إلى تفاهم ما مع إدارات بعض الكليّات في الفروع الثانية على إقفال الجامعة إذا ما توتّر الوضع السياسي في الثالث والعشرين من الشهر الجاري أو في الأيام العشرة الأخيرة من مهلة انتخاب رئيس الجمهورية. ويشير أحد المتابعين للملف الأمني في التيّار الوطني الحرّ إلى أن هذه النوايا أصبحت شبه واضحة، «ونحن طلبنا من شبابنا التزام أقصى درجات الحيطة والحذر وتبليغ القوى الأمنيّة فوراً عن أي حادثة تحصل معهم».
الخوف مشروع، وخصوصاً أن مشهد أحداث جامعة بيروت العربيّة لم يغب بعد عن بال اللبنانيّين، ولا يبدو أن هناك دروساً استُخلصت من ذاك اليوم.