نادر فوز
إنّها الواحدة من بعد ظهر أمس. خرجت جومانا من ثانوية رمل الظريف الرسمية حاملةً بعض الأوراق بانتظار مجيء من يقلّها إلى المنزل. راجعت بعض الأسئلة والأجوبة مع زميلاتها، اطمأنّ قلبها قليلاً لكنّ القلق استمرّ على وجهها، خوفاً من تكرار «مأساة» حزيران الماضي.
في الأيام الأولى لشهر أيلول، وجد عدد من تلامذة الثانوية العامة أنفسهم أمام استحقاق جديد بعدما أخفقوا في امتحانات الدورة الأولى لشهادة البكالوريا.
بلغ عدد الطلاب المرشحّين 2502 طلاب في عـــــــــلوم الحياة، و1074 طالباً في العلوم العامة، و1007 طلاب في الآداب والإنســـــانيـــــــات و6482 طالباً في الاجتماع والاقـــــــــــتصاد. ويتوزع طلاب الثانوية العامة على 55 مركزاً في جميع المنـــــــــــاطق اللبنانية. وقد برز غياب ثلث الممتحنين، وأشار بعض الطلاب إلى أنّ عــــــــدداً كبيراً من زملائهم غابوا عن الـــــــــــيوم الأول للامتحانات، إذ راوح العدد بين أربعة وعشرة طلاب في القاعة الواحدة.
تجمّع الطلاب أمام مداخل المدارس حاملين ما تيسّر من كتب وأوراق علّها تساعد في اللحظات الأخيرة على تذكّر بعض الملاحظات. اختلفت أحوالهم بين الخوف والترقّب وعدم الاكتراث، فمنهم من دخل غير آبه بما يمكن أن يواجهه في الامتحان، وغادر قبل الوقت المحدّد. خرج حسن، «سحب» سيجارة علّها «تريح أعصابي وتساعدني على نسيان ما قمت به في الداخل». ويرى أنّ منع التدخين داخل قاعات الامتحانات كان سبباً رئيسياً في رسوبه خلال الدورة الأولى. «حجـــــة ما بتقلي عجّة»، يردّ أحد أصدقائه، ليبدأ بعدها بسرد بعض الأسباب المنطقية التي ساهمت في رسوبه، ومنها صعـــــــــوبة الامتحانات و«ضربنا في المادتين الأساسيّتين الاقتصاد والاجتماع»، الأوضاع الأمنية غير المستقرّة التي رافقت تحضيـــــــــرات الطلاب للامتحانات وغيرها من الحجج الأخرى.
أمّا سامر، فيطرح سبباً منطقياً وجدياً أكثر بكثير من كل الحجج الاعتيادية الأخرى التي عادةً ما يطرحها الطلاب الراسبون. يقوم سامر بتقديم امتحاناته الأساسية باللغة الأجنبية وهو أمر تسمح به وزارة التربية، إلا أنّ الوزارة لا تصدر كتباً خاصة بهؤلاء الطلاب فتقع مسؤولية دراستهم على بعض الأساتذة، إذ يؤدّي أي تقصير إلى رسوب الطالب في الامتحانات. وهذا ما حصل مع سامر الذي درس في كتاب ترجمه أحد أساتذته في المدرسة، فغفل الأستاذ عن ترجمة عدد من فصول كتب الفلسفة وعلوم الاجتماع والعلوم الاقتصادية. وفي الدورة الثانية، يؤكد سامر أنّه درس بشكل جيّد من دون أي إهمال أي فصل بعدما أعاد ترجمة الكتب. ويختصر كلامه «إن شاء الله منتوفّق».
وتحدث بعض الطلاب كالعادة عن «عاهة» المراقبة التي «تتباين بين فئة وأخرى». فذكّر عدد من الطلاب بما جرى في الدورة الأولى، مشيرين إلى أنه جرت تجاوزات عدة في مدارس المناطق، أو في بيـــــــــروت. وفي ما يخصّ الدورة الثانية، رأى العدد الأكبر من المرشّحين أنّ المراقبة جيّدة، ومتساهلة بعض الشيء. أما السبب، فأتى عفوياً من جانب جاد الطالب في مدرسة الأشرفية الرسمية: «انتصرنا أمس في الشمال، فلا بدّ أن تتساهل معنا الدولة».
أمام هذه التعليقات يبقى الاستحقاق الرسمي أساسياً في حياة الطلاب، إذ يمكن أن يقضي على مستقبلهم الدراسي.