strong>بسّام الطيارة
التزام قوي بدعم استقرار لبنان وتشجيع على التوافق في الاستحقاق الرئاسي
ثلاثة عناوين حملتها زيارة «الفرسان الثلاثة» إلى لبنان هي، بالترتيب، دعم قوات «اليونيفيل» العاملة في الجنوب، الملف الرئاسي والتأثيرات الخارجية على الوضع في لبنان والمنطقة، ليخلصوا في نهاية لقاءاتهم الكثيفة مع فريقي الموالاة والمعارضة، إلى رسالة مفادها «وجود دينامية جديدة ورغبة بالنجاح»

تتطلب زيارة وزراء خارجية كل من إيطاليا ماسيمو داليما، وفرنسا برنار كوشنير، وإسبانيا ميغيل أنخيل موراتينوس جردة نتائج بعيداً عما بدا إعلامياً من تحرك بين بيروت والجنوب مروراً ببكركي.
ويرى المراقبون أن هذه الزيارة الخاطفة جاءت جواباً على إلحاح إيطالي ـــــ إسباني مبني على إلحاح من الفاتيكان، رغم معرفة الجميع أن «الوقت لم يحن لحل»، وأن الجلسة النيابية المقررة غداً لانتخاب رئيس الجمهورية ستؤجل 15 يوماً، حسبما قال كوشنير، بانتظار ما سيؤدي إليه لقاء الرئيس الأميركي جورج بوش نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي في واشنطن في السادس من تشرين الثاني المقبل.
إلا أن أهمية الزيارة تكمن في الدخول في تفاصيل المبادرات القائمة، كما صرّح أحد المقرّبين من الوفد الإيطالي، ومحاولة «تقريب مبادرة الرئيس نبيه بري من مبادرة البطريرك نصر الله صفير».
وتقول أوساط مطلعة إن الفاتيكان يدفع لعدم الوقوع في مأزق الفراغ الدستوري. ومن هنا لوحظ حديث الوفد الأوروبي للمرة الأولى عن «فريق الأكثرية المسيحي وفريق الأقلية المسيحي»، بما يعدّ اعترافاً بأن المعارضة ليست محصورة في طائفة، كما يعدّ دعماً لعمل اللجنة الرباعية في بكركي، التي ترى فيه اأوساط مطلعة «مخرجاً لأزمة الأسماء»، وإن اعترفت بأن «المشكلة ليست في الاسم بقدر ما هي في بروفيل مرشح التوافق». إلا أن مصادر أخرى أشارت إلى أن «الاسم بات حاضراً»، وأن ما يسميه البعض مواصفات هو إشارة «إلى الاتفاق المسبق على البرنامج المقبل للمرشح»، بانتظار «الإشارة القادمة من واشنطن».
وكان الوفد الأوروبي استهل لقاءاته في بيروت بزيارة الرئيس بري. وقال كوشنير بعد اللقاء: «نحن نمثل الدول الثلاث الأكثر أهمية في حوض البحر المتوسط تجاه لبنان وكل طوائفه. جئنا حاملين رسالة لسلام لبنان ووحدته وسيادته، ولمواكبة الانتخابات الرئاسية التي تخص اللبنانيين وحدهم».
وقالت مصادر بري إن «أجواء اللقاء كانت جيدة جداً، وإن الوزراء الثلاثة عبّروا عن دعم التوافق اللبناني وإجراء الانتخابات في موعدها الدستوري».
وانتقل الوفد إلى السرايا الكبيرة، حيث التقى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة. وبعد الاجتماع قال داليما: «جئنا لنظهر التزامنا القوي دعم السلام والاستقرار في لبنان، واستمرار مهمة اليونيفيل، وتشجيع القوى اللبنانية للاستمرار في الحوار للوصول إلى حل توافقي لهذه الأزمة».
وتوجه الوفد إلى بكركي، وأجرى محادثات مع البطريرك صفير، تخللتها خلوة بحضور المطران سمير مظلوم، غادر بعدها الوزراء من دون الإدلاء بأي تصريح. واكتفى كوشنير بالقول، رداً على سؤال، إن اللقاء كان جيداً. كذلك أكد صفير على إيجابية اللقاء ـــــ الخلوة.
ومساءً، جمع وزراء «الترويكا»، في قصر الصنوبر، ممثلي طاولة الحوار، الذين حضر منهم الرئيس أمين الجميل، والوزراء محمد الصفدي ( التكتل الطرابلسي)، مروان حمادة (الحزب التقدمي الاشتراكي)، محمد فنيش (حزب الله)، النواب: ميشال عون (التيار الوطني الحر)، رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري، غسان تويني، ميشال المر، بطرس حرب، آغوب بقرادونيان، إيلي سكاف، سمير عازار (كتلة «التنمية والتحرير»)، آغوب قصارجيان، رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ومستشار رئيس الحكومة محمد شطح.
وبعد اللقاء، عقد كوشنير وداليما وموراتينوس مؤتمراً صحافياً. وتحدث في البداية كوشنير الذي أعلن أنه يتحدث باسم البلدان الثلاثة، مؤكداً «أننا معنيون بتخطي الأوقات العصيبة التي يمر بها اللبنانيون، ووضع حد لهذه الأزمات». وأعلن «أن استحقاق رئاسة الجمهورية يجب أن يتم، وأن ينتخب رئيس من أصل مرشحَين أو ثلاثة أمام مجلس النواب بحسب المهل الدستورية ودستور الطائف، وأن تحترم كل العناصر السياسية المنصوص عليها في لبنان»، كما أكد الإصرار على دعم قوات اليونيفيل في الجنوب.
ورداً على سؤال قال: «لدينا شعور بأن الأمور تتجه نحو الأحسن. نحن لم نلتق المسيحيين فقط، ولكن عند الحديث عن المسيحيين فالانقسام لديهم ليس أفقاً من الآفاق الأخرى».
أما داليما، فأكد عدم دعم أي طرف في وجه آخر. وقال: «نحن في بلد ديموقراطي، ولا بد من ضمان حق الأغلبية، ولكننا نمر في فترة من الضروري خلالها التوصل إلى توافق وإلى الإجماع على وحدة البلاد واستقلالها وسيادتها، ودعم المؤسسات الديموقراطية فيها». وإذ لفت إلى أن «ثمة تهديدات إرهابية لقوات الطوارىء في الجنوب»، أكد أن هذه القوات لن تترك لبنان.
بدوره رأى موراتينوس أن الاستحقاق الرئاسي «قد يفتح أفقاً جديداً للبنانيين، ويعطيهم انطلاقة جديدة، انطلاقة ديموقراطية حرة سيادية». وأكد أن «اللبنانيين مُجمعون على ضرورة عدم تفويت هذه الفرصة»، لافتاً إلى أن الوفد استنتج خلال محادثاته وجود دينامية جديدة وإرادة وإصرار على النجاح في إيجاد حل».
كما اجتمع الوزراء الثلاثة بنواب الموالاة المقيمين في فندق «فينيسيا»، وشددوا في مداخلاتهم على أهمية الديموقراطية اللبنانية للعالم. وفي معرض حديثهم عن تفقدهم لوحدات بلادهم في الجنوب، أكدوا أن دولهم مستعدة لزيادة أعدادها إذا ما دعت الحاجة. ثم زاروا ضريح النائب الشهيد أنطوان غانم، وقدموا التعازي إلى عائلته. وجاءت هذه اللفتة بمبادرة من كوشنير الذي عرف النائب غانم في مؤتمر سان كلو.
وعند العاشرة والنصف ليل أول من أمس، غادر الوزراء بيروت كل الى بلده.