strong>كمال شعيتو
تتزايد المظاهر الأمنية في الشوارع والأزقّة، وتتزايد معها المشاكل والمتاعب التي تثقل كاهل المواطن. فبدل أن تؤمّن قوى الأمن الاستقرار والأمان للناس تتكرّر حوادث اعتداء «أبناء الدولة» على الأمن والسلامة العامة. تستعرض «الأخبار» بعض الحوادث الأمنية التي وقعت خلال الأسبوع الفائت

رجال قوى الأمن الداخلي والجيش وأمن الدولة والأمن العام هم الجهة الرسمية المخوّلة الحفاظ على أمن المواطن واستقرار محيطه. ومن واجبات العناصر الأمنية، بشتى مهماتهم، السهر على تطبيق القوانين وفض الخلافات وَفقها، وتأمين العدالة لكل ذي صاحب حق. ومن مهمات هذه القوى الحرص الدائم على عدم حصول الخلافات بين المواطنين، وعدم افتعالها فيما بينهم. لكن أن تكاد ميزة بعض رجال الأمن تصبح عدم الأمن، فهو أمر يستحق التوقف عنده. وقد رصدت «الأخبار» ما لا يقل عن حادثة وخلاف يومي يكون لعناصر القوى الأمنية المختلفة يد فيها. فعلى عكس ما قام به المجند علي ح. لحماية أطفال يلهون بمفرقعات متفجرة، بمحاولته إبعاد مفرقعة من أيدي الأطفال، ما أدى إلى انفجارها بيده وإصابته بحروق وجروح بالغة، فإن حالات أخرى برزت خلال الشهر الحالي والمنصرم وغيره مما رصدته «الأخبار»، تظهر استغلال بعض العناصر للسلك الأمني والعسكري الذين ينتمون إليه، رغم عدم صلاحياتهم، في العديد من الخلافات التي تؤدي الى إصابة المواطنين بأضرار جسدية حيناً، وإصابة ممتلكاتهم حيناً آخر.

خلافات أميرية بالجملة

وكبعض الحالات، نورد الخلاف الذي حصل في بلدة البرج في عكار، اذ تضارب كل من الرقيب أول في الجيش اللبناني حسن س. من جهة وخضر ش. من جهة ثانية، وتطور إلى إقدام الأول على شهر مسدسه من عيار 9 ملم في وجه الثاني. وتمكنت دورية من مخابرات الجيش من توقيف الرقيب أول وإيداعه القضاء المختص. أمّا على الطريق الدولية شتورا ـــــ المصنع، قرب مؤسسة عبد الرحمن التجارية، أقدم عدد من شبان بلدة مجدل عنجر، عُرف منهم المجند في الجيش ديب ع. وحسام ع.، بالاعتداء بالضرب والشتائم على سائق بولمان تحمل لوحة مسجّلة في «ريف دمشق»، يعود إلى شركة ترانس تور، ما أدى الى إصابة سائقه علي ديب شرف (من التابعية السورية) بجروح ورضوض فيما فرّ الفاعلون إلى جهة مجهولة.

