149; محادثات طويلة للوزير المصري توّجت باجتماع مع بري والحريري في عين التينة
اقتصرت «الرؤية المصرية» التي حملها رئيس الدبلوماسية المصرية الى القادة اللبنانيين لحل الأزمة على إطلاق صرخة لـ«رفع الأيدي عن لبنان» وتشجيع الأطراف اللبنانيين كافة على الحوار البنّاء، نافياً أن يكون للقاهرة مرشح تعمل على تسويقه

يوم ماراتوني من اللقاءات والاتصالات أمضاه وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط في بيروت بدأ باجتماع ثنائي مع وزير الخارجية المستقيل فوزي صلوخ، الذي كان في استقباله في المطار الى جانب السفير المصري في لبنان أحمد البديوي. وفي كلمة ترحيبية بنظيره المصري رأى صلّوخ أن الزيارة «تعكس العلاقات المميزة المتأصلة والمتجذرة بين مصر ولبنان»، متمنياً أن يتم الحل للأزمة اللبنانية باكراً مع وصول أبو الغيط وفي أسرع وقت ممكن.
ورد الوزير المصري موضحاً أن زيارته الى لبنان هي «للسعي إلى مساعدته على تجاوز هذه الصعوبة»، معلناً أنه يحمل رؤى، لا مبادرة للتسوية.
وانتقل أبو الغيط الى قصر بعبدا حيث التقى الرئيس اميل لحود الذي أبلغ إليه ترحيب لبنان «بكل مبادرة هدفها التقريب بين اللبنانيين وتمكينهم من الاتفاق على انتخاب رئيس جديد وفق الأصول والأعراف الدستورية، بعيداً عن التدخلات الخارجية».
وحمّل أبو الغيط رسالة شفهية الى الرئيس المصري حسني مبارك، شكر له فيها الاهتمام الذي يبديه بلبنان، ، مشدّداً «على أن التوافق الوطني يحمي لبنان ويصون وحدته ويمكّن اللبنانيين من مواجهة الضغوط التي يتعرض لها بلدهم في ظل التطورات التي تشهدها دول المنطقة، سياسياً وعسكرياً»، وجدّد موقفه من عدم دستورية وميثاقية وشرعية حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وعدم موافقته بالتالي على أن تتسلّم السلطة الإجرائية إذا تعذّر الاتفاق على رئيس جديد. وأشار إلى أنه قدّم سلسلة اقتراحات لتفادي حصول فراغ دستوري أو خلافات بين اللبنانيين، مؤكداً أن هذه الاقتراحات «انطلقت من الالتزام بتطبيق الدستور اللبناني نصّاً وروحاً وحماية الوحدة الوطنية التي هي الأساس»، نافياً أن يكون من بين هذه الاقتراحات تأليف حكومة ثانية، ومحذراً في الوقت نفسه «من خيار البعض بانتخاب رئاسيّ على أساس النصف الزائد واحداً، لأن مثل هذا التوجّه لن يكون لمصلحة لبنان الواحد».
من جهته، جدّد أبو الغيط للحود دعوة الرئيس مبارك له لزيارة القاهرة في 11 تشرين الثاني المقبل، والمشاركة في افتتاح دورة الألعاب العربية. وبعد اللقاء رأى أبو الغيط أن «موضوع انتخاب الرئيس العتيد أساسي وجوهري، ولن يتم إلّا من خلال الحوار»، موضحاً أن الرؤية التي يحملها هي «رفع الأيدي عن لبنان وترك الأمر لأهله كي يقرروا شأنهم بأنفسهم».

