أكّد نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الياس المرّ أن انتصار الجيش في مخيم نهر البارد استأصل أكبر تهديد واجه الشعب اللبناني، موضحاً أن تنظيم «فتح الإسلام» كان يهدف إلى عزل الشمال عن لبنان وإعلانه إمارة إرهابية، وشدّد على أنه بعد «انتصار الجيش لا عودة الى الوراء و لا غدر بلا عقاب ولا جرم بلا حساب» محذّراً من ذهاب «البعض بلبنان الى حكومتين فلبنانين فتذهب هدراً تضحيات ابطال لبنان»، ومن أن يمرّ موعد الاستحقاق الدستوري من دون رئيس للجمهورية.مواقف المر جاءت خلال مؤتمر صحافي عقده أمس في وزارة الدفاع في اليرزة، بحضور رئيس الأركان في الجيش اللواء الركن شوقي المصري ومدير المخابرات العميد الركن جورج خوري ومدير العمليات العميد الركن فرنسوا الحاج.
استُهلّ المؤتمر بالنشيد الوطني والوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح الشهداء الذين سقطوا «نتيجة الاعتداءات الاسرائيلية في حرب تموز ومعركة في مواجهة الإرهاب في نهر البارد وكل شهيد سقط وهو يدافع عن لبنان».
وبعد كلمة لمدير التوجيه العميد الركن صالح الحاج سليمان، تحدث الوزير المر الذي قال: «نُفّذ الأمر، حسم الجيش معركة البارد وسحق أوكار الغدر والإرهاب. لم يتركوا أمام الجيش خياراً، تصوروا صبره ضعفاً، ظنّوا حكمته تردّداً، حسبوا إنذاره كلاماً، فكان القرار واضحاً وحاسماً: إما أن يستسلم القتلة الإرهابيون أو الحسم العسكري».
ولفت إلى أن عدد القتلى الإرهابيين منذ بداية المعارك بلغ 222 إرهابياً، والموقوفين 202، اضافة الى عدد غير محدد بعد من القتلى الإرهابيين طمرهم رفاقهم في مقابر جماعية «خلافاً لكل دين وشرع وإنسانية» مؤكّداً أن «هذا الانتصار استأصل اكبر تهديد واجه الشعب اللبناني لأن تنظيم «فتح الإسلام» كان ليمتدّ وينتشر، مثل الخلايا السرطانية، ليضرب كل جزء من أجزاء الوطن، وكان يهدف إلى عزل الشمال عن لبنان وإعلانه إمارة إرهابية».
وإذ رأى أن الجيش حقق «انتصاراً لكل دولة شقيقة وصديقة لأن هذا التنظيم اتّخذ من نهر البارد ملجأ ومقرّاً لتصدير الإرهاب إلى العالم، معتمداً على عتاة المجرمين الإرهابيين من جنسيات مختلفة، البعض منهم غير موثقين لدى دولهم، مما يتيح لهم حرية الحركة والسفر وإرهاب العالم»، شدّد على أنه «بعد انتصار الجيش، لا عودة إلى الوراء، لا غدر بلا عقاب، ولا جرم بلا حساب(...) ولا خوف على المدنيين الفلسطينيين ولا خوف من الفلسطينيين، لن تكون سلطة الا سلطة الدولة لحماية المدنيين في نهر البارد. فقد دفع الإخوة الفلسطينيون أيضاً ثمناً غالياً لهذا الاختراق الإرهابي». وتناول وضع الجيش موضحاً أن أي كلفة لتعزيزه تبقى أقلّ ثمناً من أي خطر يهدّد استقرار لبنان، معتبراً أن التسليح والتحديث باتا «أولوية وطنية وواجباً دولياً»، و«ليس مقبولاً بعد اليوم، أن يعاني الجيش نقصاً نوعياً وكمّياً في السلاح والتجهيز، فيقاتل جنودنا باللحم الحي».
