strong>صبحي أمهز
بعد 8 سنوات على إقرار قانون الإثراء غير المشروع، لم تُقدَّم أي شكوى قضائية لملاحقة أحد من القائمين على الخدمات العامة. فهل تكمن المشكلة في القانون الذي تصعّب بعض مواده إمكان المساءلة، أم أنه ممنوع في لبنان مساءلة المسؤولين عن مصدر ثرواتهم الفاحشة؟

25 مليون ليرة لبنانية يشترط قانون الإثراء غير المشروع على المواطن المتضرر من هذا الجرم دفعها ككفالة مالية، قبل التقدّم بشكوى قضائية على الموظف المشتبه في ارتكابه أعمالاً أدّت إلى تحصيل ثروة غير مشروعة. قد تكون هذه الكفالة شبه التعجيزية بالنسبة إلى العدد الأكبر من اللبنانيين، أحد الأسباب التي أدّت إلى عدم التقدم بأي شكوى قضائية متعلّقة بالإثراء غير المشروع، منذ إقرار القانون في عام 1999. شرط الكفالة الاستباقية يلحقه خوف آخر يتعلّق بإمكان تغريم المشتكي مبلغ 200 مليون ليرة، فضلاً عن سجنه مدة تتراوح بين ثلاثة أشهر وسنة، إذا أصدر القضاء قراراً بمنع المحاكمة أو بتبرئة المشكو منه. وفي هذه الحال، يحق للمشكو منه أن يطالب الشاكي ببدل مادي عن العطل والضرر اللاحقين به.
النصوص المذكورة الواردة في مواد قانون الإثراء غير المشروع، تطالب حملة «الشباب يحاسب» بتعديلها، مع غيرها من مواد القانون المذكور. وأول من أمس، عقدت جمعية «نحو المواطنية»، لقاءً في فندق روتانا ـــــ جيفينور بمنطقة الحمرا، لمناقشة ما توصلت إليه الحملة، ولوضع آلية عمل المرحلة المقبلة.
وفي بداية اللقاء، عرّفت الناشطة في جمعية «نحو المواطنية»، سحر فرنجية، بالجمعية وأهدافها، لتصل إلى الحديث عن حملة «الشباب يحاسب»، موضحة أن هدف هذه الحملة هو تفعيل دور الشباب في صناعة القرار وتعزيز دورهم في الضغط من أجل تعديل قانون الإثراء غير المشروع. وأشارت فرنجية إلى أن عدد الجمعيات المشاركة في حملة «الشباب يحاسب» بلغ ثلاثين جمعية منتشرة في جميع الأراضي اللبنانية.
بعدها، تحدث المحامي زياد بارود عن الحملة موضحاً أن الإثراء غير المشروع جزء من حملة فساد واسعة. «فالأزمة بالنسبة إلى القانون تتمحور حول آليات تطبيقه». وأضاف بارود: «يجري العمل مع عدد من الجمعيات على مشروع قانون «الوصول إلى المعلومات» حيث يجب أن يكون هناك إلزام بنشر بعض الأمور التي تتعلق بالشعب مباشرة، مثل محاضر مجلس الوزراء، والموازنة العامة...».
إلى ذلك، كانت الحملة قد أوكلت إلى مجموعة من الشباب مهمة التوجه إلى نواب الأمة للتوقيع على مشروع تعديل القانون (الإثراء غير المشروع)، لكن، وبعد الاتصال بحوالى 68 نائباً، تمت زيارة 25 منهم، فإن عدد النواب الموقّعين لم يتجاوز 13 نائباً.
يروي عدد من شباب «الحملة» لـ«الأخبار» ما جرى معهم أثناء جولتهم تلك. يقول محمد محفوظ (تيار المجتمع المدني): «وقّع أحد النواب على التعديل، لكنه سرعان ما مزّق الورقة طالباً نسخة ثانية، وعندما عاودنا الاتصال به لنؤمّن له النسخة، ضاعت الأمور بـ«التلفونات». فتارة عنده اجتماع وتارة أخرى يجيب مدير مكتبه ليقول لنا «مشكورين»، ثم ينهي المحادثة».
بدوره، يقول محمد الحارث (اتحاد المقعدين اللبنانيين): «ذهبنا إلى أحد النواب، وعند اللقاء به، رحّب بنا ثم ابتسم سائلاً: من وين الشباب؟ وعندما علم أننا من خارج دائرته الانتخابية اعتذر عن استقبالنا بلباقة».
أما من ناحية إعلان موعد نتائج تلك الحملة، فقد جرى تحديد الساعة الثالثة من نهار الخميس الواقع فيه 15\11\2007 في مؤتمر صحافي يُعقد في نقابة الصحافة.
يشار إلى أن المادة الأولى من القانون رقم 145 الصادر عام 1999 ، تعرّف الإثراء غير المشروع بأنه:
1ـــــ الإثراء الذي يحصل عليه الموظف والقائم بخدمة عامة والقاضي أو كل شريك لهم في الإثراء، أو من يعيرونه اسمهم، بالرشوة أو صرف النفوذ أو استثمار الوظيفة، أو العمل الموكول إليهم، أو بأي وسيلة من الوسائل غير المشروعة، وإن لم تشكل جرماً جزائياً.
2ـــــ الإثراء الذي يحصل عليه الموظف والقائم بخدمة عامة والقاضي وغيرهم من الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين، سواء عن طريق الاستملاك أو عن طريق نيل رخص التصدير والاستيراد أو المنافع الأخرى على اختلاف أنواعها، إذا حصل خلافاً للقانون.
3ــ نيل أو سوء تنفيذ المقاولات والامتيازات والرخص الممنوحة من أحد أشخاص القانون العام، جلباً للمنفعة إذا حصلت خلافاً للقانون.
بدورها تعدّد حملة «الشباب يحاسب» عدداً من «الثغرات» في القانون، مطالبة بتعديلها، أبرزها:
1ـــــ التصريح غير الشفاف عن الذمة المالية، وبقاء التصريح في غلاف سري مغلق.
2ـــــ تأكيد القانون الحصانات الدستورية الممنوحة للرؤساء والوزراء، وهم الفئة المعنية بالمخالفات والارتكابات التي تتصل بجرم الإثراء غير المشروع.
3ـــــ اشتراط القانون كفالة مالية عالية لتحريك الدعوى الجزائية، والغرامة الباهظة المفروضة إذا لم يثبت الجرم، إضافة إلى العقوبات، الأمر الذي يشل الملاحقة على هذا الصعيد.
4ـــــ تطبيق أحكام مرور الزمن العادية، الأمر الذي لا يتفق مع خطورة وطبيعة الجرم.