في بكركي

ثم زار أبوالغيط البطريرك الماروني نصر الله صفير في بكركي. ولدى وصوله الى الصرح قال أبو الغيط للبطريرك: «الجوّ عندكم حلو كتير»، فرد صفير بالقول: «لكن الجوّ السياسي مش حلو».
وبعد اللقاء، أشار أبو الغيط الى أنه عبّر عن تأييده لمبادرة صفير «وهذا الجهد الذي يبذله من أجل جمع شمل الطائفة المارونية»، آملاً أن يستمر هذا الجهد لكي يتجاوز لبنان هذا الوضع. وعزا سبب عدم زيارته رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون إلى ضيق الوقت، مشيراً الى أنه سيتحدث اليه هاتفياً. وأوضح أن الرؤية المصرية «تسعى الى تشجيع الأطياف كافة في لبنان على الحوار البنّاء، الذي يقود الى الخروج من هذا الوضع، لأن انتخاب الرئيس هو أمر جوهري، ولكن يجب التحدث في إطار توسيع العملية السياسية وإعطاء التطمينات لكل الاتجاهات لكي نؤمّن انتخاباً ناجحاً ولا تتبعه ظروف صعبة».
وعما إذا كان سيزور دولاً إقليمية مجاورة أو صديقة، والتي يمكن أن تكون لها يد في الاستحقاق سلباً أو إيجابا، أجاب: «الاستحقاق الرئاسي هو شأن لبناني، نسعى إلى المساعدة، لكننا لا نختار ولا ندخل في الشكل الذي قد يُفهم منه أننا نفضّل شخصاً على غيره».

دار الفتوى

وبعد لقائه مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني في دار الفتوى، أكد أبو الغيط أن الاستحقاق سيتمّ في موعده، ناصحاً اللبنانيين «بالوحدة وبالابتعاد عن المصالح الضيقة».
من جهته، علّق قباني أهمية كبرى على زيارة أبو الغيط «في الظروف الخطيرة التي يشهدها لبنان»، لافتاً الى أنه لمس «حرص مصر على إيجاد حلول لبنانية تجنّب لبنان مخاطر الفتنة».

قريطم

وعقب لقاء ثان قصير مع الوزير صلّوخ في وزارة الخارجية، توجّه أبو الغيط الى قريطم، حيث التقى النائب سعد الحريري في حضور نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، النائب باسم السبع، النائب السابق غطاس خوري ونادر الحريري. وبعد اللقاء، رأى أبو الغيط أن «هناك إشارات إلى تحسّس اللبنانيين أن الأمور تقترب من لحظة الحقيقة»، وأشار رداً على سؤال إلى أن «هناك حديثاً مستمراً مع السعودية ومع أطراف عربية أخرى لأن المسألة اللبنانية هي في الأساس اهتمام عربي، ويجب أن تكون كذلك. كما كان لي حديث مطوّل مع الأمين العام للجامعة العربية».
من جهته، أكد الحريري أن التوافق مطلوب في الاستحقاق الرئاسي «وطلبنا الدعم لوقف التدخلات في لبنان».

عين التينة

وزار أبو الغيط الرئيس نبيه بري، بحضور النائبين علي حسن خليل وعلي بزي ومسؤول العلاقات الخارجية في حركة أمل علي حمدان. ورأى بعد اللقاء «أن النقاش مع دولة الرئيس بري كان نقاشاً مفيداً وبنّاءً. والتقت وجهات نظرنا على الكثير من النقاط»، موضحاً أن «الهدف حماية لبنان من كل المخاطر، وقد تشجّعت لما سمعته من دولته الآن».

غداء في السرايا

والتقى الوزير المصري رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في السرايا الكبيرة، بحضور وزير الخارجية بالوكالة طارق متري والأمين العام لوزارة الخارجية بالوكالة بسام النعماني والمستشارين محمد شطح ورضوان السيد.
وتخللت اللقاء مأدبة غداء على شرف الوزير المصري، الذي أعلن أنه نقل الى السنيورة رسالة من مبارك، آملاً «أن يتفق أهل لبنان ومن دون أي تأثيرات خارجية على انتخاب رئيس من خلال توافق عريض، وأن ينجحوا في التوصل اليه قريبا»، وشدّد على «الالتزام بالدستور لأنه هو الذي يحكم الشرعية اللبنانية»، موضحاً أن «المظلة العربية موجودة وممثلة في الجهد الذي يبذله عمرو موسى وهو ينوي إيفاد وفد عالي المستوى للدفع في الاتجاه نفسه».
ورداً على سؤال أكد أن القاهرة لا تسوّق لأي مرشح للرئاسة، موضحاً أن «دعوة قائد الجيش (العماد ميشال سليمان) الى مصر تأتي في إطار دعم الجيش اللبناني، وهو جيش عربي أثبتت التجربة أنه يحتاج الى كل الدعم العسكري من تدريب وتجهيز».
وأكد أبو الغيط أنه لم يتطرق خلال لقاءاته «إلى تسميات أو الى أشخاص، و لم أستمع الى أي ترشيحات او قوائم مثلما يردد البعض».

