وفاء عواد
الجسر يرِث عيدو ومقعدا غانم لـ«اللقاء الديموقراطي» وحصّة عيتاني في «المهجّرين»

ثلث ساعة فقط كانت كافية لـ«التمديد» لأعضاء هيئة مكتب مجلس النواب، و«التجديد» لمواقع «الأكثرية» في رئاسة وعضوية اللجان، مع تجيير رئاسة النائب الشهيد وليد عيدو للجنة الدفاع إلى زميله في كتلة «المستقبل» سمير الجسر، وعضوية النائب الشهيد أنطوان غانم في لجنتين إلى نائبين في «اللقاء الديموقراطي». وذلك، مع بقاء القديم على قدمه بالنسبة إلى الباقين.
وكان المجلس قد دخل، ابتداءً من يوم أمس، في عقده التشريعي الثاني الذي يستمرّ لغاية آخر السنة الجارية، واستهلّه بجلسة عامة ترأسها الرئيس نبيه برّي، وجمعت 67 نائباً موالياً ومعارضاً، في ظل حضور مواد الدستور اللبناني والنظام الداخلي للمجلس النيابي وغياب هموم الاستحقاق الرئاسي وصندوقة الاقتراع. أما النتائج فكانت معروفة مسبقاً.
وإذا كانت أجواء الجلسة لم تخرج عن إطار الأعراف الروتينية المرتبطة بإعادة تأسيس المطبخ التشريعي للمجلس، ولم يطرأ فيها أي تبدّل نوعي على خريطة هيئة مكتب المجلس واللجان الدائمة، فإنها افتقدت حضور حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، باستثناء الوزيرين أحمد فتفت وجان أوغاسبيان اللذين حضرا بصفتهما النيابية. وذلك على اعتبار أن ما جرى شأن مجلسي داخلي لا علاقة للسلطة التنفيذية به.
وكانت الجلسة قد استُهلّت بتلاوة كتاب وزارة الداخلية بشأن فوز النائبين كميل الخوري ومحمد أمين عيتاني بالانتخابات الفرعية في كل من المتن وبيروت. ثم كانت كلمة للرئيس برّي رثى فيها النواب الشهداء: بيار الجميل وعيدو وغانم معتبراً أنهم «من أعمدة المجلس ومن مناراته»، قائلاً: «انطفأ كل منهم قبل أوانه وفي ريعانه. في القلب لوعة، وفي الوطن وجع. وقفة الصمت عن أرواحهم الطاهرة تتطلّب وقفة عز وتوحّد لإنقاذ بلدنا. وعندئذ، نكون فعلاً على مستوى شهادتهم». ثمّ كانت دقيقة صمت عن أرواحهم إضافة الى روحي النائبين السابقين علي ميتا وفضل الله دندش.
وبالعودة الى أجواء الجلسة المحض نيابية والتي لم يكن يلزم نصاب انعقادها أكثر من حضور 65 نائباً (الأكثرية المطلقة)، فقد اتسمت بالتوافق والتفاهم اللذين ترجمهما نوّاب المعارضة امتناعاً عن الترشّح تاركين لنوّاب الموالاة حرية المحافظة على حصصهم. وفي المحصّلة، فاز بالتزكية المفوّضون الثلاثة النواب: ميشال موسى، محمد كبارة، وسيرج طور سركيسيان. كذلك كان الأمر بالنسبة إلى أميني السر النائبين أيمن شقير وجواد بولس.
أما بخصوص اللجان النيابية الـ16، فقد أُدخلت على ثلاث منها خمسة تعديلات اقتضتها ضرورة مراعاة التوازنات التي يفرضها منطق «الأقلية والأكثرية»، وذلك وفق الآتي:
• لجنة الإدارة والعدل: نقولا غصن مكان عيدو.
• لجنة الدفاع الوطني والداخلية والبلديات: الجسر مكان عيدو، وفؤاد السعد مكان غانم.
• لجنة شؤون المهجّرين: إيلي عون مكان غانم، ومحمد الأمين عيتاني مكان نقولا غصن.
وبعيداً عن الأجواء الانتخابية في القاعة العامة، كان نوّاب الطرفين يتبادلون التحيات ويخوضون حوارات مباشرة، ظاهرها الرضى على نتائج الـ20 دقيقة، وباطنها تعزيز مناخ الحوار الذي تتطلّبه تهيئة الأجواء لجلسة الانتخاب الرئاسية في 23 الجاري، في ظل تشكيك البعض بإمكان انعقادها، وترقّب البعض الآخر لما ستحمله من مفاجآت على طريق حسم الأزمة السياسية القائمة.



نائبان للمـرة الأولــى

لدى دخوله القاعة العامة، أحسّ عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النائب كميل الخوري بـ«جدية الأمر»، لكن هذا الشعور تلاشى بسرعة وحلّ مكانه الأسف لأن «الجلسة السريعة» لم تُتح له اكتشاف تفاصيل وخفايا «العالم الجديد»، حيث كان كل شيء «جاهزاً، ومتوافقاً عليه»، على حدّ تعبيره.
الطبيب الذي فرضت عليه ظروف البلد وزمان انتخابه أن يبدأ ممارسة دوره النيابي في منطقته لمدة شهرين، قبل أن تُسنَح له أول فرصة رسمية ليصبح «سعادة النائب»، شعر بالارتياح لـ«الاستقبال الحلو» في ساحة النجمة، وخصوصاً لدى دخوله مكتب رئيس المجلس الذي هنّأه ورحّب به زميلاً جديداً.
قصد المجلس وفي جعبته الكثير من الأفكار التي كان يريد أن يترجمها فعلاً عبر انضمامه الى إحدى اللجنتين: الصحة وحقوق الإنسان، لكن «الرياح جرت بما لم تشته السفن»، إذ قضى قرار كتلته بـ«عدم خلط الأوراق، والخربطة»، فعكف عن الترشّح لمصلحة الأمور «الحرزانة»، مكتفياً بتفقّد مكتبه الجديد «الرقم 606» الذي كان يوماً للنائب الشهيد وليد عيدو، وعائداً الى منزله بسيارة تحمل اللوحة «الرقم 90».. وذلك، بانتظار الآتي.
من جهته، راود نائب بيروت محمد الأمين عيتاني شعوران: «الأسى» لكونه حلّ مكان «نائب سقط، وهو يناضل من أجل قناعاته»، و«التشوّق» كما باقي زملائه للعودة الى ممارسة أعمالهم في المجلس. لكن ما خفّف عنه شعوره بـ«الأسى» كان «تبادل القبلات والضحكات» بين النواب، بعيداً عن «الحدّة».
وكما زميله الجديد، حصل على «النمرة الزرقاء» ذات الرقم 137 العائدة أصلاً الى الوزير الراحل الجميل، لكنه لم يعرف رقم مكتبه ولم يدخله «مُطلقاً»، مكتفياً بالبديل في فندق «فينيسيا» حيث «قاعدين طوعياً لا قسرياً، في خلوة دائمة». هو كان يفضّل عضوية لجنة الاقتصاد «لأنه مجالي»، لكنه لا يستهوِل العمل في لجنة المهجرين متسلّحاً بالخبرة في العمل لسنوات مع الجمعيات الأهلية.