وجدّد المر الالتزام بـ«حماية الجنوب من العدو الاسرائيلي وتطبيق القرار 1701 ومراقبة الحدود اللبنانية ـــــ السورية ومراقبة المياه الإقليمية وتعزيز الأمن والاستقرار وحماية اتفاق الطائف»، كذلك أكد العزم «على الاستمرار في مكافحة الإرهاب». وشدد على «أهمية الدولة القادرة الموحدة» التي «تحصّن الاستقلال، وتحمي الكرامة الوطنية» محذّراً من ذهاب «البعض بلبنان إلى حكومتين فلبنانين فتذهب هدراً تضحيات أبطال لبنان»، وحذّر من «أن يمرّ موعد الاستحقاق الدستوري من دون رئيس للجمهورية فتكتمل الجريمة في حق لبنان وحق الجيش وشهدائه» معتبراً أن «الدولة التي انتصرت على الاحتلال والإرهاب، لا يجوز أن تهدر إنجازاتها على حلبة الصراع السياسي في دوامة التجاذب والانقسام».
ووجّه المرّ تحية «الى كل الأشقاء والأصدقاء الذين وقفوا إلى جانب لبنان، من المملكة العربية السعودية إلى الإمارات العربية المتحدة ومصر والأردن والولايات المتحدة والمجموعة الأوروبية، وتحية من القلب إلى قائد الجيش أبي الشهداء». وتوجّه إلى اللبنانيين جميعاً قائلاً: «بفخر: لا تخافوا، الجيش معكم، الجيش معكم. عاش لبنان».




أحداث رافقت المعارك: عبوات متنقّلة واغتيال عيدو
عرض خلال المؤتمر شريط مصور عن معارك البارد، وشرح مدير العمليات العميد الركن فرنسوا الحاج تفاصيل هذه المعارك والأحداث الأمنية التي رافقتها، وأشار إلى أن مساحة المخيم هي حوالى 14 كيلومتراً مربعاً على امتداد الشاطئ البحري شمالي نهر البارد (2400 متر طولاً و1400عرضاً، فيما مساحة المخيم القديم هي 800 متر مربع)، موضحاً أن الفصائل الفلسطينية التي سكنته أقامت العديد من الملاجئ والتحصينات والأنفاق للحماية.
ولفت إلى أن شاكر العبسي ظهر بعد انتهاء حرب تموز عام 2006، وأُعلنَت ولادة تنظيم «فتح الإسلام» إثر اشتباك في 23 تشرين الثاني عام 2006، بين اللجنة الأمنية في البداوي وبعض عناصر العبسي واعتقال الجيش عنصرين من التنظيم، مشيراً إلى أن العبسي راح بعد ذلك «يستقدم مناصرين من جنسيات عربية وأجنبية مختلفة، بحيث بلغ عددهم التقريبي زهاء 300 عنصر خضعوا لدورات عسكرية مكثَّفة داخل مراكز هذا التنظيم، وكانت تظهر عليهم علامات التطرف الديني. إضافة إلى ذلك، عمد العبسي إلى جمع الأسلحة الحربية والذخائر والعتاد بكميات كبيرة، وخصوصاً من بودرة الألومينيوم التي كانت تستقدم بطريقة التهريب والتي استخدمت لاحقاً في تفجير العبوات الناسفة وتصنيع المتفجرات».
