رامي زريق
بالرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الشركات العالمية الكبرى والبلدان المنتجة للنفط والبلدان الصناعية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية، لإخماد الأصوات وإخفاء الوقائع، أصبحنا اليوم متأكدين أن الاحتباس الحراري واقع وأن سببه الرئيسي هو ثاني أوكسيد الكربون الناتج من حرق الوقود النفطية. كذلك فإن الدراسات العلمية تشير إلى أن أكثر المتضررين من التغيرات المناخية التي يسببها الاحتباس الحراري هم الفقراء في البلدان الجافة.
ويرجّح خبراء منظمة الأونيسكو أنّ الهجرة من تلك البلدان التي تضمّ أيضاً بلدان منطقة ساحل الصحراء (تشاد، مالي، ...) ستتفاقم، وذلك في الوقت ذاته الذي أقرّت فيه البلاد الغنية في شمال العالم إغلاق أبوابها وضبط حدودها بوجه الفقراء.
ويحقّ للّبناني المحشور بين الاحتباس الحكومي والاحتباس الرئاسي أن يسأل نفسه عن جدوى فتح هذا الملف في وسط المعمعة السياسية التي يشهدها الوطن اليوم... والجواب يمكن استخلاصه من الدراسات المنشورة عن التغييرات المحتملة في حوض المتوسط والتي نستطيع تلخيصها وتبسيطها على النحو الآتي:
من المتوقّع أن يؤدّي الاحتباس الحراري والتغيير المناخي إلى زيادة السيول والفيضانات التي تشهدها سنوياً مناطق شمال البقاع، وإلى انخفاض معدّل الأمطار، وبالتالي اضمحلال الزراعة المطريّة. وستؤدي هذه التغييرات إلى تفاقم شحّ المياه في المستعمرات الاسرائيلية في شمال فلسطين، وبالتالي إلى ازدياد الأطماع الإسرائيلية بالمياه اللبنانية، ممّا يرجّح تفاقم الاعتداءات الاسرائيلية للاستيلاء على مواردنا المائية. بعد هذا العرض السريع، نجد أن أكثر المتضرّرين المحتملين في لبنان هم أيضاً الفقراء والمهمّشون، أي المزارعون في عكار والهرمل والبقاع والجنوب.
فهل سيكفي هذا لإدراج أثر التغيير المناخي في سلّم أولويّات القيّمين على السياسة في لبنان؟