عامر ملاعب
التوتر مع سوريا «غيمة عابرة» والعلاقات يجب أن تكون مميّزة على كل الأصعدة

استضاف المقرّ الصيفي للبطريركية الكاثوليكية للروم الملكيين في عين تراز، إحدى بلدات قضاء عاليه، الأسبوع الماضي، اللقاء السنوي لبطاركة الشرق تحت عنوان «الوجود المسيحي في الشرق». وجمع اللقاء كل بطاركة الشرق في لقاء أثار أسئلة جوهرية وحاول استنباط العلاجات من خلال اقتراحات ومشاريع عمل.
وقد تمكّن سيد الصرح، البطريرك غريغوريوس الثالث لحام، من جمع مراجع دينية مسيحية مخاطباً اياها، بلهجته الشامية المخففة وديناميته اللافتة، بلغة أهل العروبة من دون أن يتورط بكلمات سياسية «لبنانية» محدّدة، فطالب أهل الطائفة، والآخرين، بحصّة المسيحيين ودورهم التاريخي، من دون أن تُفقد المطالبة «شركاءنا في المواطنة حقوقهم ومكتسباتهم»، على أساس أن «كل ما يهمّ العالم العربي يهمّنا كمسيحيين لأننا جزء منه».
وفي حديث الى «الأخبارط، يشرح لحّام أهمية اللقاء، إذ إن «البطاركة الكاثوليك يمثلون شريحة المجتمع العربي المسيحي في كل البلاد: بطريرك الموارنة الأكثر حضوراً في لبنان، بطاركة القدس الأقباط الكاثوليك، الكلدان، السريان والأرمن. هم بطاركة لكل الشرق. نعقد اجتماعاً مرة في السنة، نعالج فيه مواضيع مختلفة. وكان موضوع هذا المؤتمر تأثير الأوضاع السياسية والاقتصادية والمجتمعية والعلمانية على الوجود المسيحي في الشرق الأوسط، وما يهمنا في هذه المواضيع هو مستقبل المنطقة وليس فقط المستقبل المسيحي».
لا يدرج البطريرك لحام المآسي في كيانات المشرق العربي، فلسطين والعراق ولبنان، ضمن مخطط غربي استعماري بل ضمن «مشروع سياسي يريد أن يقسم العالم إلى فئات ذات لون واحد، بدلاً من أن يكون ثمة عالم من التوازن والتناغم والتراحم والتعددية»، مشدّداً على أن وحدة العالم العربي «لا تكون في إفراغ المنطقة من عناصرها المتعدّدة».
وفي الشأن اللبناني، يتجنّب البطريرك الخوض في التفاصيل، ولا سيما على مستوى الطائفة المسيحية، أو الإجابة عن دور الصراع الإسلامي ـــــ الإسلامي (السني ـــــ الشيعي) في انتخاب رئيس ماروني، معتبراً أنه «إذا كان ثمة رئيس لا يقبل به الجميع، فلن يكون هناك خروج للبنان من مأزقه. والفتنة الداخلية هي أشدّ فتكاً من أي فتنة خارجية، فالحرب أصبحت في قلوبنا وفي قلوب اللبنانيين. ولذلك، أنا لا أقول توافقاً ولا اتفاقاً، بل أقول إجماعاً على شخص الرئيس، أي أن نجمع على شخص يكون لكل اللبنانيين، لأن هذا البلد لا يتحمل المشادات الداخلية والتحزّبات، لا شيء يحرز... لبنان بلد صغير ويجب أن يكون قوة واحدة، ويمكن أن نبنيه بكل طوائفه وأحزابه وتوجّهاته الفكرية، ويمكن أن يكون قوياً ضد أي تأثير خارجي إذا كنا أقوياء في الداخل». ويتابع: «الاستحقاق الرئاسي مهم جداً جداً. ويجب ألّا نكون مشرذمين، فلبنان يجب أن يكون لكل اللبنانيين ولكل العرب، ورئيسه يجب أن يكون لبنانياً لكل العرب وليس لبلد دون آخر».
ويرى لحام في توتر العلاقات اللبنانية ـــــ السورية «غيمة عابرة»، فـ «الوشائج والعلاقات السورية ـــــ اللبنانية، ثقافياً وحضارياً وعائلياً، يجب أن تكون مميزة على كل الأصعدة، ليس لكي يكون هناك استئثار لبلد على الآخر، ولكن كي تكون سوريا حقيقة مدخل لبنان الى العالم العربي، لأن الجار الأساسي العربي المحيط هو سوريا، فلا يمكن أن نتخيل بلدين عدوين، بل لا يجوز. وعلى أي حال، هذا ليس من شيم اللبنانيين والسوريين، ولذلك أقول إن هذه العلاقات مرّت في أزمة، ونأمل من الطرفين التغلّب عليها»، فـ«لبنان لا يمكن أن يؤدّي دوره إلا إذا كان بلداً منفتحاً على كل العرب».