وتطرق إلى أسباب اندلاع المعركة في 20 أيار الماضي، عارضاً سير العملية العسكرية التي قُسِّمت إلى ست مراحل وتزامنت مع أحداث أمنية هامة «هدفت إلى إشغال الجيش بمهام أخرى وتمثلت بالعديد من التفجيرات» منها: انفجار عبوة قرب محلات «ا.ب.ث» في الأشرفية، انفجار عبوة تحت سيارة في فردان، انفجار عبوة في مدينة عاليه، رمي مجهول لعبوة يدوية في محلة القياعة في صيدا، رمي رمانة يدوية على مراكز الجيش في محيط عين الحلوة، انفجار عبوة ناسفة خلف كنيسة مار تقلا في الضبية، تفكيك عبوات على شاطئ صور، انفجار عبوة في زوق مكايل في معمل نتج منه حريق هائل، إطلاق النار على الشيخ محمد الحاج عضو «رابطة علماء فلسطين» داخل المخيم، انفجار عبوة في محلة المنارة أدت إلى استشهاد النائب وليد عيدو ونجله وأربعة مدنيين، إطلاق صواريخ من الجنوب إلى الأراضي الفلسطينية، اشتباك بين عناصر الجيش والمسلحين إثر دهم أماكن مشبوهة، ومقتل خمسة ومصادرة أسلحتهم، انفجار عبوة ناسفة بدورية إسبانية على طريق نبع الدردارة ـــــ الخيام».
أما الأسلحة التي كانت تستعملها «فتح الإسلام» فهي: مختلف البنادق الخفيفة، مختلف أنواع الرشاشات المتوسطة، مختلف بنادق القنص ومن عيارات مختلفة، قاذفات «آر. بي. جي» مضادة للأشخاص والآليات، أسلحة مضادة للطائرات، صواريخ «كاتيوشا» عيار 107 ملم، هاون من مختلف العيارات، مختلف أنواع المتفجرات المصنعة يدوياً. وتركزت عملياتهم على القنص واستعمال المتفجرات والفخاخ بشكل كثيف».
وأعلن الحاج أن الجيش دفع خلال المعركة «ضريبة مرتفعة وغالية بلغت 163 شهيداً: 13 ضابطاً، 38 رتيباً، 64 فرداً و54 مجنداً، أما الجرحى فكانت إصاباتهم بالمئات بين بالغة وطفيفة».




المصري: سوريا ساعدت الجيش بالعتاد والذخائر والمحروقات


خوري: «فتح الإسلام» ترتبط بالقاعدة ولا معلومات عن علاقتها بدمشق

بعد الانتهاء من إلقاء كلمته، أحال وزير الدفاع إلياس المر الصحافيين على رئيس الأركان في الجيش، اللواء الركن شوقي المصري، ومدير المخابرات العميد الركن جورج خوري، ومدير العمليات العميد الركن فرنسوا الحاج، للإجابة عن أسئلتهم. فأوضح خوري في البداية أن «كل التحقيقات التي حصلت سابقاً، ومن خلال الموقوفين، ومن الاتصالات التي حصلت مع خلايا القاعدة الموجودة خارج لبنان، ومن خلال اعترافات الموقوفين الكاملة، تبيّن أن «فتح الإسلام» يرتبط كلياً بالقاعدة، موضحاً أن بعض العناصر دخل إلى لبنان من الحدود، ومن المرافق الرسمية، وهناك أشخاص غير معروفين دخلوا عبر المطار، وآخرون دخلوا تهريباً».
وأوضح أن المرجع الصالح لإعلان نتائج التحقيق في جريمتي عين علق واغتيال الوزير بيار الجميّل هو القضاء.
وأكد أن ليس هناك علاقة بين «فتح الإسلام» ومخيم عين الحلوة، لافتاً إلى أن «أبو هريرة» كانت لديه علاقة ببعض الأشخاص في المخيم المذكور، كما أن بعض الأشخاص من «فتح الإسلام» لهم علاقة ببعض التنظيمات داخله.
ورد اللواء المصري على السؤال في شأن الذخيرة، فقال: «مبدئياً، قبل حرب البارد كان هناك اتفاق مع الجيش السوري لناحية تعهد بعض العتاد وتقديم بعض الذخائر والمحروقات إلى الجيش اللبناني. وهذا الموضوع استمر، كان قبل انسحاب الجيش السوري من لبنان، واستمر بعد انسحابه من لبنان، وخلال فترة أحداث البارد، وما من طارئ في هذا الموضوع»، موضحاً أن الدول التي شكرها الوزير المر هي التي «قدمت مساعدات خلال هذه المرحلة بالذات». وأشار إلى أن الاتفاق مع سوريا لا يزال ساري المفعول، وسيستمر حتى بعد توقف عمليات البارد.
