strong> فاتن الحاج
يتطلع أساتذة الجامعة اللبنانية إلى إنجاز المرحلة الأولى من ملف التفرّغ في الأيام الباقية من عمر الحكومة، ولا سيما أنّ الجامعة في صدد إعداد لوائح المتفرغين الجدد، فيما يبقى التعاقد هاجساً يهدّد لقمة عيش المتعاقدين في كل لحظة. فقد أنقذ، أمس، مجلس كلية العلوم عدداً من الأساتذة المتعاقدين من «تهديد» عميد الكلية الدكتور علي منيمنة بفسخ عقودهم بسبب عدم مشاركتهم في أعمال وضع الأسئلة والتصحيح لمباراة الدخول إلى كلية العلوم الطبية في 18 و19 الجاري. ولم يتخذ المجلس أي إجراء بحق المتعاقدين المتغيّبين سوى الطلب من مديري الفروع تنبيه الأساتذة المعنيين إلى واجباتهم الأكاديمية، علماً بأنّ العميد وضع على جدول الأعمال الحسم من راتب كل أستاذ أسبوعاً.
وفي تفاصيل القضية، أنّ عدداً كبيراً من أساتذة السنة الأولى ــــــ بيولوجيا في كلية العلوم قد تغيّبوا في اليوم الأول من أعمال وضع أسئلة مباراة الطب، ما أثار استياء العميد الذي سارع إلى الاتصال بهم، فحضر القسم الأكبر منهم في اليوم الثاني، باستثناء بعض الأساتذة المتعاقدين الذين لديهم ارتباطات
أخرى.
ومع أنّ تصحيح الامتحانات أُنجز بطريقة سليمة، وتركت النتائج ارتياحاً في صفوف الأساتذة والطلاب، فقد استغرب بعض المتعاقدين والمتفرغين ردة فعل العميد الذي اتصل بهم ودعاهم إلى عدم التوجه إلى الكليات وهدّدهم بفسخ عقودهم والاستغناء عن خدماتهم واستبدالهم بأساتذة آخرين، علماً بأنّ اليوم الثاني سجّل فائضاً في الأساتذة المصححين.
ويوضح الأساتذة المتعاقدون أنّهم يتقاضون بدل الساعات التي ينفذونها، وبالتالي لا يمكن للجامعة أن تضعهم في تصرفها إلاّ حين تفرّغهم أو تدخلهم إلى الملاك، ثم إنّهم يركضون وراء لقمة عيشهم عبر التعاقد مع مؤسسات أخرى، بغياب الضمانات الصحية والاجتماعية لهم في الجامعة اللبنانية. ويَذكر الأساتذة أنّ البدل الذي يتقاضونه في هذين اليوميْن مقابل 15 ساعة عمل لا يتجاوز 50 ألف ليرة لبنانية، في حين أنّهم يستطيعون الحصول على هذا المبلغ مقابل ساعة عمل واحدة في الخارج.
ويرى الأساتذة المتعاقدون أنّ عميد الكلية تجاوز دوره وصلاحياته لأنّ الأستاذ يوقّع العقد مع رئاسة الجامعة اللبنانية ويبتّه مجلس الجامعة بعد موافقة مجلس الوزراء الذي يصادر صلاحيات مجلس الجامعة منذ عام 1998. أما العميد فيوقّع العقد في إطار التسلسل الإداري. وبالتالي، كما يعتقد الأساتذة، ليس هناك أي حق قانوني يلزمهم بالحضور والمشاركة في أعمال وضع الأسئلة، سوى الالتزام الأدبي بمتابعة طلّابهم وإنجاز امتحاناتهم.
تضع هذه الحادثة واقع المتعاقدين على المحك، وخصوصاً أنّ هؤلاء يطالبون بعدم الخلط بين ملف التعاقد وأزمته والعقد الذي يوقّعونه مع الجامعة، وقد أبدوا استياءهم من التهديد بلقمة عيشهم، مشيرين إلى أنّهم كانوا بصدد اللجوء إلى خطوات تصعيدية إذا اتخذ مجلس الكلية أي إجراء بحقهم. وفيما يأسف الأساتذة لردة الفعل السريعة، يتساءلون: «هل هكذا يكون التعاطي مع الأساتذة الجامعيين؟ وإلى متى سيبقى وضع المتعاقدين على هذا النحو؟»، مطالبين بـ«حد أدنى من الاحترام لقيمتهم العلمية والأكاديمية، كما في كل جامعات العالم». وطرح الأساتذة علامة استفهام عن أداء بعض العمداء في الجامعة.
في المقابل، حرصت «الأخبار» على استطلاع رأي عميد كلية العلوم الدكتور علي منيمنة وموقفه من قضية الأساتذة المتعاقدين، فبادرت إلى الاتصال به، لكنّ العميد رفض الخوض في الحديث عن الموضوع، معتبراً إياه شأناً داخلياً في الكلية، واكتفى بالقول: «هيدا موضوع داخلي وما بحكي فيه».