strong>حـــزب البيئـــة يطالـــب بفتـــح تحقيـــق جـــديّ والسبـع يضـع علامـات استفهـام... ولا يتّهم
لم يعد بمقدور اللبنانيين سوى انتظار الأمطار لتنقذ ما بقي من «رئتهم الطبيعية» التي أصاب التلف جزءاً كبيراً منها هذا العام. فبعد أن تحوّل شهر تشرين الأول إلى شهر الحرائق المتنقلة، وفي ظل فشل ذريع لأجهزة الدولة المختلفة في إدارة هذه الكارثة الطبيعية والحؤول دون توسعها، بات الاستنجاد بقبرص هو السمة البارزة وخشبة الخلاص المفترضة، في حين أنه من المعروف أن المدخل الحقيقي لمعرفة مكامن الخلل في هذا الملف يكمن في فتح تحقيق جدي في أسباب التقصير الرسمي، على غرار ما طالب به حزب البيئة اللبناني في بيان له أمس.
ميدانياً، أفاد الدفاع المدني اللبناني أن حرائق التهمت، خلال اليومين الماضيين، غابات عدة في شمال لبنان وجنوبه، من دون تسجيل إصابات، فيما أعلن وزير الداخلية أن طوافة قبرصية تساعد الجيش في إخماد الحرائق التي لم يستبعد أن يكون بعضها مفتعلاً.
وقال مسؤول في الدفاع المدني أن عناصره، معززين بمروحيات الجيش اللبناني، يحاولون إخماد هذه الحرائق التي لم تعرف أسبابها، والتي اندلعت أول من أمس في عدة مناطق لبنانية، ولا سيما في محيط بلدات القبيات وايطو وكرم سدة وسبعل في الشمال. ويواجه «عناصر الدفاع المدني ومروحيات الجيش صعوبة في إخماد النيران، وخصوصاً في ايطو حيث لا طرق تؤدي إلى موقع الحريق». كذلك اندلعت حرائق مماثلة في غابات الصنوبر والسنديان والوديان التي تحوط بلدات بسري وصفاريه ومشموشة وتبنين في الجنوب.
ولم يستبعد وزير الداخلية حسن السبع، في ختام اجتماع رأسه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة بحضور قادة الأجهزة المختصة، أن تكون الحرائق مفتعلة. وقال للصحافيين: «أريد أن أشير إلى أنه بالأمس وصلتنا معلومة تفيد بأن الأهالي في عيون السمك شاهدوا حريقاً على رأس الجبل هناك، فتوجه أهالي المنطقة إلى مكان الحريق، وسرعان ما تعرضوا لإطلاق النار من مجموعة كانت موجودة هناك، وانسحب الأهالي وانطفأ الحريق. لذلك أردت أن أشير إلى هذه النقطة. صحيح أن الطبيعة في هذين الشهرين تسهم في الحرائق، ولكن الامتداد الجغرافي لهذه الحرائق يضع علامات استفهام كبيرة».
وأشار السبع إلى أن الاجتماع خُصص «لتقويم الوضع بالنسبة إلى الحرائق التي اندلعت خلال الـ 48 ساعة الماضية»، لافتاً إلى «أن نحو خمسة آلاف عنصر من الجيش وقوى الأمن الداخلي والدفاع المدني يشاركون في العمل على إطفاء الحرائق على كل الأراضي اللبنانية».
ورغم أن التقديرات الأولية تشير إلى أن الحرائق أتت منذ بداية تشرين الأول على 2500 هكتار من الغابات، وأدّت إلى قتيل وعشرات الجرحى. فإن الوزير السبع لم يقدم رقماً معيناً للمساحة المتضررة، كما أنه تجاهل الخسائر البشرية قائلا:ً «الحمد لله، أستطيع أن أطمئن إلى أنه حتى الآن لم تقع أي إصابات بشرية في لبنان».
من جهته، رأى حزب البيئة اللبناني، في بيان أمس، «أن الحديث والبحث عن مفتعلي حرائق سياسية، في غير مكانه وغير جدي وغير مجد، لا بل يعدّ تضييعاً للمسؤوليات». وأشار الحزب إلى «أنه ما من معنى للدعوة إلى اجتماعات رسمية إلا على قاعدة المحاسبة على الفترة السابقة للمسؤولين عن التقصير»، مطالباً بفتح تحقيق جدي في أسباب التقصير الرسمي، ولا سيما بعد تأليف لجنة لمكافحة الحرائق منذ عام 2001، برئاسة وإدارة وزارة البيئة، لكونها الوزارة التي تقدمت باقتراحات لخطة وطنية منذ ذلك التاريخ، وقد أسهمنا في وضعها آنذاك، ولم تنفذ».
وأضاف بيان حزب البيئة: «كُلّف مجلس الإنماء والإعمار تنفيذ الخطة، ورُصد لها، بقرار من مجلس الوزراء بتاريخ 23/5/2002، مليارا ليرة لبنانية، ولم تنفذ. ولم نعرف من يتحمل المسؤولية: هل هو مجلس الإنماء والإعمار الذي لم ينفذ، أم هي وزارة البيئة التي لم تتابع؟
وسأل الحزب، من يتحمل مسؤولية هذا التقصير، وهذه الجرائم المتمادية بحق بيئة لبنان، نتيجة الإهمال الإداري عندنا، مع العلم بأن تطبيق الخطة التي تقوم على مبادىء المراقبة والتدخل السريع وملاحقة المفتعلين، والتي اقترحناها دائماً، والتي تترجم عملياً ببناء أبراج مراقبة وخزانات مياه صغيرة في الأماكن الحساسة في الغابات، لم يكن مكلفاً، وهو بالتأكيد لا يقاس بالخسائر التي أصابت ثروتنا الوطنية؟».
كذلك طالب الحزب بفتح تحقيق، لمعرفة لماذا فسخت وزارة البيئة العقد مع الشركة الملتزمة إعادة تحريج بعض الأماكن في لبنان، وهدر المليارات، بالرغم من تحذيراتنا وانتقاداتنا السابقة؟ مع التذكير بأسئلتنا السابقة: لماذا رُصد مبلغ 25 مليار ليرة لوزارة البيئة عام 2001 لإعادة التحريج، والذي اعترضنا عليه في حينه لعدم اختصاص الوزارة، كما بيّنت الوقائع اليوم؟.
الى ذلك، اتخذت لجنة البيئة في تيار المردة قراراً بالعمل على إعادة تحريج المساحات التي أتت النيران عليها في منطقة زغرتا، سواء بالعمل على حماية الأماكن المحترقة حفاظاً على البذور التي يفترض أن تعيد إنتاج الغابة بصورة طبيعية، أو بإعادة تحريج الأماكن التي يتعذر فيها إحياء الغابة من جديد بصورة طبيعية.
(الأخبار)