ورداً على سؤال، أكد العميد خوري أن «الحرب ضد «فتح الإسلام» لم تكن ضد الفلسطينيين (...) وبالتالي ما حصل في نهر البارد ليس بالضرورة أن ينسحب على باقي المخيمات»، مشدداً على أن الجيش سيتصدى لأي عمل إرهابي. وإذا حصلت عمليات إرهابية أخرى ولجأ أصحابها إلى المخيمات، فسنسعى مع الفصائل الفلسطينية لكي تتكفل بوضع يدها على الإرهابيين وتسليمهم إلى السلطة. وإذا تقاعست، أو إذا أحّس الجيش أو الدولة أن هذه المنظمات الفلسطينية تحاول تسهيل وجود إرهابيين جدد في مناطق أخرى أو في مخيمات أخرى، فعندها سيتصدى الجيش لهذا الموضوع وبغطاء سياسي بطبيعة الحال».
وعن تصريح قائد الجيش العماد ميشال سليمان بأن المخابرات السورية لا علاقة لها بتنظيم «فتح الإسلام»، والأسئلة عن آليات تمويل هذه الجماعة وعلاقتهم بـ«بنك البحر المتوسط» ومحاولة سرقته، قال: «هناك كلام كثير عن هذا الموضوع، وهناك شائعات وأمور قيلت يمكن أن تكون صحيحة»، داعياً إلى عدم استباق التحقيق في هذا الموضوع.
وأكد أن تصريح العماد سليمان «هو إجابة عن أسئلة تعلّقت بالعملية التي خاضها الجيش مع «فتح الإسلام» في نهر البارد، وقد صرّح قائد الجيش بأن هذه المجموعات ليس لها علاقة بسوريا أو بالمخابرات السورية. هذا الكلام قيل لأننا، كما سبق أن ذكرنا في هذا الموضوع تحديداً، لم تتوافر لدينا أي معلومات تشير إلى علاقة هذه المنظمة بالمخابرات السورية». وأوضح «أن التحقيقات مع الموقوفين لم تنته».
ورأى أن موضوع تأليف لجنة تحقيق قضائية عسكرية ونيابية موسعة للتحقيق في الأحداث يعود إلى وزير الدفاع، مؤكداً أن «قيادة الجيش ستكون جاهزة للمساعدة في هذا التحقيق».
وإذ أكد أن الجيش على استعداد تام لمواجهة أي طارئ، لفت إلى أن «هناك نقصاً في العتاد والتدريب، لكن الجيش منتشر على كامل مساحة أرض الوطن، وهذا الانتشار يحتاج إلى مستحقات كثيرة تأخرت لديه». وأشار إلى أنه أُقرّت تجهيزات بخمسين مليون دولار، منها ستة وثلاثون مليون دولار لم تُبتّ، رافضاً تحديد الجهة المسؤولة عن التقصير في تسليح الجيش، مشيراً إلى أن هذا الموضوع قديم، وليس حديث العهد.
وعن مصير الموقوفين البالغ عددهم 220، وتحت أي ضغط سياسي أو مقايضة سيجد الجيش نفسه يحاربهم للمرة الثالثة، ومصير التحقيق في عملية الدهم الأولى في طرابلس، قال: «الجيش لم يطلب أي تحقيق في موضوع الشقة، بل بعض السياسيين هم من فتحوا الموضوع. في ما يتعلق بالموقوفين، سنحقق معهم عدلياً وسنحيلهم على القضاء وهو السلطة الصالحة لبت الموضوع».
(الأخبارو وطنية)