غسان سعود
نقلت جمعية «نحو المواطنية» النقاش في القضايا السياسية المطروحة إلى مكان آخر، مفسحة المجال أمام الشبان لسماع وجهة نظر أشخاص غالباً ما يلتقونهم ويجادلونهم «على السريع».
فاللقاء الأسبوعي الذي دأبت «نحو المواطنية» على تنظيمه في مقهى التونغا منذ عدة أشهر، خُصص أول من أمس للتعرف أكثر بهموم السائقين و«مقاربتهم» للأوضاع عشية الاستحقاق الرئاسي.
واستهل النقاش بسؤال أحد السائقين عن «تطبيق الدستور»، مؤكداً أن بعض عناصر القوى الأمنية يتخطون القانون وينظمون المحاضر «لأسباب تافهة»، فيما لا يلتفتون إلى الدراجات الناريّة «غير الشرعيّة» التي تجوب الطرق بطريقة جنونيّة، من دون أن ينسى تضمين «المخالفات الدستورية» تساهل القوى الأمنية مع الفانات وباصات الدولة التي تتوقف في نصف الطريق مطمئنة إلى الدعم الذي يوفره لها بعض السياسيين.
واعتبر أحد السائقين أن موعد الخطر الحقيقي هو ما بعد الاستحقاق الرئاسي وتأليف حكومة جديدة، حيث يحكى عن ارتفاع سعر صفيحة البنزين إلى أكثر من ثلاثين ألفاً. ويشير إلى أن أمراً كهذا قد يشكل ضربة قاضية لكثير من السائقين العموميين.
وفي ما يتعلق بالمطالب التي يحتاج إليها السائقون، قال أحدهم إن الكل يعرف هذه المطالب ولا أحد يبالي بها. وقدم زميله اقتراحاً جديداً يقضي بتقديم وزارة السياحة شرحاً للأجانب عن كلفة التنقل في لبنان «حيث يصر بعض السياح على (برم لبنان) بأقل من خمسة آلاف ليرة». وعلى رغم حماسة بعض السائقين لشرح مطالبهم، فإنهم عادوا وهزوا رؤوسهم موافقين على كلام أحدهم على عبثية المطالبة بأية حقوق في ظل «الطقم السياسي الحالي في المعارضة والموالاة».
وأكد السائقون تجنّبهم أن يكونوا طرفاً سياسياً في السجالات بين ركابهم لكونهم أصحاب مصلحة، وقد «فشوا خلقهم» متذمرين من الركاب الذين يتوقفون عند مدخل الجسور مثلاً، أو يجادلون بلغات أجنبية وهم أصلاً يتحدثون العربية، إضافة إلى امتعاضهم من بعض الركاب الذين يبدون من أصحاب الثروات ويفاوضون لحسم 500 ليرة، والبعض الآخر الذي يحول سيارة الأجرة إلى تاكسي خاص، ويطلب إيصاله إلى «صالون المنزل»، وآخرين يشيرون إلى السائق بالتوقف «من شرفات منازلهم» ثم يأخذون وقتهم في الوصول إلى السيارة. والأسوأ، بحسب أحد السائقين، هو تعجرف بعض المواطنين ونظرتهم الدونية إلى السائق الذي غالباً ما يتقاضى أجراً «يتخطى معاشات كثير من المهندسين»، ناهيك بوجود عدد كبير من المتعلمين والمثقفين الذين يعملون سائقي أجرة، للاستفادة من الضمان.
وعن رأيهم في الاستحقاق الرئاسي، «طحش» أحدهم على الميكرو ليؤكد أنهم يفضلون الاستماع إلى مختلف الآراء السياسية من دون تعليق. ولم يخفِ أحدهم تنازله عن حق الرد في كثير من الأحيان حتى لا يحشر زبائنه الذين غالباً ما يستهلون الحديث، ويجهدون لمعرفة طائفة السائق وانتمائه السياسي. أما الحديث عن النقابة فأخرج السائقين عن بروتوكوليتهم، «وخصوصاً أنها دأبت على أخذ 20 ألفاً كل سنة من دون تقديم أي مقابل». وفي ما يتعلق بتلكُّئهم عن المطالبة بحقوقهم، أشار أحدهم إلى صعوبة اعتصامهم بشكل منظم في ظل الأطر الحالية التي تقودهم، وسط إجماع السائقين الحاضرين على أن ارتفاع سعر صفيحة البنزين سيوحدهم وينظم «ثورتهم». وأمام ازدحام أسئلة الحاضرين وتنوع الاحتجاجات على أداء السائقين، ختم سائق بيروتي النقاش بالقول إن «بلدنا أعوج.. ما يضطرنا إلى أن نعوجها قليلاً معه».