حولا ــ الأخبار
في احدى ساحات بلدة حولا (قضاء مرجعيون)، احتشد ليل السبت الماضي، أكثر من ألف شخص من البلدة والقرى المجاورة للمشاركة في العشاء القروي الذي نظمته رابطة إنماء حولا بالتعاون مع المجلس البلدي. وعادت البلدة في ساعات قليلة إلى نمطها المعيشي القديم، فارتدى عدد من النساء والرجال ثياب أجدادهم، الحطة والعقال، والسروال الأسود، والعباءة القديمة. بعض الشبان استخدموا الحمير وسيلة للتجول في ساحة العشاء القروي، أما النساء فطبخن الطعام القروي الذي اشتهر سابقاً على نار موقد الحطب الذي يذكّرهن بنمط معيشتهن السابق أو معيشة أجدادهن، فأكلات المجدرة والمنسوفة وكبة الحيلة والعرنوس المشوي والمسلوق وغيرها كانت توزع على الجميع أثناء جلوسهم على التراب أو «الطراريح» المستعارة من البيوت القديمة. تبادل الجميع الضيافة، ليختاروا أياً من النسوة كن الأفضل في طبخ المجدرة أو غيرها. ولم تخلُ السهرة من العرس القروي، فالعريس حسن يعقوب قرر وخطيبته أن تكون سهرة عرسهما قروية بحضور جميع أبناء البلدة المقيمين والوافدين من أماكن انتشارهم المتنوعة، فزفّت العروس على عربة الخيل، وسط تصفيق حار، وعزف الناي والعود، واحتشد «الدبّيكة» المرتدين السراويل والعقال حول العريسين على منصة أُعدّت لذلك، والنسوة من كبار السن بدأن بإلقاء الزغاريد. وكان لأصحاب الموهبة الزجليّة الحظ الأوفر في التصفيق، فألقى كاظم يعقوب قصيدته الزجلية المستوحاة من معاناة الفلاح وزوجته أثناء عملهما في زراعة الأرض وجني المحصول. الحاجة فاطمة شريم من مواليد عام 1929 كانت فرِحة وهي تأكل المجدرة بين أقربائها وأحفادها، تطلق ضحكاتها العالية وتقول «اي هيدي حياة، مش متل ما عايشين أبناء اليوم، ما في أحلى من الجَمعة على الخبز المرقوق والمجدرة والدبكة، بس المهم الله يحفظ الشباب». ويقول حسين حجازي إنّ الهدف هو العودة إلى الحياة القروية القديمة، لنعيشها، ولو للحظات، بشكلها الطبيعي، ولتدخل في صميم ذكريات الجيل الجديد. فالمشاركة مشجعة، وجميع أهالي البلدة هنا، المقيمون والنازحون، كلهم يقدّم ما لديه. واللافت حضور بعض أبناء المناطق من الذين استقبلوا نازحي البلدة أثناء الحرب الأخيرة». ويرى أحد أبناء حولا واصف حسين، «أنّ أهمية العشاء القروي تكمن في أنّه يجمع أهالي البلدة على المحبة والألفة، بعيداً عن التشنجات السياسية، فنعيش لحظات من الفرح والتسلية في ظروف البلد القاسية، ونتذكر عاداتنا وتقاليدنا القديمة القائمة على المشاركة والعونة». ويذكر أنّ سهرة العشاء القروي بدأت في حولا منذ خمسة أعوام، فكانت تعقد كل صيف بعد التحرير، باستثناء الصيف الماضي، حيث كان أهالي البلدة يمضون سهراتهم تحت القصف أو في أماكن النزوح.