يونين ــ علي يزبك
توقفت طاحونة يونين قسرياً عن العمل بسبب شحّ المياه هذا العام بعد دوران مستمر منذ مئة وخمسين عاماً.
وبقيت هذه الطاحونة التي تدور وفق تصميمها القديم مقصداً لعشرات المواطنين الذين كانوا يطحنون القمح والشعير والذرة ويأتون إليها من القرى المجاورة، وذلك بعدما توقفت الطواحين الأخرى في البلدة وعددها خمس نهائياً عن العمل.
وقد ساهمت الينابيع الغزيرة الموجودة في يونين والمتدفقة من الأعالي إلى أسفل الوادي في بناء المطاحن التي جعلت من البلدة مقصداً للمزارعين من أغلب القرى المجاورة. أما اليوم فقد تغيّر المشهد واختلفت وسائل العيش ولم يعد يأتي إلا عدد محدود جداً من المواطنين من داخل البلدة، لطحن القمح أو جرش البرغل المرتبط بتحضير الكشك للمونة وفق ما أوضح مهدي زغيب الذي يشغل المطحنة لوحده منذ ست سنوات بعد وفاة شريكه في العملويستذكر مهدي الأيام الخوالي وهو يحرك الكور الخشبي المعلق في السقف والذي ما يزال محتفظاً بمتانته ورونقه، ويقول: كان المواطنون يأتون يومياً ومنذ طلوع الفجر إلى المطحنة، ويبدأ الحجر بالدوران بمجرد أن يتم تحويل المياه من الساقية في الأعلى حيث يحرك جريانها السريع النواعير المركبة بين القناطر الحجرية، ليبدأ حجر الطاحون بالدوران، أما القدرة التشغيلية فهي قرابة المئة كيلوغرام من القمح في الساعة».
ويضيف: «لم نكن نتوقف عن العمل إلا في ساعات الليل أو لإجراء الصيانة، ومع الأيام اختلفت الأمور جذرياً حيث اختلفت أذواق الناس وباتوا يقصدون المطاحن الكهربائية لأنها أسرع في العمل. واليوم انقطع مورد رزقنا نهائياً لأن المياه لم تعد تسطيع تحريك هذا الحجر الأسود الضخم بسبب موسم الشح، وباتت هذه الطاحونة بحاجة إلى الصيانة، مبدياً خشيته من أن لا تدور الطاحونة مجدداً وأن تتحول إلى بناء مهجور، ثم تنضم الى بقية طواحين البلدة، التي تحولت الى خربة، وخصوصاً أن ملكية الطاحونة باتت تعود لنحو أربعة وعشرين شخصاً في البلدة بفعل الوراثة.
ويؤكد مهدي أنه بات للطاحونة اليوم زوّار، ولكن من نوع آخر حيث يفد إليها طلاب جامعات للاطّلاع على كيفية بنائها أو لأخذ الصور التذكارية.
من جهته، يؤكد رئيس بلدية يونين أحمد درة أن هناك «مشروعاً في البلدية لتحويل الطاحونة إلى مكان تراثي، بهدف إبقاء هذا الإرث الفريد من نوعه في المنطقة، حيث تعتبر هذه المطحنة الوحيدة التي لا تزال تعمل في كل قرى قضاء بعلبك، ولكن عدم وجود إمكانات مادية يؤخر تنفيذ هذا المشروع».