البقاع ـ عفيف دياب
لا يخفي قيادي حزبي كبير في البقاع دور حزبه، الذي كان يسارياً في يوم من الأيام وتحول إلى طائفي خلال الحرب الأهلية، في تقديم المساعدة ووضع «خبرته الحزبية» في تصرف تيار «المستقبل» لتنظيم صفوف أنصاره، ووضع آليات تنظيمية لعمله الحزبي في البقاع.
ولا يخفي هذا القيادي العريق دور حزبه أيضاً في تشكيل القيادة المحلية لهذا «التيار» الذي أصابته «الأعراض الخلافية»، بعد أقل من سنة على ولادته غير الطبيعية. ويوضح القيادي، الذي أصبح «مرجعاً سرياً» لقادة التيار وأنصاره، و«حكَماً» لحل الخلافات الداخلية» أن «التيار» كاد أن «يلفظ أنفاسه ويصبح في خبر كان لولا مساعدتنا له وتدخلنا السريع بتكليف من قيادتنا المركزية لحل الخلافات الداخلية والصراعات التي أصبحت عنواناً وحيداً لعمله في القرى والبلدات البقاعية، وهذا ما بدأ يؤثر على حضور قوى 14 آذار في المنطقة عموماً، مما اضطرنا إلى التدخل لحل الخلافات ووضع الأمور في نصابها الصحيحهذه المساعدة، أو «الوصاية الجديدة» كما يصفها أحد المعارضين من داخل «المستقبل»، «لا تخلو من أهداف أخرى، فالجمهور الكبير للتيار في مناطق بقاعية محددة يثير حماسة بعض أحزاب الموالاة لاستغلال خلافات التيار الداخلية والعمل على استثمارها واجتذاب بعض كوادره إلى جسمها التنظيمي بهدف الخروج تدريجياً من قوقعتها الطائفية». ويوضح «المعارض»، الذي «أحرج فدفع للخروج الطوعي» من «المستقبل» أن جمهور «التيار» أصبح «جمهوراً يُقاد من حزب حليف يحدد له برنامج عمله اليومي بعدما تدخل لتسمية قيادته وأنزلها بقدرة قادر، ولا نستغرب إذا وجدنا أن بعض أنصار التيار أعضاء في الحزب الحليف بعدما تقدموا بطلبات انتساب إثر مغادرتهم التيار فجأة أو بعد اعتراضهم على قيادته الجديدة». ويتابع أن جمهور التيار أصبح «مَدَداً كبيراً لأحزاب الموالاة التي تعمل على رفع سقف الخلافات داخل صفوفه تمهيداً لضم المعترضين، وهذا ما حصل في إحدى قرى البقاع الغربي حيث تبيّن أن أغلبية المنتسبين الجدد لأحد أحزاب 14 آذار كانوا في تيار المستقبل، أو كانوا في التيار، وبالتالي أصبح التيار يرفد أحزاباً حليفة بجمهور لم يستطع استيعابه أو بالحدّ الأدنى رفض الاستماع إلى وجهة نظرهم في الشأن التنظيمي الداخلي، ولذلك يمكننا القول إن التيار صاحبه الحزب الفلاني، في مشهد لا يختلف عما كان إبان الحقبة السورية، حيث كانت جميع الأحزاب التي تعمل في البقاع بعثية الأداء والشعارات وقياداتها تعينها مفارز المخابرات او تبدي رأياً بهذا أو ذاك».
اختلاف وجهات النظر داخل تيار «المستقبل» في البقاع واستغلال حزب حليف له، شهدا تطوراً اكثر وضوحاً. فـ«حركة لبنان العربي» بزعامة الضابط السابق احمد الخطيب، والتي كانت تعدّ من جسم تيار «المستقبل» شكلًا ومضموناً، وجدت في إعلان استقلالها خير وسيلة للتعبير عن احتجاجها عما يجري داخل التيار وما يتعرض له من «وصاية حزب حليف»، وعلى سياسة وجدتها الحركة متناقضة مع «وجدانها» منذ ايام «جيش لبنان العربي».
ويقول أحد قادة الحركة إن «إعلان الاستقلال التنظيمي ليس موجهاً ضد تيار المستقبل أو أحد من الأحزاب في 14 آذار، فنحن جزء أساسي من قوى 14 آذار، لكن لنا تمايز في الموقف السياسي، مما اضطرنا إلى إعلان حركتنا رسمياً». وعن جمهور الحركة، يقول القيادي في «لبنان العربي» إن «جمهورنا كان في الفترة السابقة في جسم تيار المستقبل، وليس صحيحا على الإطلاق أننا ننافس التيار على جمهور واحد أو أننا نعمل على سحب المعارضين في التيار إلى صفوف حركتنا».
هذا الصراع الحزبي الخفي بين صفوف «الأكثرية» على جمهور واحد يقابله في المقلب الآخر داخل أحزاب المعارضة ما يشبه «الغيبوبة» في عملها التنظيمي. ويقول أحد المراقبين إن قوى المعارضة في البقاع «ليس صحيحاً أنها تنام على حرير، أو أنها مطمئنة إلى جمهورها الذي ينفّذ كل ما يطلب منه من دون اعتراضات تذكر». ويوضح أن أحزاب المعارضة في البقاع تشهد في صفوفها أيضاً «حالات تململ، لكنها لم تصل بعد إلى حد انسحاب بعض المعترضين أو المحتجّين من هذا الحزب إلى ذاك الحزب الحليف، أو تنافس على جمهور واحد». لكنه لا يخفي من خلال متابعته للعمل الحزبي في البقاع «استعانة» أحزاب المعارضة بعضها ببعض و«رفد بعضها بعضاً بالأنصار في دعم غير منظور».
ويوضح أن «حزب الله» يوفر «تربة خصبة في مناطق انتشاره للتيار الوطني الحر للعمل بحرية مطلقة وافتتاح مراكز وإقامة لقاءات سياسية وتنظيمية، وهذا ما ساعد التيار على رفع مستوى حضوره السياسي والشعبي في مناطق لم تنجح قوى الموالاة في ولوجها، مما اضطرها الى تقاسم جمهورها او الدفع نحو خروج اصوات معترضة محدودة الفعل داخل مناطق نفوذ
المعارضة».