رامي زريق
يواجه العامل في مجال الإغاثة حالات مربكة، مثل وصفات طبية غير ملائمة وغير مبررة يتقدم بها المغاثون. هذه الحالات تضع عامل الإغاثة في موقف صعب لأن رفضه الاستجابة لهذه الطلبات يتنافى مع رسالته الأساسية: فكيف يواجه المغيث شخصاً يطلب مضادات حيوية من الجيل الرابع، رغم إدراكه بأن انتشار استعمالها سوف يفاقم مشكلة مقاومة الجراثيم للمضادات الحيوية؟ كيف يشرح ذلك لإنسان تتعلق آماله في تلك الحبة التي وصفها طبيب يعتبر كلامه منزلاً؟
تخلق هذه التساؤلات أزمة أخلاقية عند الكثير من العاملين في حقل الإغاثة. وتطرح هذه الأزمة نفسها بأوجه عدة. فمثلاً، كثيراً ما تتضمن «الوحدة الغذائية» التي يتم توزيعها على الأسر بشكل روتيني خلال الأزمات على حليب الرضاعة الجاف، بينما يكون استعمال بدائل الرضاعة الطبيعية موضوع جدل متشعب. فقد أجمعت الدراسات على أنه لا بديل عن الرضاعة الطبيعية التي تقي المناعة عند الطفل، وتزوده بكل ما يحتاجه من غذاء للنمو السليم. كما اننا نعلم تماماً مخاطر استعمال حليب الأطفال في بيئة تفتقر إلى المياه النظيفة وإلى التعقيم.
لسنا أوّل من يطرح هذه التساؤلات، فهي تواجه كل من يعملون في حقل الإغاثة والتنمية في جميع أنحاء العالم. لكن المشكلة هي أننا نطرحها دون أن نعالجها بشكل منهجي. وذلك لأننا، وبالرغم من تجربة حرب طويلة، ما زلنا نعتبر أن الإغاثة عمل إنساني لا يتطلب سوى نيات صافية وقلب واسع وموارد وفيرة. إلا أن الإغاثة عمل احترافي يحتاج إلى خبرات علمية ومهنية، وإلى قدرات وكوادر متخصصة تقود العمل بحسب أسس صلبة ترتكز بشكل أساسي على المبدأ الرئيسي للعمل الإغاثي: تجنّب الضرر.