أفضلية المرور لـ«الوطن»؟

كما تلحظ هذه الخلافات عدداً لا بأس به من الخلافات على النقاط المرورية، تبين أن روّادها مجنّدون وجنود وتحرّيون من مختلف الصفات الأمنية والعسكرية. فعلى أوتوستراد الملولة ـــــ طرابلس، وبسبب أفضلية المرور، حصل إشكال بين عناصر دورية من فوج التدخل السريع من جهة، وركاب سيارة من نوع BMW، تبين أن بينهم اثنين من عناصر الجيش اللبناني، وهما الجندي محمد ي. (فوج المغاوير) والمجند عبد الله إ. (اللواء الخامس). أضف إلى ذلك، أنه لدى متابعة سيارة الـBMW سيرها، وصلت إلى حاجز تابع للجيش في المحلة فأوقف ركّابها واقتادهم إلى مركزه بعد حصول مشادة كلامية بين عناصر الحاجز وعناصر الدورية!.
ورغم أن القانون بدا واضحاً في منع وتحذير أي فرد من الاعتداء على عناصر القوى الأمنية، إلا أنه ونتيجة خلاف عائلي داخل منزل المعاون أول في أمن الدولة محمد م. تدخل والد وأشقاء زوجة المعاون لنصرة الأخيرة، فتطور الأمر إلى تضارب بالأيدي بين الجميع، ومن بينهم المجند في قوى الأمن الداخلي محمد ز. (مفرزة سير بعبدا). كما تبين أنه كان برفقة والد الزوجة وأشقائها المجندين فراس ط. (مركزه مخفر يونين) ومحمد ش. (مركزه معهد قوى الأمن). ونتجت من الخلاف إصابة الزوجة المذكورة بجروح ورضوض ما استدعى نقلها إلى المستشفى، فيما أصيب المعاون بجرح في رأسه وتم نقله الى المستشفى أيضاً. وبعد احتكام الزوجة للقانون، ادعت على زوجها بجرم ضرب وإيذاء. وبمراجعة القضاء المختص، اشار بتوقيف شقيقها المجند محمد ز. لكونه هو من أقدم على ضرب المعاون أول على رأسه، وتُرك الباقون لقاء سند إقامة.

نيران أميرية لأسباب شخصية

وفي سياق تخطي العناصر الأمنية لصلاحياتهم وتعريض سلامة المواطنين للخطر، أقدم المجند احمد ع. (مركزه استقصاء السرايا الحكومية) إثر خلاف في بلدة برجا بينه من جهة، وبين كل من أحمد س. وشقيقه فضل وجميل صلاح الدين من جهة أخرى، على إطلاق النار من مسدسه الأميري باتجاه فضل المذكور فأصابه في رجله ما استدعى نقله الى المستشفى للمعالجة، وتم توقيف المجند بناءً على إشارة القضاء المختص. لكن يبقى التساؤل عما قد تحمله حادثة مشابهة في طياتها: مقتل مواطن أم إصابة مواطن آخر؟.
من جهة أخرى، تثير حادثة إصابة أحد عناصر فرع المعلومات، الرقيب أيوب م.، بعيار ناري في يده ورجله عن طريق الخطأ، أثناء وضع مسدسه الأميري داخل «تابلوه» السيارة، تثير التساؤل مجدداً عن مدى ضرورة إعادة تجديد الأسلحة المستعملة المسلّمة للعناصر الأمنية والعسكرية حفاظاً على سلامتهم الشخصية، وعن ضرورة «الالتفات» إلى التجهيزات الفردية للعناصر.
ورغم أن قانون تنظيم قوى الأمن الداخلي (الرقم 17 – الصادر عام 1990)، يحدد في المادة الـ117 تعريف الغاية من العقوبات و«هي إصلاح السلوك ومكافحة الإهمال والردع عن الأخطاء وتدعيم الانضباط"، فإن الخطوات العقابية المتخذة بحق أفراد ورتباء قوى الأمن تطرح استفهاماً حول مدى جدواها، ولا سيما مع تطور الأعمال المخلّة بالنظام وتنوع وتقدم الأنظمة العالمية لجهة تطوير وتمتين عمل الشرطة. فمن التنبيه والتأنيب الخطي، الى التوقيف البسيط والصارم، وتوقيف القلعة وحسم الراتب والنقل التأديبي والحذف من جدول الترقية وصولاً الى خفض الرتبة والطرد (حسب تحديد العقوبات المتدرجة على قوى الأمن، المادة الـ118)، يبقى من المجدي البحث في إمكان إعادة النظر في النظام العقابي وإقرار نظام إصلاحي يترجم عقلانية التعاطي من جانب بعض العناصر الأمنيين.