في الفينيسيا

والتقى أبو الغيط في فندق فينيسيا وزير الطاقة المستقيل محمد فنيش، يرافقه مسؤول العلاقات الدولية في «حزب الله» نواف الموسوي، وقال فنيش بعد اللقاء: «ما سمعناه من الوزير المصري أنه أتى ليوجّه رسالة إلى اللبنانيين يدعوهم فيها الى الوفاق والاستفادة من الوقت، كما أنه لم يقدّم أي موقف تجاه أي مرشح».
ثم التقى أبو الغيط رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، الذي قال: «أوضحنا موقفنا من الاستحقاق الرئاسي، وكم أننا متمسكون به وبحصوله في تاريخه تماماً، وأن أي حلول أخرى كحكومة انتقالية أو انتقال صلاحيات رئيس الجمهورية الى الحكومة الحالية غير مقبولة على الإطلاق».
ورداً على سؤال، قال: «لا أدخل في مزايدات رخيصة لأتخذ مواقف علنية. إن الجميع أصبحوا «مستر توافق»، قبل أن نجتمع في شكل «خنفشاري» أي «مين ما كان يكون» دعونا نتفق على أمر. إذن، الآن نحن في صدد الاتفاق على شيء، مكرراً أن المعارضة ستترحم على المرشحين بطرس حرب ونسيب لحود إذا لم يتم التوافق على أحدهما.
والتقى أبو الغيط الرئيس أمين الجميل الذي أكد انه «لا بد ان نصل الى حل لهذا الاستحقاق، وأن يتم في وقته وبتوافق واسع»،.
واتصل أبو الغيط بالنائبين وليد جنبلاط وعون بعدما تعذر لقاؤه بالأخير لأسباب أمنية. كما زار نواب الأكثرية النيابية في فندق «فينيسيا»، وكانت مداخلات لعدد من النواب شددت على «ضرورة وضع حد لمسلسل الاغتيالات».

اجتماع ثلاثي

وعاد ابو الغيط الى عين التينة ليتوج محادثاته باجتماع ثلاثي ضمه الى بري والحريري، عقد بعده مؤتمراً صحافياً تحدث فيه عن نتائج محادثاته فأشار إلى أن هدف حضوره «هو نقل رسالة معنوية قوية من مصر الى شعب لبنان، بأنها تقف معه لتجاوز هذه المرحلة الدقيقة »، موضحاً أن «الهدف المصري هو الحفاظ على التنفيذ الدستوري لمتطلبات هذه المرحلة، أي انتخاب الرئيس قبل 24 تشرين الثاني». ورأى أنه من «الملائم أن يشمل الحوار اللبناني ـــــ اللبناني الكثير من المسائل الأخرى التي قد تمثل إزعاجاً للرئيس القادم».
وأشار الى أن جميع الذين اجتمع اليهم أبدوا «رغبة اكيدة في تحقيق الاستحقاق الرئاسي عن طريق التوافق»، لافتاً الى أن هناك مساحة عريضة للتفاهم بين بري والحريري «تدعوني الى استشفاف طيب للمستقبل».
وردا على سؤال شجع أبو الغيط «الجانب المسيحي والموارنة كي يقدموا مجموعة الأسماء التي يمكن أن تمثل التواصل اللبناني ـــــ اللبناني»، مؤكداً أن «ليس لدى مصر مرشح تدفع به أو تشجعه. سنؤيد من يختاره القادة اللبنانيون والبرلمان اللبناني من خلال هذه الانتخابات التي نأمل أن تتم وتتم في أسرع وقت».
وأعلن أن هناك اتصالات مصرية مع السعودية وسوريا، آملاً أن «ينتهي الأمر الى تحسين المناخ في ما بينهما».