عمر نشابة
«الإرهاب، مكانه ليس بيننا» يرتفع هذا الشعار منذ أيام على لوحات إعلانية منتشرة في الشوارع، مع صورة لشخص ملثّم يحمل قاذفاً صاروخياً وتظهر في عيونه ملامح غضب. ويُعد هذا الإعلان جزءاً من حملة لمكافحة «الإرهاب» اجتماعياً وسياسياً بعدما خاض الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي معارك ميدانية مع مجموعات صنّفت قضائياً بالإرهابية في طرابلس والقلمون ومخيم «نهر البارد»، وبعد أن قبض جهاز أمن الدولة ومديرية المخابرات في الجيش على العديد من المشتبه فيهم بتأليف مجموعات «إرهابية». وتبيّن أن أشخاصاً من جنسيات مختلفة ومتعدّدة إضافة الى لبنانيين كانوا في عداد المجموعات «الإرهابية». ويعتقد البعض أن تنظيم «القاعدة» هو مصدر «الإرهاب» بينما يعلن آخرون أنه صنيعة أنظمة ديكتاتورية عربية، ويتّهم هؤلاء النظام السوري بدعم وتمويل وتسهيل تحرّك «الإرهابيين».
لكن لا بدّ من التوقّف هنا عند تعريف «الإرهاب» حتى يُحدّد الهدف بشكل واضح وصريح. «الإرهاب» وسيلة غير مشروعة تستخدمها مجموعات ومنظّمات وتيارات ودول لتحقيق أهداف عدوانية دون التقيّد بالمبادئ الإنسانية المتعارف عليها دولياً. ويمكن تعريف «الإرهاب» بالسلاح غير القانوني الذي تستخدمه العديد من القوى السياسية والعقائدية في العالم اليوم. وليس «الإرهاب» عقيدة بحدّ ذاته. لذا فإنّ مكافحة الإرهاب هي مكافحة أسلوب مواجهة غير مقبول قانونياً، وليست مكافحة عقيدة أو تيار سياسي معيّن. فكلّ جهة تستخدم «الإرهاب» يُفترض أن تُستهدف في «الحرب على الإرهاب». شهد اللبنانيون «الإرهاب» بكلّ أشكاله، وعانوا من ويلاته خلال الحروب الأهلية التي قُتل جرّائها وجُرح وهُجّر الآلاف. كما عانى المواطنون من الاعتداءات والتعذيب والاحتلالات الإسرائيلية «الإرهابية» التي قتلت الأطفال والنساء والشيوخ بأبشع الوسائل. ونزف آخرون من الممارسات «الإرهابية» لأجهزة الاستخبارات اللبنانية والفلسطينية والسورية بحسب التعريف القانوني للإرهاب. وما زالت آلاف العائلات اللبنانية تعاني من «الإرهاب» الذي خطف أبناءها منذ سنين ولا يعلمون عنهم شيئاً...
«الإرهاب مكانه ليس بيننا» وماذا عن ضحاياه؟ أليس مكانهم بيننا؟ هل يجوز أن نحصر تعريفنا لـ«الإرهابي» بذلك الرجل الملثّم بينما وجوه العديد من «الإرهابيين» هي جزء من مشاهداتنا اليومية؟