عكار ــ خالد سليمان
عندما خرج النائب مصطفى علي حسين من كتلة المستقبل النيابية، حرّك «ستاتيكو» الانقسام النيابي الذي كان يبدو توزيعه حينها «أبدياً» بين الموالاة والمعارضة. وتوقع كثيرون أن تتبع القنبلة التي فجّرها قنابل مماثلة أو أكبر عياراً تصدّع بنيان الأكثرية أو على الأقل تصيبها في مقتل خسارة حتى النصف زائداً واحداً. ولكن الحال رست على «الناقص واحد» على رغم بعض التململات والمواقف الخارجة عن بيت طاعة 14 آذار التي لم تؤد بأي من أصحابها الى سلوك درب حسين.
وها هو «أبو علي» يعود على أبواب الاستحقاق الأكبر ليحرك المياه الراكدة، بالإعلان أن هناك اتصالات مع أكثر من نائب من الأكثرية «لتأليف كتلة نيابية وسطية»، وتحضيرات لـ«تأليف حزب سياسي جديد مع بعض القوى في عكار»، متحدثاً عن «تململ في صفوف بعض قيادات تيار المستقبل»، ومنتقداً ومهاجماً قيادات ورفاق درب السنتين.. ومصر والسعودية «اللتين لا تمثلان التضامن العربي». وهو وإن لم ينضو إلى صفوف 8 آذار فإنه يشارك في مناسباتها و«سأصوت للمرشح الذي تطرحه المعارضة وإلا المرشح التوافقي». ويرى أنه «لولا حزب الله لما كانت هناك كرامة عربية»، ويؤكد: «نعم أنا عقلي وقلبي في سوريا».
في منزله في سهل عكار يبدو النائب «المستقبلي» ماضياً، مرتاحاً إلى خياره على رغم الحماية الخفيفة «إذ يتناوب 6 عناصر من الدرك وأمن الدولة على الحراسة، بينما مفروز لسمير جعجع وحده 200 عنصر لحمايته». ويضيف «لم أخش الاغتيال يوماً. لا اليوم ولا قبل انسحابي من كتلة تيار المستقبل في عكار مطلع حزيران، فأنا موجود بين أهلي وأتحرك بحرية في البلد، وأول من أمس كنت جالساً في مقهى عام في أحد شوارع طرابلس العامة».
وكشف عن «اتصالات مع عدد من النواب أمثال عبد الله حنا، مصباح الأحدب وبيار دكاش لتأليف كتلة نيابية وسطية لتهدئة الأوضاع»، مكرراً القول إن التواصل يشمل أكثر من نائب من الأكثرية، ورافضاً كشف المزيد من الأسماء. وتحدث عن صعوبة في التواصل مع عدد من نواب عكار «لأن معظمهم في الخارج أو محبوس في فندق فينيسيا».
ويبدو أن حسين استطاع أن يجمع النقيضين في موقفه من كل منهما، فعلاقته مقطوعة مع النائب السابق علي عيد «ولا شيء يجمعني معه»، ولم يُدع مع وفد عكار الى إفطار قريطم، «وإن دُعيت فلن أذهب، ولا يوجد تواصل أبداً مع النائب سعد الحريري ولا مع قوى 14 آذار».
ولتفسير بقائه لسنتين في كتلة المستقبل، يقول: «لم أصبح نائباً بمحبة الناس لسعد الحريري، ولكنهم انتخبونا وفاء للرئيس رفيق الحريري، ووفاءً لدماء الرئيس الحريري كان عليَّ واجب أن أبقى في كتلة المستقبل حتى صدور المحكمة الدولية، وبعدما أقرت في الخارج أصبحت في حِلٍّ من هذا الالتزام». ولو لم تقر المحكمة «لكنت سأبقى في الكتلة لسنوات». ويضيف «أنا أحد مؤسسي التيار في عكار منذ 1999 وسمعنا كلاماً قاسياً من أجهزة الاستخبارات وصبرنا لأن الرئيس الحريري كان يجسد الاعتدال في كل شيء، أما اليوم فالنهج تغير مع سعد الحريري، وهناك تململ في صفوف بعض قيادات التيار أمثال الوزير بهيج طبارة وغيره». وأشار الى أحاديث «عن مخيمات للتدريب على السلاح في مناطق محددة في عكار، تحت غطاء شركات أمنية وبإشراف جهاز أمني تابع للسلطة».
وعلى رغم قوله إنه لا يزال «نائباً مستقلاً» ولم ينتقل الى 8 آذار، فإنه أعلن حضور المناسبات «التي تدعوني إليها قوى المعارضة»، وأنه سيحضر جلسة مجلس النواب في 23 الحالي «إن اكتمل نصاب الثلثين»، وسيصوّت «للمرشح الذي تطرحه المعارضة وإلا المرشح التوافقي». وقال إنه مع رئيس «يكون عربي الهوى والانتماء ولكل اللبنانيين وليس لطائفة دون أخرى». لكنه لا يرى أن الانتخاب الرئاسي سيحصل «لأن الأميركيين لا يريدون ذلك ليبقى فؤاد السنيورة في الحكومة ويدير البلاد. وهم يعملون على الفراغ الدستوري بدليل ما قالته اسرائيل من أنها لن تفاوض على الجولان إلا في ظل حكومة السنيورة، وإذا حصلت الانتخابات سقطت حكومته».
ورداً على اتهام النائب رياض رحال له بأن عقله وقلبه في سوريا، قال إن رحال «لا يتحلى بمشاعر العروبة، عمقه ربما فرنسا أو قبرص وثقافته غير عربية»، مردفاً «نعم، أنا عقلي وقلبي في سوريا، وتربطنا بها صلات رحم وقربى، ليست الطائفة العلوية فقط، بل كل الطوائف اللبنانية. هل أقول قلبي وعقلي في مصر أو السعودية التي لا تمثل التضامن العربي؟ بينما سوريا الأسد تبقى، مهما قست الأحوال والظروف، لاعباً مركزياً وفعالاً في التصدي لكل المخططات التي تستهدف المنطقة». ولا ينفي قيامه بزيارة سوريا «زيارات خاصة لا رسمية»، مشيراً الى مشاركته في الوفد اللبناني الذي بحث مع عدد من المسؤولين السوريين موضوع معاودة فتح المعابر التي أقفلت إثر أحداث الشمال.
ووصف علاقته بحزب الله بأنها «جيدة»، مبدياً تقديره لـ«تضحيات الحزب وما قدمه للبنان، ولا أحد ينكر ما قدمه في عدوان تموز ولولاه لما كانت هناك كرامة عربية». ومع إعلانه أنه بصدد تأليف حزب سياسي جديد مع بعض القوى في عكار باسم «الحركة الشعبية اللبنانية»، شكا من تهميش العلويين في الوظائف العامة، خصوصاً في الكلية الحربية، سائلاً المعنيين «لماذا، هل أبناء الطوائف الأخرى أكثر لبنانية منّا، أم هي عقوبة لنا بسبب موقفنا السياسي؟».