نهر البارد ــ عبد الكافي الصمد
إستكمل الجيش اللبناني أمس، في اليوم الرابع من الانتصار، عملية تنظيف ما تبقى من أماكن ومواقع في مخيم نهر البارد، من الأفخاخ والألغام والمتفجرات التي خلفها مسلحو تنظيم "فتح الإسلام" وراءهم، في موازاة استمراره في تمشيط المناطق المتاخمة للمخيم، بحثا عن مسلحين فارين يحتمل هروبهم إليها، بعدما سُجّل في اليومين الماضيين إلقاء القبض على عدد منهم.
ويمكن اعتبار يوم أمس خطوة متقدمة على صعيد تنظيف المخيم من العبوات والاجسام المشبوهة وتفجيرها، وإزالة آثار المعركة ورواسبها، بعدما استقدم الجيش لهذه الغاية أغلب وحدات فوج الهندسة المتخصص في نزع الألغام إلى المخيم، من أجل إنجاز هذه المهمة في فترة زمنية قصيرة، توقع مصدر عسكري أن "تمتد لنحو عشرة أيام على الأقل".
وأشار المصدر العسكري لـ"الأخبار" إلى أن "عملية التنظيف معقدة، ويقوم بها الجنود بحذر شديد، لأن المسلحين لم يتركوا وراءهم شيئا إلا وفخخوه، من الجثث إلى المعلبات، مرورا بالجدران ومداخل الأبنية والأنفاق، كما القذائف وبقايا الأسلحة والذخائر، وكل ما هو موجود في البقعة الأخيرة التي كانوا يتحصنون فيها، حيث يكاد لا يوجد متر مربع واحد أو اقل من ذلك بلا وجود لغم فيه".
وأوضح المصدر أن "المسلحين استحدثوا ممرات لهم داخل أبنية المخيم القديم لتسهيل انتقالهم بين مكان وآخر أثناء المعركة، بحيث أنهم لم يتركوا بيتا واحدا فيه دون أن يخرقوه ويحدثوا فيه فجوات عدة، عدا عن تلغيمهم أكثرية مفروشات وأثاث المنازل التي سيطروا عليها، وحوّلوها إلى مواقع عسكرية لهم".
ومع أن الجيش سحب منذ الأحد الماضي وحتى اليوم من داخل المخيم جثثا للمسلحين، لا يقل عددها عن 11 جثة، إضافة إلى إلقائه القبض على عدد من الجرحى والمسلحين الفارين، فإن المصدر العسكري أوضح في مقابل ذلك أنه "تم سحب جثث عدة من عند الواجهة البحرية، بينها جثة طبيب روسي يرجح أنه كان يشرف على علاج قائد التنظيم شاكر العبسي، إضافة إلى انتشال جثث أخرى للمسلحين من عند مصب نهر البارد"؛ مضيفا أنه "ألقي القبض خلال اليومين الماضيين على مسلح مُقعد كان يقوم بإطلاق رصاص القنص على الجنود من وراء موقع استحدث له داخل المخيم القديم، وأن مسلحا آخر كان يحارب بيد مقطوعة!".
وفي مقابل استمرار الجيش في منعه دخول أي كان إلى المخيم، حتى للصحافيين والمصورين قبل الإنتهاء من تنظيفه بالكامل، إنتقلت المهام العسكرية داخل المخيم وخارجه إلى عهدة اللواء الخامس في الجيش، مدعوما من وحدات اللواءين الثامن والثاني عشر وفوج التدخل الثالث، بعدما غادرت قوات النخبة من فوجي المغاوير والمجوقل المخيم أول من أمس، بعد إنجازها مهمتها.
وعلى صعيد مطاردة مسلحي التنظيم الفارين، ألقت مخابرات الجيش القبض صباح أمس، قرب منشآت نفط طرابلس في بلدة البداوي، على مسلح يحمل الجنسية البنغلادشية، بعدما أبلغ مواطنون عن وجود شخص مشبوه في محيط المنطقة، فضرب الجيش طوقا أمنيا مشددا في محيط المنطقة، قبل أن يُلقي القبض عليه بلا مقاومة، وقد بدا حسب شهود عيان ضعيف البنية ورث الثياب.
وكانت مخابرات الجيش قد ألقت القبض مساء أول من أمس في محلة القبة في طرابلس على مسلح فار يحمل الجنسية التونسية ويدعى بشير محمد الطيب أرمان، أوضح بعد استسلامه بلا مقاومة بسبب اصابة بليغة كان قد تعرض لها سابقا، أنه كان برفقة مسلح آخر تضاربت المعلومات حول جنسيته إذا ما كانت جزائرية أم سعودية.
في موازاة ذلك، استمر الجيش في تمشيط المناطق التي يحتمل فرار المسلحين إليها، ابتداء من محيط المخيم الذي أضرم عناصر الجيش النار في حقول القصب المتاخمة له، للكشف عن احتمال اختباء مسلحين فيها، عدا عن تمشيط مجرى نهر البارد صعودا من مصبه حتى بحيرة عيون السمك عند أطراف المنية وعكار والمنية، فضلا عن قرى سهل عكار وصولا حتى الحدود الشمالية، إضافة إلى أحياء ومناطق في مدينة طرابلس وجوارها، بعدما ألقي القبض على عدد من المسلحين الفارين فيها مؤخراً.
على صعيد آخر، ساهم انتهاء الأعمال العسكرية في مخيم نهر البارد، في عودة اصحاب المحال والمؤسسات التجارية الواقعة على طرفي أوتو ستراد المنية ـ العبدة الدولي، التي كانت قد أغلقت أبوابها منذ اندلاع الإشتباكات في 20 ايار الماضي، فعمد هؤلاء إلى نفض الغبار وإزالة الركام تمهيدا لعودتهم إلى أعمالهم، في حين منع الجيش إعادة فتح المحال والمؤسسات التجارية الواقعة أسفل الأوتوستراد لجهة المخيم، وضمن نطاق دائرة عمله، لأنه ما يزال يعتبر المخيم منطقة عسكرية حتى إشعار آخر.