بسام القنطار
«تغيّر المناخ هو أكبر خطر يهدد معيشتنا لكن الحكومات العربية لا تأخذ أي خطوات جدية لوقفه».هذا ما أعلنته «رابطة الناشطين المستقلين» (اندي-أكت) خلال إطلاقها «حملة تغيّر المناخ في العالم العربي» في مؤتمر عقد في فندق راديسون أمس

«احتلال السماء» هو ما يسعى البيئيون إلى أن يمثّل حيزاً من
مساحات اهتمام الدول العربية، بعدما كان «احتلال الأرض»، البند الوحيد الثابت على جدول أعمال جامعة الدول العربية منذ إنشائها. القصة بدأت في فلسطين ولم تنته في العراق.
«احتلال السماء» لا يقف عند حدود، وجنوده مختلف أنواع الغازات الدفيئة التي تجتاح سماءنا وتسهم في احتباس أشعة الشمس ما يؤدي إلى تداعيات خطيرة أهمها «الدفيئة»، أو بعبارة أخرى الارتفاع التدريجي لحرارة الأرض.
بالأمس اجتمع في بيروت بمبادرة من «رابطة الناشطين المستقلين» (اندي-أكت) عدد من الناشطين والناشطات، إضافة إلى ممثلين عن عدد من الوزارات والسفارات والقطاع الخاص والجمعيات غير الحكومية المهتمين بالتأثيرات المستقبلية لتغير المناخ، بهدف إطلاق «حملة تغيّر المناخ في العالم العربي». وتطمح هذه الحملة إلى إشراك الحكومات والشعوب العربية والمجتمع الدولي في الحوار العالمي عن تغيّر المناخ.
«هناك بعض الدول العربية التي تحاول أن تعيق المفاوضات ضد تغيّر المناخ»، بحسب وائل حميدان، المدير التنفيذي لرابطة الناشطين المستقلين. يضيف «في العام الماضي، صنفت السعودية في أدنى مرتبة بين الدول في التعامل مع تغيّر المناخ، أي في مرتبة أقل حتى من الولايات المتحدة الأميركية». وبحسب حميدان فإن «تغير المناخ هو مشكلة عالمية، وبالتالي، فإن الطريقة الوحيدة لمعالجتها هي بالتزام العالم أجمع حلها، لا يمكننا أن نعزل أنفسنا عما يدور على الأرض، فجميع مشاكلنا السياسية والاقتصادية لا تقارن بتهديد تغيّر المناخ».
حميدان أكد لـ«الأخبار» أن الحملة سوف تسعى إلى إثبات حضورها في مختلف دول المشرق والمغرب العربي مشيراً إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي وتحديداً الكويت والسعودية هما من أكثر الدول التي تسعى إلى إفشال مختلف الاجتماعات الدولية الرسمية التي تناقش مسألة تغيّر المناخ، والى إفراغها من مضمونها، وخير مثال على ذلك اشتراط المملكة العربية السعودية أن يتم شطب العديد من الحقائق العلمية التي تظهر أثر تغير المناخ، والتي كان من المفترض أن يتضمنها تقرير «تغير المناخ 2007». الذي يعدّ أهم وأجرأ تقويم أجرته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
وأشار حميدان إلى «أن الحملة سوف تسعى إلى فرض موضوع تغير المناخ على جدول أعمال اجتماع القمة العربية المقرر عقدها في العاصمة السورية دمشق في آذار 2008. كما أن العالم سيلتقي في الأول من كانون الأول 2007 في بالي، إندونيسيا، لمناقشة الخطوات المستقبلية لمكافحة تغير المناخ خلال الاجتماع الثالث عشر لمؤتمر الأمم المتحدة الإطاري لتغير المناخ. وعلى الحملة أن تحث الدول العربية على اتخاذ مواقف إيجابية لمصلحة السياسات المؤدية إلى تغيّر المناخ في هذا الاجتماع».
المدير العام لوزارة البيئة بيرج هاتجيان أكد أنه «ليس هناك قوانين في العالم العربي اليوم لحماية البيئة لدينا. علينا جميعاً أن نحثّ الدول على تبنّي هذه القوانين». هاتجيان قدّم مداخلة مطوّلة تضمنت وجهة نظره في موضوع تغيّر المناخ. ورغم عمق وعلمية الطرح الذي قدّمه إلّا أن ذلك لا يعني أن الوزارة التي يشغل منصب مديرها العام تمتلك، حتى اللحظة، استراتيجية لمواجهة تغيّر المناخ، عدا عن عدم امتلاكها استراتيجيات تتداخل وتتقاطع تلقائياً مع هذا الموضوع، كمسألة الطاقة المتجددة وإدارة النفايات الصلبة وغيرها من القضايا البيئية الملحة.
ويرى الدكتور نديم فرج الله من الجامعة الأميركية في بيروت أنّ «الدول تتشاطر مسؤولية مشتركة لكن بصورة مختلفة تجاه مشكلة تغير المناخ، وأن المطلوب هو تقليص انبعاثات غازات الدفيئة العالمية بنسبة 50% على الأقل بحلول عام 2050، وذلك للحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية تحت درجتين مئويتين (تقارير حديثة تقول إننا بحاجة إلى تقليص بنسبة 60% إلى 80% للوصول إلى هذا الهدف)».
أمّا سارين كاراجريان من «مؤسسة عصام فارس للسياسة العامة والشؤون الخارجية في الجامعة الأميركية في بيروت»، فقد أعلنت «الحاجة إلى تطوير سياسات تغيّر المناخ في منطقتنا، ويجب أن يكون هناك تنسيق بين الأطراف المتعددة». كاراجريان أكدت لـ«الأخبار» عزم «مؤسسة عصام فارس» على إطلاق نقاش معمّق في الموضوع، وذلك بهدف تحديد الأولويات. وأثنت كاراجريان على خطوة «رابطة الناشطين المستقلين» لأنه من الصعب أن تجد في بلد عربي مجتمعاً مدنياً يعمل بشكل جدي على تغيير السياسات الحكومية.